وفقا لخبراء الاقتصاد فإن الأوجه السبعة للاقتصاد في العالم، هي “الرمادي والأسود والأحمر والأبيض والبني والأخضر والأزرق”، وتتعدد معها القضايا والمبادئ، فيما ألمح البعض إلى لونين آخرين هما: الفضي، والبنفسجي، إلى أن أدخل الخبير الاقتصادي المصري إسلام شوقي اللون العاشر الأصفر، ليرمز إلى الاقتصاد الذي يعمل على الطاقة الشمسية، ولكن ما هي الاقتصادات العشرة؟

الاقتصاد الرمادي

في العادة يوصف الاقتصاد غير الرسمي باسم “الاقتصاد الرمادي”، لأنه يعبر عن كافة الأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها أفراد أو مؤسسات غير مدرجة في الإحصاءات الرسمية. ونتيجة لذلك، لا تعي الحكومة أثرها الاقتصادي الحقيقي، ولا تدرج في حسابات المنتجات الوطنية، ولا تجبي ضرائب عليها، ولا يغطي أي نظام للضمان الاجتماعي موظفيها.

ينسب إلى العالم البريطاني أرثر لويس ابتداع مصطلح “الاقتصاد الرمادي”، الذي يستخدم لوصف آفاق العمل أو إنتاج سبل العيش في البلدان النامية في الأغلب، وكان يستخدم ليمثل نوعا من النشاط الذي اعتبر خارج نطاق القطاع الصناعي المعاصر، إذ ولا يحكمه أي جهاز من أجهزة الدولة.

فالاقتصاد الرمادي، الذي يمثل 40-60 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية، يتنوع من حيث رأس المال المستثمر، والدخل الناتج، والتكنولوجيا المستخدمة، وترجع مشاركة البعض فيه، إلى قدرتهم على التهرب من الضرائب، والتحايل على القانون.

الاقتصاد الأسود

إن كل شركة تزاول أعمالها بصورة غير قانونية ومن دون دفع ضرائب تشكل عنصرا حيويا في الاقتصاد الأسود، والمعروف أيضا باقتصاد الظل، أو الاقتصاد السري، أو قطاع الأعمال السرية. وهذا النوع موجود في أغلب الدول، ولو بدرجات متفاوتة، وهو منتشر بصورة خاصة في تلك الدول التي تتمتع بحوكمة رديئة، حيث تنتشر قضايا مثل الظلم الاجتماعي والفساد ومعدلات البطالة المرتفعة والتفاوت الاقتصادي.

وابتدع هذا الاقتصاد من أجل غسيل الأموال للحصول على الأموال بطريقة قانونية، والتكتيكات الملتوية للتهرب من السلطات والضرائب والحوكمة، كل ذلك عبر سرقة المعلومات الخاصة لفتح حسابات مصرفية وبطاقات ائتمانية، والمخدرات، والأسلحة النارية، والعملات المزيفة، والبرمجيات المنسوخة أو المقرصنة بصورة غير قانونية.

الاقتصاد الفضي

عبارة “الاقتصاد الفضي” تشير عادة إلى الاقتصاد المهتم بفئة عمرية معينة عمر 50 سنة فما فوق، وهي تشمل كل النشاط الاقتصادي المرتبط بمطالب الكبار، فضلا عن تأثير ذلك على مختلف القطاعات. وهو ليس قطاع منفرد، بل هو نظام لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات ويهدف إلى استغلال إمكانات شراء المسنين وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية والمعيشية والصحية. ويشمل هذا النظام الإسكان والنقل والطاقة والسياحة والثقافة والخدمات المحلية وخدمات الرعاية الصحية طويلة الأجل، كما يشمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يزداد الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد على مدى السنوات الثلاثين المقبلة، خاصة وأن المستهلكين الأكبر سنا يشكلون شريحة كبيرة وواسعة من العديد من الأسواق، وأن الشباب يمكنهم الاستفادة من المشاركة في المشاريع التي تروق لهذه الفئة العمرية، لأنهم يتمتعون بفرص واعدة تلبي احتياجات الأعمال الناشئة ماليا ولوجستيا.

الاقتصاد الأحمر

إنه الاقتصاد الذي تسيطر فيه الحكومة على غالبية وسائل الإنتاج والتوزيع. وهذا النوع من الاقتصاد يميل إلى الشيوعية، وبعد الإطاحة بالشيوعية في الاتحاد السوفييتي والصين، خسر هذا الاقتصاد قدرا كبيرا من وزنه على الأرض. ومن الجدير بالذكر أنه من أكبر الانتقادات الموجهة للاقتصاد الأحمر هو إدارة النشاط الاقتصادي عن طريق التخطيط المركزي، وتمثل هذه النقطة الجوهرية مشكلة في إدارة الدولة، فدولة عملاقة كالصين في زمن ماو تسي تونغ  أو الإتحاد السوفيتي؛ كان أصغر قرار يتخذ فيها كان يصعد للقيادة العليا في بكين أو موسكو ليتم الموافقة عليه.

