منذ الإعلان عن تولي الجزائر لرئاسة الجامعة العربية، تضغط بعض الدول العربية من أجل عودة سوريا إلى الجامعة، حيث عُلّقت عضوية سوريا في جامعة الدول العربية بعد أن رفضت الحكومة السورية مبادرة قدمتها المنظمة العربية لحل الأزمة التي اندلعت في آذار/مارس 2011.

ضمن الاجتماعات التي يستضيفها الأردن، والتي حضرها “الحل نت”، حيث يشارك فيها ممثّلون عن مختلف الدول العربية، وممثلون عن الاتحادات والهيئات العربية المعنية بشؤون الإعلام والاتصال، منذ الثلاثاء الفائت وحتى اليوم الخميس، طرح ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية، والخطوات التي ستمهد لذلك، على أن يتم التصويت عليها في اجتماع مغلق.

سوريا إلى الحظيرة العربية

الآن، تحاول بعض الدول العربية بناء إجماع داخل العالم العربي كشرط مسبق لتقرير ما إذا كان ينبغي على سوريا العودة إلى الجامعة أم لا، فبحسب المجتمعين فإن المسألة السورية معقدة، على أقل تقدير، وأصبحت مرتبطة بديناميكيات إقليمية ودولية أوسع، ومصالح ومقاربات الجهات الفاعلة في الساحة وبات من الضروري عودة دمشق للعرب من أجل الحوار معها.

وفي حوار خاص مع الصحفي والسياسي، محمد الشيباني، المرافق للوفد اليمني، قال لـ”الحل نت”، إن خطوات عودة دمشق إلى الجامعة العربية باتت واضحة المعالم، ويبقى مصيرها في التصويت الذي سيجري في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب.

وبيّن الشيباني، أن الدول العربية بالإجماع باتت حريصة على دعوة ممثل للحكومة السورية، كخيار أولي للمشاركة في القمة العربية المقرر عقدها في الجزائر في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، إذا ما تم التوافق على عودة سوريا رسميا إلى الجامعة العربية، وهو المرجح حاليا.

وأشار الشيباني، في حال نجاح هذا الطرح، سيتم طرح التصويت في قمة الجزائر، لعودة سوريا بشكل رسمي في الجامعة العربية، وعليه سيتم الإجماع على عودتها، كما حصل مع مصر في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في تونس عام 1990.

وبحسب الشيباني، فإن هذا القرار، هو لإعادة ترتيب الأولويات وإعادة تقييم السياسات الخارجية، سواء الإقليمية أو الدولية، حيث بدأت عدة دول عربية في انتهاج سياسات جديدة تجاه سوريا. هذه السياسات تقتضيها الحاجة إلى نهج عملي لتحقيق الأهداف التي طالبت بها هذه البلدان. وهم يطالبون باستعادة الأمن العربي بعد سلسلة من الانتكاسات التي جعلت المنطقة ساحة للقوى الإقليمية والأجنبية لتصفية الحسابات الجيوسياسية على مدى العقد الماضي.

ضغط عربي لتسوية سياسية

بحسب ما رصد “الحل نت” خلال الاجتماعات، فإن مجموعة من الدول العربية، تقود جهود إعادة دمج سوريا في النظام العربي من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دمشق. ويحمل هذا النهج رسالة ضمنية للجهات الأجنبية، مفادها أن الأزمة السورية كانت لها تداعيات سلبية على العالم العربي، وأن استمرارها ينذر بمزيد من التداعيات.

وطبقا لحديث الشيباني، جاءت هذه الجهود بعد أن وضع المجتمع الدولي الأزمة السورية على النار، وأصبحت الأهداف النهائية لسياسات الدول المنخرطة في الصراع السوري غير واضحة، كما أوضحت عدة دول عربية، أن جوهر التحرك العربي “التعامل مع النظام السوري حقيقة وليس رغبة”.

اعتبر الرئيس السوري، بشار الأسد، أن “الجامعة العربية مرآة الوضع العربي”، وأن ما يهم سوريا، هو صيغة ومحتوى ونتاج العمل العربي المشترك. وجاء ذلك بعد تسلم الأسد من وزير الخارجية الجزائرية، رمطان العمامرة، الاثنين الفائت، رسالة من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون.

من جهته، قال وزير الخارجية الجزائرية من دمشق، إن غياب سوريا عن الجامعة العربية يضرّ بالعمل العربي المشترك، موضحا أن “موقف الجزائر واضح من عودة دمشق لشغل مقعدها في الجامعة العربية، والذي تتشارك به مع عدد من الدول العربية خصوصا التي توافدت إلى سوريا خلال الفترة الماضية”.

وألمح العمامرة، إلى أن هناك “جهدا مشتركا بين البلدين من أجل الدفع بهذا الاتجاه، إضافة إلى وجود مشاورات مرتبطة تجري بيننا وبين غيرنا من العرب بهذا الخصوص”.

عودة المشهد العربي

في الوقت الذي تستعد فيه الدول العربية للانعقاد مجددا من أجل القمة السابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية في الجزائر، هناك موضوع واحد يلوح في الأفق على جدول الأعمال: رسم الحل السياسي في سوريا، بحسب ما حصل عليه “الحل نت” من مصادر دبلوماسية حاضرة للاجتماعات الأردن.

وبحسب المصادر، فإن دور عربي سيفرض نفسه على سوريا سياسيا وعسكريا، وستكون الفدرالية واللامركزية إحدى الأطروحات، حيث سيتم دمج للرؤيتين للخروج بشكل جديد للحكم المحلي، بما لا يتعارض مع النظام الحالي في سوريا، ولا يتدخل في سيادة البلاد.

قبول دمشق بالمشروع لم تستبعده المصادر، خصوصا بعد طرحه من قبل دول مقربة من سوريا لم تسمها، وعززه طلب دمشق تأجيل الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، إذ يبدو أن دمشق “قبلت بالدور العربي في حل المعضلة السورية بعيدا عن الغرب”.

تشير المصادر لـ”الحل نت”، إلى أنه بالنسبة لبعض المراقبين، قد يكون هذا المستوى من التعامل مع سوريا بمثابة مفاجأة، على الرغم من المناقشات الخاصة حول إعادة تأهيل سوريا قبل مؤتمر القمة الأخير لجامعة الدول العربية، لكن الدول ذات الوزن الثقيل عززت من الانخراط في سلسلة من الاجتماعات، والمفاوضات والاتفاقيات مع دمشق.

وبالنظر إلى الدور العربي الجديد، فإنه ينظر إلى إعادة الارتباط العربي الأخير مع سوريا، على أنه تغيير مفاجئ في الموقف. بل إنه يمثل أيضا تصعيدا للاتجاهات الجيوسياسية التي تكتسب زخما ببطء منذ عام 2016.

وتؤكد المصادر، أن الدول العربية باتت على يقين بأنه “دون حل سياسي بين السوريين يشارك فيه العرب، لن تنتهي القصة المحزنة، ولن تنتهي بقرار عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.