مع ارتفاع عدد سكان العراق إلى أكثر من 40 مليون نسمة، وفقا لأخر الاحصائيات الحكومية، وفي ظل فشل الحكومة في استحداث مدن جديدة نتيجة سوء الإدارة ما بعد 2003، وسط تلك الزيادة، يفتقد ملايين العراقيين لمنازل تلم شتات أُسرهم من المنازل المستأجرة، والتي ترتفع كلفة إيجاراتها إلى حدّ كبير تُفاقم هي الأخرى من معاناة المواطنين.

أزمة لم تجد تحركا جدّيا من الحكومات المتعاقبة، لتسبب بمعاناة الكثيرين، منهم أحمد الزاولي، وهو موظف في دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة ديالى شرق العاصمة بغداد، الذي لم يتمكن من تأمين منزل خاص باسمه.

الزاولي، يقول في حديث لموقع “الحل نت“، إن “ارتفاع أسعار البيوت يمنعني من شراء منزل خاص لي، ما دفعني إلى قضاء 10 أعوام، من حياتي متنقلا من منزل إلى أخر“.

ويعزو أسباب ارتفاع المنازل في العراق، إلى سوء إدارة الحكومات التي تعاقبت على العراق خلال الـ 19 عاما الماضية، لفشلها في استحداث مدن جديدة، قائلا: “العراقيين في تزايد مستمر والخرائط العمرانية كما هي لم يتغير فيها شيء طيلة هذه السنين“.

اقرأ/ي أيضا: “انتهينا مشردين”.. معاناة مستمرة بكردستان العراق في ظل القصف التركي

العراقيين وأزمة السكن

كما يضيف، أن “الحياة من دون امتلاك منزل صعبة، لأن المواطن عليه أن يقضي حياته مدان إلى أصحاب المنازل المستأجرة، لاسيما مع ارتفاع كلف الاستئجار في الآونة الأخيرة إلى مستويات غير معقولة“.

الزاولي، الذي يحلم في امتلاك منزل يجمع عائلته به، مثله صفاء المهداوي، الذي يمتلك 19 عاما من الخدمة الوظيفية في الدولة العراقية، غير أنه لم يتمكن من شراء منزله الخاص بعد.

المهداوي، البالغ من العمر 47 عاما، يقول في حديث لموقع “الحل نت“، إن “أعمارنا لم تعد تسعفنا في اللجوء إلى الأعمال الحرة، لتنويع مواردنا الاقتصادية وزيادة مردوداتنا المالية حتى نتمكن من شراء منزل يحتوينا“.

ويضيف، أن “الفوضى التي عاشها ومازال يعيشها العراق، هي السبب الرئيسي في تفاقم أزمة السكن“، مشيرا إلى أن “العراق ومنذ 2003 وحتى الآن تزايد بمعدل الضعف، غير أن المدن بقيت على حالها وهذا ما أدى حتى إلى خراب الوجه الحضاري للمدن، بسبب لجوء الأهالي إلى تقسيم المنزل الواحد إلى عدة منازل مع ازدياد أفراد العائلة الواحدة، وتزوّج الأبناء الذي بكل تأكيد يحتاجون إلى سكن“.

المهداوي، لفت إلى أن “هذا الوضع دفع المواطنين إلى العشوائيات لاسيما في ظل ارتفاع كلف الاستئجار، فضلا عنما تسببه من حالة اكتظاظ سكاني داخل المدن“، ويتأمل بحسرة: “عسى ولعل أن تكافئني الحكومة بقطعة أرض على خدمتي الوظيفية يمكن أن أقوم ببنائها وانتشال أسرتي من هذا الحال“.

اقرأ/ي أيضا: “الأسواق تحولت لمقابر”.. الركود يعصف بالعراق في ظل غياب الموازنة

غسيل الأموال ودوره في أزمة السكن

ليس سوء إدارة الدولة وحدها السبب بأزمة السكن، فحسب الزاولي، فأن “انعدام الأمن، ونشاط عمليات الفساد المالي في الدولة الذي ساعد بشكل أساسي على ظهور طبقة من الأغنياء الذين يمتلكون ثروات فاحشة من خلال الكسب غير المشروع ومن خلال عمليات غسيل الأموال التي يديرونها ارتفعت أسعار العقار في العراق بشكل مريب“.

وبيّن إن “المنزل الذي كان حقه 50 ألف دولار، أصبح الآن بحدود 200 ألف دولار، ومن جانب أخر أن عملية تحول المدن السكنية إلى أسوق تجارية، ساعد أيضا بشكل كبير في ارتفاع الأسعار“، مشيرا إلى أن “في الوقت الحالي في أحد شوارع مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى قد فاق سعر العقار، أسعار لندن، والعديد من المدن الأوروبية“.

الزاولي، أوضح أن “سعر المتر الواحد في ذلك الشارع وصل إلى 10 آلاف دولار فما فوق، في حين تصل أسعار المتر الواحد في مدن أخرى، وتُعد اعتيادية إلى نحو 2000 دولار صاعدا“، متسائلا: “من أين لي بهذا المبلغ؟ ومن أين يأتون بتلك المبالغ من يشترون هناك؟“، ويستدرك بالقول: “أسئلة ربما تجد إجاباتها بالبحث خلف مصدر الأموال وهوية المشتري“.

وبحسب تقديرات رسمية، فأن العراق بحاجة إلى نحو 1,500,000 ألف وحدة سكنية، بصورة عاجلة للوصول إلى نقطة يمكن الحديث معها عن تكافؤ في فرص الإسكان والقضاء على العشوائيات، غير أن خبراء يرون أن، النظام البيروقراطي لايزال عائقا أمام المزيد من مشاريع الإسكان الجديدة، في حين تقديرات غير رسمية تؤكد أن، العراق بحاجة إلى نحو سبعة ملايين وحدة سكنية جديدة لسد الحاجة، إذا اعتُبر أن معدل أفراد الأسرة الواحدة أربعة أشخاص.

فيما أشار المستشار الفني لرئيس الوزراء العراقي هيثم الجبوري، اليوم الأحد، أن “الأحداث التي حصلت في بعض البلدان، ومنها لبنان، دفعت أصحاب الأموال إلى الاستثمار في مجال العقارات ببغداد“، بإشارة إلى أسباب ارتفاع أسعار العقارات.

اقرأ/ي أيضا: انتعاش خط السياحة من العراق إلى لبنان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.