هذا بالإضافة إلى غياب المنافسة تماما، فيختفي دافع التطوير وتخفيض التكلفة، ويصبح الدافع الوحيد ليعمل الناس هو أن ينهو وردية العمل اليومية المحددة من قبل الحكومة، وفي كل الأحوال يكون العميل مضمون، لأنه يجب أن يشتري الإنتاج رغما عنه، لأنه لا يوجد بديل منافس من الأساس.

الاقتصاد الأبيض

في كتابه “الاقتصاد الأبيض المسطح: كيف يحول الاقتصاد الرقمي لندن ومدن المستقبل الأخرى”، أطلق بروفيسور الاقتصاد البريطاني، دوغلاس ماك ويليامز، عبارة “الاقتصاد الأبيض” نسبة لاسم مشروب القهوة الذي يحبه أكثر محبو موسيقى الجاز حول العالم، حيث رأى أنهم يمثلون مستقبل الرخاء البريطاني.

ومع بدء هذه الشركات التي تعتمد على الإنترنت في التجمع وحشد التجار حولها، سواء كانوا في المطاعم أو المقاهي، فإنها أصبحت أكثر صداقة للبيئة وأكثر أخلاقية، حيث تعمل في مجالات تدفع الاقتصاد نحو التنمية مثل التجارة الإلكترونية والتسويق.

كما في كتابه الصادر عام 2015 بعنوان “الاقتصاد الأبيض الثابت كيف يغير الاقتصاد الرقمي لندن ومدن المستقبل”، صرح البروفيسور دوغلاس ماك ويليامز، أن الاقتصاد الأبيض هو النظام الذي يحيط بصناعة تكنولوجيا المعلومات بمعناها الواسع، فقد عمل الاقتصاد الأبيض على مضاعفة فرص العمل في لندن وزيادة نمو هذه الوظائف بسرعة بالغة، وخاصة من خلال البيع والتسوق على شبكة الإنترنت.

إن مصطلح “الاقتصاد الأبيض”، الذي يشمل الأعمال الرقمية والإبداعية التي تتركز حول ميدان السيليكون في شمال شرق لندن، والفنون والترفيه، والبحث العلمي والتطوير، فضلا عن الإعلان، وأبحاث السوق، والاتصالات، هو القوة الاقتصادية الأكثر أهمية في بريطانيا.

الاقتصاد البني

هو اقتصاد يعتمد فيه النمو الاقتصادي أو في معظمه على أنشطة تضر بالبيئة، خصوصا باستخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى المستويات العالية جدا من غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأول أكسيد الكربون، ووفقا للبنك الدولي، فإن تلوث المياه والهواء هي السمات المميزة لهذا النوع من الاقتصاد لما له من آثار سلبية. 

والآن وقد بدأت دول عديدة حول العالم بتوسيع تمويل المشاريع النظيفة وتخفيف إجراءاتها في محاولة لتشجيع الاستثمار على تبني أساليب إنتاج مثالية تضع الشواغل البيئية في صلب الجهود الرامية إلى التنمية، نجد أن هذا قد أدى إلى نشوء مفهوم اقتصادي جديد يعرف بـ “الاقتصاد الأخضر”، الذي يساعد بدوره على تحقيق مفهوم التنمية المستدامة، لأن تلوث الهواء وحده الاقتصاد العالمي أكثر من 5 تريليون دولار سنويا.

الاقتصاد الأخضر “البيئي”

بسبب زيادة الضغوط البيئية الناجمة عن النمو الاقتصادي، أصبح من الأصعب تحقيق التنمية المستدامة عن طريق التحول من النمو غير المستدام بيئيا، ورغم أن الاقتصاد الأخضر آخذ في التوسع فإنه ليس جديدا. فهو يقدم رؤية لوجود اقتصادي عادل ومستدام، جنبا إلى جنب مع الحركة البيئية.

وتشير عبارة “الاقتصاد الأخضر” إلى النشاط الاقتصادي والنمو اللذين يمنحان الأولوية للتنمية المستدامة مع التقليل إلى أدنى حد من المخاطر البيئية وزيادة استخدام الموارد الطبيعية المحدودة إلى أقصى حد، ويعتبر الاقتصاد الأخضر نظاما للأنشطة الاقتصادية يعزز رفاهية الإنسان على المدى الطويل دون تعريض البيئة للخطر أو التسبب في نقص بيئي شديد، وفقا لما ذكره برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة.

