بعد دعمه العلني عسكريا وسياسيا للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بغزوه لأوكرانيا، لمّح رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قديروف، إلى أنه قد يتنحى عن منصبه الذي يشغله منذ 15 عاما، ما أثار تساؤلات خاصة أن هذه الخطوة تأتي وسط حرب أوكرانيا التي تشارك فيها قواته.

خطوة جريئة

بالتحديد، وفى ليلة أمس السبت، ظهر قديروف في مقطع فيديو على حسابه في “تلغرام”، قال فيه إنه يستحق “إجازة طويلة ودائمة” من منصبه.

وتابع رئيس الشيشان، وهو يبتسم: “لقد أدركت أنني في هذا المنصب منذ وقت طويل، وأعتقد أنه حان الوقت لترك السلطة.

وفي إشارة إلى مقولة شيشانية تقول، إنه إذا غادر الضيف في الوقت المحدد فسيكون الأمر أكثر متعة، وإن كان هذا الضيف يحظى باحترام ومُنتظرا منذ وقت طويل، قال قديروف، إنه لا يريد أن يصبح “ضيفا” ثقيل الظل.

من غير الواضح ما إذا كان قديروف، صادقا في قراره بالتنحي، حيث أشارت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى أن ذلك قد يكون محاولة لكسب بعض التأييد من الكرملين.

ولفتت بعض التقارير، إلى أن تصريحات سابقة أدلى بها قديروف، بهذا الشأن ولم يطبقها، واستشهدت بأخصائيين قالوا إن الرئيس الشيشاني، يستخدم هذه الاستراتيجية للحصول على ما يريده من بوتين.

الذراع الإسلامي لروسيا

لا أحد منخرط في الحرب في أوكرانيا أكثر إثارة للخوف من الرجل الشيشاني القوي رمضان قديروف، على الأقل عندما يتعلق الأمر بوسائل التواصل الاجتماعي.

“الرفيق الرئيس، الرفيق القائد الأعلى، لقد أخبرتك أكثر من مرة أنني جندي المشاة الخاص بك، امنح مقاتلينا الفرصة لاستخدام كل القوة الممكنة لإنهاء هذا بشكل نهائي”، بهذه الكلمات دعا قديروف الرئيس الروسي إلى استكمال الغزو على أوكرانيا بأسرع ما يمكن بعد 8 أيام من بدءها، ردا على الخسائر التي تكبدتها القوات الروسية.

في الحرب الشيشانية الثانية عام 1999، والتي ساعدت في دفع بوتين إلى الرئاسة، غير قديروف ولاءه وقاتل مع الروس، تمت مكافأته في عام 2007 عندما نصبه “الكرملين” رئيسا لجمهورية الشيشان، عن عمر يناهز 30 عاما.

وأظهر قديروف، الملقب بـحسب صحيفة “بوليتيكو” الأوروبية بـ “كلب بوتين المهاجم”، ولاء لا يتزعزع للرئيس الروسي، الذي سمح له في المقابل بحكم الشيشان كإقطاعيته الشخصية. وأنشأ لنفسه كاريزما خاصة حيث صور نفسه بالتناوب على أنه قاسي، وتارة أنه الزعيم الإسلامي لدول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي، لكنه، قبل كل شيء، يقدم نفسه على أنه رجل حرب.

وأعرب قديروف، المدرج في قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي تستهدف العديد من المقربين من الرئيس بوتين، عن دعمه القوي للمتمردين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا ولضم روسيا لشبه جزيرة القرم، كما ساهم في جلب الشرطة الشيشانية، لمساعدة القوات الروسية في فرض المصالحات داخل سوريا.

الإخوان المسلمون وقديروف

بعد تسلمه لمنصبه، واصل قديروف عمل والده في اختيار جماعة “الإخوان المسلمين” الصوفية كحليف رئيسي في الشيشان، والمندرجة تحت مسمى “القادرية”.

وقال الرئيس الشيشاني في وقت سابق: “لطالما كانت جماعة الإخوان معادية لروسيا، لكنها تحولت للمرة الأولى في التاريخ إلى حليف ضد الإسلاميين”.

طور قديروف علاقة مباشرة مع “الكرملين”، متجاوزا مؤسسات الدولة البيروقراطية في روسيا، وهو ترتيب آخر مناسب لكلا الجانبين، وقد أتت ثمارها لقاديروف، حيث مولت روسيا إعادة بناء البنية التحتية في الشيشان، بما في ذلك الطرق الجديدة والمسجد العملاق في عاصمة الجمهورية، غروزني.

يقول سيروين مور، الخبير في شؤون شمال القوقاز والأكاديمي في جامعة “برمنغهام” البريطانية، إن روابط قاديروف بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي تعود إلى عام 2000 على الأقل، عندما أصبح بوتين رئيسا.

وتتهمه جماعات حقوق الإنسان بارتكاب سلسلة من الانتهاكات، بما في ذلك الاختفاء القسري للمعارضين والتعذيب، وأبرزها قتل آنا بوليتكوفسكايا، الصحفية الاستقصائية البارزة التي أدانت أساليبه، بالرصاص خارج شقتها في موسكو في عام 2006، وفي عام 2009، قتل المدافعة الروسية عن حقوق الإنسان ناتاليا إستيميروفا بالرصاص في شمال القوقاز.

من هو رمضان قديروف؟

قبل أن يصبح رئيسا لجمهورية الشيشان في عام 2007، لعب رمضان قديروف العديد من الأدوار بدءا من كونه سائقا شخصيا وحارسا شخصيا لوالده أحمد قديروف، الرئيس الشيشاني السابق، إلى تعيينه لاحقا رئيسا للوزراء. ومع ذلك، يمكن القول إن دوره الأكثر أهمية واستمرارا، كان كواحد من أكثر مؤيدي بوتين ولاء.

ولد رمضان قديروف في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1976 في الشيشان، عندما كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي، وبعد وفاة والده، في عام 2004، تمت ترقية قديروف إلى أول منصب حكومي له كنائب لرئيس الوزراء. ويعتقد أنه في هذا الوقت، منحه بوتين ما يعادل تفويضا مطلقا، حيث يمكنه اللجوء إلى أي وسيلة يراها ضرورية لسحق حركات استقلال الشيشان، والسيطرة على السكان.

في المقابل، زودت الحكومة الروسية، الشيشان بأموال كبيرة لإعادة بناء اقتصادها وبلدها المنهكين، كجزء من برنامج واسع النطاق نسقه قديروف. وبرع قديروف في مهمته وتم ترشيحه كرئيس من قبل بوتين بعد 3 سنوات فقط.

منذ توليه السلطة، قاد قديروف سياسة استبدادية وفرض شخصية حيث نصب نفسه على أنه الحاكم الوحيد للشيشان، وكانت أدواته الأساسية للاحتفاظ بالسلطة هي التخويف، حيث قيل إن أي مرؤوس يجرؤ على التشكيك في سلطته، إما يُجبر على الفرار من الجمهورية أو يقتل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.