هو يوم الجدل العراقي المستمر منذ لحظة حدوثه قبل 64 عاما وإلى اليوم، بين من يعتبره يوم “انقلاب” ومن يراه “ثورة”. إنها ذكرى 14 تموز 1958، عندما أنهي الحكم الملكي في العراق، ليتحول إلى جمهوري.

حدثت حركة 14 تموز/ يوليو 1958، على يد العسكر بقيادة “الزعيم” عبد الكريم قاسم، والقائد في الجيش العراقي آنذاك، عبد السلام عارف، وأسفر عن مقتل العائلة الملكية بكاملها، وعلى رأسها الملك فيصل الثاني.

عملية قتل العائلة الملكية جرت في “قصر الرحاب” وسط العاصمة العراقية بغداد، وسُمّيت بـ “مجزرة الرحاب”، وكان الملك فيصل الثاني فارق الحياة حينها عن عمر 23 عاما فقط، لا أكثر ولا أقل.

جرت العملية بمحاصرة قوات من الجيش العراقي، صباح 14 تموز/ يوليو 1958 لـ “قصر الرحاب”، وخروج كل أفراد العائلة الملكية يتقدمها الملك فيصل الثاني إلى باحة القصر، ليفتح الضباط النار على العائلة، فقتلت بالكامل.

إضافة إلى الملك فيصل الثاني، قتل الوصي عبد الإله، وهو خال الملك، وكان وصيا عليه، حتى يبلغ سن النضج لتسليم الحكم له، ناهيك عن قتل رئيس الوزراء، نوري باشا السعيد أيضا في ذلك اليوم.

من وراء “مجزرة الرحاب”؟

بعد مقتل العائلة الملكية، أعلن الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم، “سقوط الحكم الملكي” في العراق، وحلول جمهورية العراق في “بيان رقم 1” من داخل إذاعة بغداد، ثاني أقدم إذاعة في الوطن العربي.

حتى اليوم، لا أحد يعرف من وراء أوامر قتل العائلة الملكية؛ لأن المخطط كان عبر احتجاز العائلة الملكية فقط، وتحويل النظام إلى جمهوري، ويتم ترحيلها إلى خارج العراق، وفق الكثير من المؤرخين العراقيين.

لا يعترف منفذو “الانقلاب” أو “الثورة” بتخطيط مسبق للإجهاز على العائلة المالكة في “مجزرة الرحاب”، ويعدون ما جرى “تصرفا فرديا” أقدم عليه ضابط دون توجيه مسبق، لا من عبد الكريم قاسم ولا من قبل عبد السلام عارف.

في كل عام عندما تحل ذكرى 14 تموز، ينقسم العراقيون إلى قسمين وتدخل البلاد في جدل واسع عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”، بين من يقول إنها “ثورة” ضد الإقطاع وتبعية المملكة العراقية لبريطانيا، وبين من يراها “انقلاب” على الحكم الملكي.

الكثير من العراقيين باتوا يحنّون في السنوات الأخيرة للحكم الملكي، ويعترفون أن ذكرى 14 تموز هي انقلاب وليست ثورة، وبداية الخراب في العراق؛ لأنها أسست للانقلابات الدموية اللاحقة وعسكرة المجتمع المستمرة إلى اليوم.

https://twitter.com/IYL2007/status/1547535680523407360?t=k9xrocx-eDWDWkWkXFaxpA&s=19

الشيوعيين هم أكثر من يدافعون عن فكرة أن ذكرى 14 تموز هي ثورة؛ لأنها منحتهم الحكم بطريقة وبأخرى لفترة قصيرة جدا، استمرت منذ عام 1958 وحتى عام 1963، عندما أعدم رئيس الحكومة وقتئذ، عبد الكريم قاسم في انقلاب 8 شباط/ فبراير 1963، ووصول “حزب البعث” إلى السلظة.

اندثار إرث العائلة الملكية

العراق بقي دولة اشتراكية ذات حزب واحد منذ عام 1958 إلى عام 2003 عندما أسقطت أميركا نظام “حزب البعث” بقيادة رئيس النظام العراقي السابق، صدام حسين، الذي أعدم في 31 كانون الثاني/ ديسمبر 2006.

بعد 64 عاما من حركة 14 تموز، يكاد إرث العائلة الملكية يندثر في العراق، بعد رحيل الأميرة بديعة بنت الملك علي، آخر أميرات الأسرة الملكية الهاشمية في العراق قبل عامين، ووفاة نجلها الشريف علي بن الحسين في 14 آذار/ مارس من هذا العام.

الشريف علي بن الحسين، كان يعد الوريث الشرعي الوحيد للعائلة الملكية في العراق، فهو ابن خالة الملك فيصل الثاني، آخر ملوك العراق، وهو أصغر أبناء الأميرة بديعة بنت الملك علي بن الحسين وخالة الملك فيصل الثاني، التي توفيت في 9 آيار/ مايو 2020.

ولد الشريف علي بن الحسين في بغداد عام 1956م. ونشأ في المنفى بين لبنان وبريطانيا، وكان مع والدته الأميرة بديعة، من أبرز معارضي نظام صدام حسين، وسعيا إلى إعادة تأسيس الملكية في العراق، لكن جهودهما لم تلق دعما واسع النطاق.

كانت الأميرة بديعة مع ابنها الشريف علي بن الحسين هي الناجية الوحيدة من العائلة الملكية التي قتلت في 14 تموز/ يوليو 1958 في “قصر الرحاب” وسط العاصمة العراقية؛ لأنها لم تكن يوم المجزرة في القصر.

أُسّست المملكة العراقية عام 1921، بتنصيب فيصل الأول ملكا على العراق من قبل بريطانيا، ثم نال العراق استقلاله من الانتداب البريطاني عام 1932، واستمر الحكم الملكي 37 عاما، حتى نهايته في 14 تموز/ يوليو 1958.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.