وبما أن بناء اقتصاد أخضر يشكل سبيلا إلى تحقيق التنمية المستدامة، التي تتضمن التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية ككل، فإن المحللين والخبراء يتوقعون أن يؤدي تطوير الاقتصاد الأخضر وتغيير أنماط الاستهلاك غير المستدامة إلى نمو اقتصادي في القطاعين العام والخاص.

الاقتصاد الأزرق

بعد تطوير فكرة الاقتصاد الأخضر القائم على الطاقة النظيفة، برز الاقتصاد الأزرق دوليا كواحدة من أهم القضايا الاقتصادية. وعلى الرغم من حداثة “الاقتصاد الأزرق”، إلا أنه يحظى الآن باهتمام كبير في العديد من البلدان حول دوائر صنع القرار الاقتصادي والسياسي في العالم. حسب إحصاءات الأمم المتحدة تقدر قيمة النشاطات الاقتصادية للمحيطات حول العالم بما لا يقل عن 24 تريليون دولار أميركي سنويا، وتستند هذه القيمة إلى مختلف الموارد والخدمات التي تتضمنها، مثل النقل البحري، الذي يمثل نحو 90 بالمئة من الأنشطة التجارية العالمية.

كما في أعقاب الحملة العالمية التي بدأتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في عام 2012 من خلال أعمال مؤتمر البيئة العالمي في ريو دي جانيرو بالبرازيل، ينسب إلى الاقتصادي البلجيكي، غونتر باولي، الفضل في صياغة مصطلح “الاقتصاد الأزرق”.

ووفقا للبنك الدولي، فإن “الاقتصاد الأزرق” هو الاستخدام المستدام لموارد المحيطات لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين سبل العيش وفرص العمل، والحفاظ على النظام الإيكولوجي للمحيطات. وهو مصطلح اقتصادي يشير إلى إدارة الموارد المائية والحماية المستدامة للبحار والمحيطات لصالح الأجيال الحالية والمقبلة.

ومن أجل التعجيل بالتنمية الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، ومكافحة الفقر، واستخدام الموارد المائية بشكل مسؤول، فمن المتوقع أن يتوسع الاقتصاد الأزرق بوتيرة مضاعفة على الصعيد العالمي مقارنة ببقية الاقتصادات بحلول عام 2030.

الاقتصاد البنفسجي

ومن خلال مجموعة “ديفيرسيوم”، التي استضافت أول ندوة دولية حول “الاقتصاد البنفسجي” في باريس تحت رعاية “اليونسكو” والاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، ظهرت هذه الفكرة لأول مرة في فرنسا، في صحيفة “لوموند” الفرنسية في عام 2011.

ويعد الاقتصاد البنفسجي، هو شراكة بين الأعمال التجارية والثقافة تهدف إلى إضفاء الطابع الإنساني على العولمة وجلب الاستدامة والنمو الاقتصادي معا، وينظر إليه على أنه موضوع واعد حيث أنه يوفر نموذجا تنمويا ثقافيا لحل الأزمات الاقتصادية، موجها دفة القوة الناعمة.

الاقتصاد الأصفر

يمكن وصف “الاقتصاد الأصفر” بأنه الاقتصاد الذي يهتم بالبحث في مجال الطاقة الشمسية وكيفية استخدامها لتحقيق التنمية المستدامة لأنها المصدر الرئيسي لمعظم مصادر الطاقة، وهي حرة، وغير محدودة، وآمنة، ويمكن الوصول إليها في المناطق التي لا يوجد فيها مصدر آخر للطاقة.

وبحسب شوقي، فإن هناك ضرورة ملحة تلقي الضوء على أهمية “الاقتصاد الأصفر”، خصوصا في ضوء ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء، وارتفاع التكاليف المرتبطة باستخدام الوقود لتوليد الكهرباء، فضلا عن الحاجة إلى الحد من الانبعاثات، وذلك لحماية حقوق الأجيال القادمة في مجالات الطاقة غير المتجددة مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي ولجعل فترة الاستفادة من هذه الثروات طويلة الأجل.

وبحسب ما يراه شوقي، يتعين على العديد من البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، فضلا عن المنظمات الدولية المعنية بالتنمية المستدامة، أن تتبنى الاتجاه المتمثل في استخدام الطاقة الشمسية لتحقيق العديد من الأهداف التي تشكل الأساس لكل تطور، وخاصة التنمية المستدامة. ونتيجة لذلك من الضروري أن تعتمد مختلف دول العالم آلية للاستفادة من الطاقة الشمسية وأن تعمل على إدراج الاقتصاد الأصفر في السوق وإشراكه فيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.