مع تصاعد دعوات الحوار لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تعصف في البلاد، قدمت مبعوثة الأمم المتحدة لدى العرق جنين بلاسخارات مبادرة لنزع فتيل الأزمة بين الأطراف المتخاصمة.

وتتمثل المبادرة بعقد مؤتمر للحوار برعاية الأمم المتحدة، وتشترك فيه جميع الأطراف الشيعية والسنية والكردية، كما قال عضو الهيئة العامة لـ”تيار الحكمة” رحيم العبودي، مبينا أن بلاسخارت تتوسط حاليا بين الأطراف الشيعية.

وتأتي جهود المبعوثة الأممية، على خلفية زيارتها إلى زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، يوم أمس الجمعة، لبحث الأزمة السياسية الراهنة التي دفعت أنصار الصدر بالنزول إلى الشارع بتظاهرات حاشدة واقتحام البرلمان منذ أسبوع وإعلان اعتصام مفتوح منه احتجاجا على مساعي تحالف “الإطار التنسيقي” تشكيل حكومة جديدة.

في حين يتوقع أن تجري بلاسخارات قريبا زيارة إلى “الإطار التنسيقي”، ما ستترتب على نتائجها الزيارة المرتقبة لزعيم تحالف “الفتح” هادي العامري إلى زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الذي يرفض حتى الآن فكرة الحوار ويتمسك بدعوته بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

 رحيم العبودي، بين لشبكة “رووداو الإعلامية” اليوم السبت، وتابعه موقع “الحل نت”، أن “زيارة جينين بلاسخارت إلى مقتدى الصدر، جاءت ضمن مبادرة لحل الأزمة السياسية في العراق”. 

اقرأ/ي أيضا: بسبب الأزمة السياسية في العراق.. ممثلة أممية تلتقي الصدر

رسائل متبادلة

كما أشار إلى أن “بلاسخارت من المقرر أن تنقل رد الصدر على المبادرة شفهيا أو عبر زيارة إلى الإطار التنسيقي في غضون يومين”، مبينا أن “الإطار سيعقد بعد ذلك اجتماعا لبحث رد الصدر”.

بالتالي أن “زيارة العامري إلى مقتدى الصدر، ستعتمد على نتائج زيارة بلاسخارت للإطار التنسيقي، حيث سيتقرر القيام بالزيارة من عدمه في ضوء رد مقتدى الصدر، بحسب عضو هيئة “تيار الحكمة” المنضوي في “الإطار”.

التقت ممثلة البعثة الأممية لدى العراق جنين بلاسخارت أمس الجمعة، زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الذي يعتصم أنصاره منذ أسبوع داخل البرلمان العراقي.

وأظهر فيديو مصور لحظات استقبال الصدر لبلاسخارات في مقر إقامته بمحافظة النجف، وفي أعقاب اللقاء قالت في مؤتمر صحفي تابعه موقع “الحل نت”، إن “لقاءها بزعيم التيار الصدري كان جيدا”.

وأضافت إنه “بالتأكيد شرف لي أن أجري هذا اللقاء مع السيد الصدر، حيث ناقشنا أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد”، في حين رفضت الإجابة عن ما إذا كانت تحمل مبادرة من القوى السياسية الأخرى، لزعيم التيار.

بلاسخارات قالت أَيضا، إن “أحيانا من الأفضل أن لا نقول الكثير، لكنه كان حديثا جيدا”، مشيرة إلى أنه “بالتأكيد الصدر سيقول ما بجعبته لاحقا”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. “الإطار” يُبدّد حلم الكاظمي بولاية ثانية

استمرار اعتصامات في العراق

يأتي ذلك، أثناء مواصلة أنصار الصدر اعتصامهم لليوم السابع داخل مبنى البرلمان للمطالبة بحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، والقصاص من الفاسدين، ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة الجديدة.

وأول أمس كان الصدر قد دعا في خطاب متلفز إلى حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبرا أنه “لا فائدة ترتجى من الحوار” مع تحالف ”لإطار التنسيقي” في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

وفي خطابه، دعا زعيم التيار الصدري أنصاره إلى الاستمرار باعتصامهم حتى تنفيذ المطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وتحقيق عملية ديمقراطية ثورية سلمية.

كل هذه التطورات تأتي بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري” في 30 تموز/ يوليو الماضي، المنطقة الخضراء وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب ما يدعيه.

أسباب الأزمة

يمر العراق في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة. وهو ما نجح “الإطار” بتحقيقه.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

اقرأ/ي أيضا: حكومة انتقالية في العراق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.