أمراض الزحار والتهاب الكبد والحساسية الجلدية وغيرها من الأمراض المعدية، انتشرت مؤخرا في سوريا بشكل مخيف، بسبب تردي وتدهور الواقع الصحي ونقص المياه وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وانخفاض خدمات الصحة والسلامة البيئية، لا سيما في المناطق والأحياء المأهولة بالسكان، حتى وصل الأمر لأن يستبدل المغتربون الأدوية الفيتامينات بدلا من الهدايا خلال زيارتهم إلى سوريا.

المخابر تغص بالسوريين

وفقا لطبيب في إحدى المختبرات بدمشق، فإن المختبرات والمستشفيات العامة في العاصمة السورية، تشهد إقبالا لعدد كبير من المواطنين لإجراء الفحوصات الطبية، والتي أظهرت وجود نقص كبير لديهم في الفيتامينات، وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، ونقص الكالسيوم الذي يؤدي إلى هشاشة العظم.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، عن الطبيب قوله، إن نقص الفيتامينات الضرورية يساهم في عدد من الأمراض المتفشية ومنها اعتلال الأعصاب، وأمراض المعدة والقلب والتهاب المفاصل وهشاشة العظام والتعب والوهن العام.

ورأى الطبيب، أن اشتداد الأزمات المعيشية كأزمة الدواء التي تفاقمت منذ عامين، بسبب حالة الاقتصاد وارتفاع تكاليف إنتاج الأدوية إلى مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية بعدة مرات، والانخفاض في الإنتاج المحلي كمّا ونوعا، كان من جملة الأسباب لانتشار هذه الأمراض.

وشدد على أن نقص المياه والكهرباء لفترات طويلة، وتدهور خدمات النظافة والسلامة البيئية خاصة في المناطق والأحياء المأهولة، ساهم في تدهور الوضع الصحي في البلاد وساهم في انتشار الأمراض الوبائية، والمعدية مثل الزحار والتهاب الكبد والحساسية الجلدية وغيرها من الأمراض، التي أصبحت أكثر انتشارا خلال فصل الصيف.

أمراض بسبب المياه

يوم الجمعة الفائت، ذكرت صحيفة “الوطن” المحلية، أن المناطق الريفية في محافظة حماة شهدت زيادة في حالات التهاب “الكبد الوبائي”، فبحسب مدير المنطقة الصحية في مدينة سلمية، تم التبليغ عن العديد من حالات التهاب الكبد في منطقة السعن، وفي المناطق الريفية شمال المدينة، على الرغم من أنه لم يتم بعد تحديد مصدر العدوى.

وقال رامي رزوق، أن عينات أخذت من مصادر مياه الشرب الرئيسية التي تغذي الشبكة العامة، وكذلك من عينات من الآيس كريم التي تناولها عدد من المصابين، التي قد تكون أحد أسباب الإصابة، كما تم أخذ عينات من مياه مسبَحين، وتبيّن أن أحدهما بركة ملوثة.

وبحسب تقرير الصحيفة، فإنه بسبب النقص الكبير في الطاقة اللازمة لتشغيل مضخات توزيع المياه، تعاني المناطق عموما من أزمة مياه شرب كبيرة، ما اضطر السكان إلى البحث عن مصادر أخرى للمياه، مثل المياه المعبأة في زجاجات من الآبار التي لا تخضع للرقابة الصحية.

وكانت مدينتا قطنا وعرطوز وقرى محيطة بهما في ريف دمشق قد شهدت عشرات حالات التسمم جراء تلوث مياه الشرب، وردت مصادر أهلية أسباب تلوث مياه الشرب إلى تهتك في شبكة الأنابيب الناقلة للمياه، وتعرضها لتسرب مياه مالحة من حفر فنية أقيمت بشكل مخالف قريبا من مصادر المياه العذبة.

حقائب أدوية بدلا من الهدايا

من المفارقات التي بدأت تظهر مؤخرا لدى السوريين، هو اتساع الطلب على الضروريات حتى من المغتربين في الخارج، فوفقا لما ذكره تقرير صحيفة “الشرق الأوسط”، فقد بدت الحقائب الخمس التي حملها السوري سليم معه من كندا إلى دمشق أقرب إلى صيدلية؛ إذ كان أكثر من 50 بالمئة من محتوياتها عبارة عن أدوية: مسكنات ومتممات غذائية وفيتامينات.

وقال سليم للصحيفة، “ذُهلت والدتي بمحتويات الحقيبة، وأصابها الذعر، لظنها أن تلك الأدوية تخصني، ولم تصدق أن تلك الأدوية هدايا من أصدقائي في كندا إلى ذويهم في دمشق، فسابقاً كنتُ أحمل معي من كندا إلى دمشق هدايا وشوكولاتة وملابس وإكسسوارات من ماركات شهيرة، ولكن في العامين الماضيين راحت تقتصر على الأدوية والفيتامينات المفقودة في سوريا والمبالغ النقدية.

كما نقل التقريرعن أم ريمون تسلمها هدية ابنها المقيم في هامبورغ، والتي أرسلها مع سيدة سورية كانت في زيارة إلى ألمانيا، وتقول إنها انتظرتها بـ”فارغ الصبر”، بعد أن كانت تحصل عليها من صيدلية قريبة تؤمنها من لبنان، لكنها لم تعد هذه الأدوية متوفرة أيضا في لبنان. والأدوية التي تسلمتها أم ريمون هي حبوب ضغط وحديد وأمبولات فيتامين “دال وبي 12”.

الجدير ذكره، أن القطاع الطبي في سوريا شهد في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا، خاصة النقص والارتفاع الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية والنقابية في السنوات الأخيرة. إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.