من أسوأ المشاكل التي تواجه السوريين اليوم انقطاع التيار الكهربائي الذي يستمر لأكثر من 22 ساعة، بسبب إجراءات الترشيد والتقنين التي وضعتها وزارة الكهرباء، ويشكل تعطل معظم الأجهزة الكهربائية المنزلية مشكلة كبيرة وضغطا بالنسبة للسوريين خلال هذا الوقت من التقنين، فالعائلات التي تعاني أصلا من صعوبات اقتصادية وتعيش بميزانية ضئيلة، لا تريد أن تزيد من الأعباء التي تتحملها من خلال دفع أسعار باهظة لإصلاح الأجهزة المنزلية، التي كلفتها بين راتب موظف وأربعة رواتب، أو بين 100 و350 ألف ليرة، لاستبدال محرك غسالة أو براد.

طلب الصيانة بـ300 ألف ليرة

تكلفة التنقل إلى المنازل لإجراء الإصلاحات، والبنزين اللازم لتشغيل المولدة لاختبار القطع الكهربائية، أثناء انقطاع الكهرباء لفترة طويلة ارتفعت إلى مستويات قياسية جديدة، مما جعل إصلاح أي قطعة كهربائية بتكلفة تفوق قدرة المواطن.

المهندس وضاح الخير المشرف على ورشة صيانة، قال لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، إنه لا توجد لوحة إلكترونية “بورد” جديدة سواء للغسلات أو البرادات في سوريا حاليا، وإن وجدت فتكلفتها ما لا يقل عن 500 ألف ليرة سورية، وكلفة تركيبها ستبلغ أكثر من 100 ألف ليرة.

أما تكلفة استبدال المضخة ورولمان وقشاط فتبلغ حوالي 100 ألف ليرة، إذا ما تم إحضار الغسالة إلى مركز الصيانة، أما تكاليف الذهاب إلى المنازل لإجراء الصيانة، تبلغ بحدود 30 ألف ليرة سورية.

أما بالنسبة للثلاجات، فإن تكلفة محرك التبريد، بحسب الحجم والنوع، إن وجد، ارتفعت إلى 300 ألف ليرة، كما ارتفعت أجور التركيب إلى 100 ألف ليرة، وارتفع سعر الغاز الصناعي المستخدم في ملئ الثلاجة إلى مستويات قياسية جديدة.

الجانب الجيد في مكيفات الهواء أنها نادرا ما تحتاج إلى صيانة، بحسب حديث الخير، وغالبا ما تكون لديها مشاكل فقط مع تعبئة الغاز أو المراوح الخارجية، أو المكثفات أو البطاقات أو المراوح الداخلية.

استغلال للأوضاع

الكثير من المواطنين الذين يمتلكون أدوات كهربائية مستعملة منذ عقود يسعون لتصليحها بأي شكل من الأشكال، لأن تكلفة غسالة جديدة حوالي 3 ملايين ليرة.

المواطن حسين زين الدين، قال للصحيفة، إن إحدى شركات الصيانة سبّبت له ضررا مضاعفا وكلفته أموالا لإصلاح الثلاجة مرتين، ولم تعد إلى سابق عهدها، مبينا أنه بسبب الطلب المتزايد على خدماتهم لتصليح الثلاجات ومكيفات الهواء، خصوصا في فصل الصيف، فإن العلاقات مع متخصصين في الصيانة تشكل تحديا كبيرا، إذ نادرا ما يفون بوعودهم.

من جهته، ذكر الدكتور لؤي إبراهيم، الأستاذ بجامعة دمشق، أن هناك أدوات كهربائية منخفضة الجودة في السوق، وأن هذه مهنة صيانة الأدوات الكهربائية لا تزال مطلوبة، فمعدل أجور الساعات في صيانة الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، أعلى من معدل ساعات الأستاذ الجامعي.

وشدد إبراهيم على ضرورة توفير تدريب مستمر على نماذج إلكترونية جديدة، وإصلاح اللوحات الإلكترونية لأصحاب هذه المهن، لأن الأدوات الإلكترونية تتطور باستمرار ولأنها مكلفة جدا، والذين يعملون على إصلاحها هم مجموعة صغيرة جدا من الفنيين. وأشار إبراهيم، إلى أن السوق السورية تحتاج إلى المزيد من الخريجين لهذه المهن، وتحتاج إلى تنظيم العمل والسيطرة عليه.

وفي خضم كل القضايا الاقتصادية التي يعاني منها السوريون ومن بينها محدودية قوتهم الشرائية، بسبب انخفاض سعر صرف الليرة السورية إلى أدنى مستوى له أمام الدولار، وعدم توفر السيولة النقدية لديهم والتضخم السريع واليومي لكل شيء، فإن انقطاع التيار الكهربائي يزيد من معاناتهم بسبب الضغط النفسي، الذي يفرضه عليهم بإبقائهم في الظلام ليلا أو حرمانهم من التدفئة خلال الشتاء أو التبريد في الصيف إلى جانب فساد الطعام، أو عفنه في البرادات والثلاجات.

ويأتي موضوع تصليح الأجهزة الكهربائية، كعبء إضافي، يثقل ساعد السوريين، ويذهب قليل ما في جيوبهم إلى ما هم بغنى عنه، ولكن لا مفر من ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.