مع استمرار غوص روسيا في المستنقع الأوكراني، وزيادة حدة توترها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، يبدو أن موسكو تسعى لجر إيران إلى مستنقع العداء مع الغرب، لا سيما في ظل استمرار العقبات التي تواجه نجاح الاتفاق النووي الإيراني، ، فضلا عن أن طهران تعتبر من أكثر الدول المهددة لاستقرار الأمن والسلام العالميين، وبالأخص في المنطقة العربية.

فشل الاتفاق النووي؟

إن أي تقارب محتمل بين روسيا وإيران، يعني بطبيعة الحال فشل حتمي، أو تأجيل بأفضل الأحوال، لأي احتمالية تتعلق بتوقيع اتفاق نووي، بين إيران من جهة، والغرب والولايات المتحدة من جهة أخرى، كذلك يرى محللون أن التقارب قد يؤدي إلى مزيد من الاستعصاء السياسي في الملف السوري.

خلال لقاء وزير الخارجية الإيراني بنظيره الروسي  في موسكو يوم الأربعاء،  قال لافروف، “نحن راضون عن الطريقة التي تتطور بها علاقاتنا الثنائية، لقد وصلت إلى مستوى نوعي جديد، والذي سيتم تحديده في اتفاقية كبيرة بين الدولتين”.

وأضاف، “العمل على هذه الوثيقة الآن في مراحله النهائية، ستكون ذات أهمية استراتيجية، وستحدد المبادئ التوجيهية الأساسية لمواصلة بناء النطاق الكامل للعلاقات الروسية الإيرانية في العقود المقبلة”.

ولفت لافروف، إلى أن المباحثات تطرقت أيضا إلى مسألة انضمام إيران إلى منظمة “شانغهاي” للتعاون كعضو دائم، وفيما يخص الملف السوري، صرح عبد اللهيان، بأنه ناقش مع الجانب الروسي مسار “أستانا” ضمن المساعي للتوصل إلى حل في سوريا.

قد يهمك: القصف الإسرائيلي على حلب ودمشق.. خطوة متقدمة للتصعيد؟

معاداة أميركا والغرب

الباحث المشارك في مركز “تحليل السياسات الإيرانية”، مصطفى النعيمي، يرى أن العلاقة بين روسيا وإيران، ستشكل مواقف أكثر صلابة ضد الجانبين، وبالتأكيد ستنعكس سلبا على الاتفاق النووي.

ويقول النعيمي في حديث خاص مع “الحل نت”: “اللقاء الروسي الإيراني، سيسفر عن مواقف أشد صلابة بالنسبة للدول الأخرى باتجاه الجانبين، خاصة إيران، في ظل محاصرة إيران وسعيها لاستكمال برنامجها النووي، فلا يوجد بالنسبة لها حليف أفضل من روسيا التي تتعاون معها في مجال البرنامج النووي بشكل كبير”.

ويضيف: “التعاون بين الجانبين، والتعاون الكبير الذي أبدته إيران في تزويدها للجيش الروسي بالطائرات المسيرة وتدريب الطواقم الروسية بحد ذاته، سيساهم في زيادة الهوة ما بين إيران وروسيا من جانب والمجتمع الدولي من جانب آخر، فما زالت إيران تخضع لعقوبات وتقوم بخروقات كبيرة للعقوبات في مجال تصدير النفط والأسلحة إلى أذرعها المساهمة في حريق الشرق الأوسط، فهذه الانتهاكات حتما تداعياتها خطيرة وستكون ضمن أولويات الغرب نظرا لما تشكله من أعباء مضاعفة في تعطيل العديد من مسارات الحلول المطروحة لاحتواء العديد من الأزمات”.

أستانا والملف السوري

وحول تأثير العلاقات بين روسيا وإيران على مباحثات “أستانا” في الملف السوري، يوضح النعيمي أن: “مسار أستانا لم يعد له أي قيمة مضافة رغم أن مناطق النفوذ ما زالت منضبطة إلى حد كبير رغم وجود الانتهاكات، لكن لا يوجد أي تغيير في خارطة النفوذ للقوى التي تدير مناطق سيطرتها في الداخل السوري، لكن مسار أستانا لم يكن بديلا عن مسار جنيف نظرا لأن مسار جنيف مسارا دوليا، بينما مسار أستانا مسار ضيق ويقتصر عمله منذ انطلاقته على مسألة ترسيم مناطق النفوذ للقوى الفاعلة في الملف السوري”.

ويختم النعيمي حديثه بالقول:  “أرى بأن مسار أستانا سيفقد قيمته بشكل كامل تزامنا مع فتح مسار جنيف، لكن مقرونا ذلك بجدية المجتمع الدولي في إيجاد الحلول الداعمة لتنفيذ مقررات مجلس الأمن لا سيما القرار 2254 الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات ليس للأسد دورا فيها”.

تحالف بدون ثقة؟

رغم هذه الزيارة والتنسيق المتبادل، إلا أن الثقة بين الجانبين تبدو في أدنى مستوياتها، لا سيما بعد أن اتخذت العلاقات الروسية الإيرانية منعطفا جديدا، بعد الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا.

وعملت روسيا على استغلال ملاحقة الصواريخ الإسرائيلية للميليشيات الإيرانية في سوريا، للسيطرة على المواقع التي تتعرض للقصف الإسرائيلي بحجة حمايتها، ووقف هجمات تل أبيب على تلك المواقع كما حصل في ميناء اللاذقية أواخر العام الفائت.

وبحسب تقارير لمحللين في العلاقات الروسية الإيرانية، فإن موسكو استغلت تعثر الاتفاق النووي الإيراني، للمضي في توطيد العلاقات مع طهران، لا سيما وأن التقدم في الاتفاق النووي، سيعني بالضرورة “إحداث صدع في التحالف الاستراتيجي بين الروس والإيرانيين، عبر تقديم إغراءات اقتصادية وجيوسياسية لطهران، بأن تضمن لها وفرة مالية ،والمزيد من إطلاق يدها في الإقليم، بهدف سحبها تدريجيا للمحور الغربي، ومن ثم تجريد موسكو، من أحد أعمدتها الأساسية في الشرق الأوسط، ما يحد من نفوذها في المنطقة“.

الباحث السياسي صدام الجاسر أكد أن روسيا وإيران تسعيان إلى إنشاء “تحالف قوي مع عدة قوى دولية، بسبب انجرارهم للمواجهة مع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن المصالح العديد المشتركة بين الجانبين مؤخرا“.

وقال الجاسر في حديث سابق مع “الحل نت“: “المرحلة دقيقة جدا على الروس والإيرانيين، المرحلة مهمة لإيران في تعثر الملف النووي، ومهمة لروسيا في تعقيد المشهد في أوكرانيا، واحتمال فتح جبهات أخرى“.

ويرى الباحث السياسي، أن التنسيق بين موسكو وطهران يمكن أن يفضي إلى تصعيد عسكري في المنطقة خلال الفترة القادمة، لا سيما في الأماكن التي يتداخل فيها النفوذ الإيراني مع النفوذ الأميركي.

وحول ذلك يضيف: “روسيا ستطلب من إيران التنسيق على المستوى السياسي، زيادة الضغوط على الأميركان في المناطق التي تتداخل فيها النفوذ الإيراني والأميركي خصوصا في الخليج، و من الممكن أن نشهد تصعيدا في بعض دول الخليج، تفعيل الخلايا النائمة أو هجمات بالطيران المسير، فالأمور مرشحة للتصعيد“.

إقرأ أيضا: تهديدات إيرانية لواشنطن بسبب إسرائيل.. أكاذيب وأوهام طهران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.