مع استمرار الهجمات الجوية والمدفعية الإيرانية على مناطق مختلفة من إقليم كردستان العراق، توصلت الحكومة العراقية لاتفاق لانتشار قواتها العسكرية على الشريط الحدودي مع إيران.

وزارة الداخلية العراقية، أعلنت فتح باب التطوع بصفة منتسب لشرطة حرس الحدود، كي يتم نشر قوة جديدة على الشريط الحدودي مع إيران من جهة إقليم كردستان.

إقليم كردستان العراق الذي يضم المحافظات الرئيسة الثلاثة، أربيل ودهوك والسليمانية، والذي يُعرف باستقرار أمني، مقارنة ببقية المحافظات والمناطق العراقية الأخرى، يقع اليوم بين مطرقة الضربات الصاروخية وسندان الغارات الجوية من الجارتَين، تركيا وإيران الطامعتين والمتنافستين لفرض نفوذهما العسكري والسياسي وحتى التجاري على إقليم يتمتع بكيان دستوري لأكثر من عقدين.

انتشارٌ عسكري

مصادر أمنية كشفت في حديثها لـ”الحل نت” عن انتشار لقوات “الحرس الثوري” الإيراني في مناطق مريوان وهورامان، من الجانب الحدودي الإيراني المقابل للجانب العراقي من جهة منطقة حلبجة في إقليم كردستان.

مدرعات وهمرات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، تُجري استعدادات عسكرية مكثفة بشكل يومي، بهدف الاجتياح البري لأراضي إقليم كردستان، وفقا للمصادر.

إيران تريد توسيع نفوذها في كردستان من خلال الاجتياح البري، بحجة ملاحقة الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لنظام ولاية الفقيه.

طهران تتهم أحزاب المعارضة الإيرانية وعلى رأسها، “الحزب الديمقراطي” الكردستاني الإيراني، وحزب “الكوملة”، وأحزابا أخرى بدعم حركة الاحتجاجات التي تشهدها المدن الإيرانية منذ أشهر، وتتحجج بملاحقة الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة، والتي تتواجد داخل إقليم كردستان منذ نحو 30 عاما، وتتهمها بالمسؤولية عن إذكاء الاحتجاجات الحالية في مدن غربي إيران، والقيام بأعمال عنف ضد قوات الأمن.

اقرأ أيضا: القصف الإيراني لكردستان العراق.. سبب صمت أربيل وأهداف طهران

خلال الآونة الأخيرة استهدفت الضربات الجوية والصاروخية لقوات “الحرس الثوري” الإيراني، مخيمات للاجئين الأكراد في بلدة كويسنجق الواقعة 60 كلم شرق أربيل، كما استهدفت مقر القيادة لحزب “الكوملة” في ناحية زركويز جنوبي السليمانية.

العمليات العسكرية لقوات “الحرس الثوري” جاءت بعد زيارة اسماعيل قاآني قائد فيلق “القدس” الإيراني إلى بغداد.

قاآني الذي تواجه بلاده اضطرابات واحتجاجات متواصلة لأكثر من شهرين، يقوم بتنفيذ مهمة وصفت بالتنفس الاصطناعي للنظام الإيراني، بسبب توسع رقعة الاحتجاجات والتظاهرات في مناطق مختلفة من إيران.

مسؤول إيراني بارز، هدد أثناء زيارة لبغداد بعملية عسكرية برية في شمال العراق، إذا لم يحصّن الجيش العراقي الحدود المشتركة ضد الجماعات الكردية المعارضة، وفقا لما نقلته وكالة “أسوشييتدبرس” عن عدد من المسؤولين العراقيين والأكراد.

عملية كهذه في حال تنفيذها ستكون غير مسبوقة في العراق، بحسب الوكالة، وستفاقم التداعيات الإقليمية في ظل الاضطرابات التي تشهدها إيران، وتعتبرها مؤامرة خارجية، من دون أن تقدم دليلا على ذلك.

الوكالة كشفت، أن التهديد الإيراني نقله قائد فيلق القدس التابع لـ”الحرس الثوري”، إسماعيل قاآني في زيارة غير معلنة للعاصمة بغداد، وجاءت بعد يوم واحد من هجوم صاروخي إيراني استهدف قاعدة للمعارضة في أربيل، وراح ضحيته ثلاثة أشخاص.

خطة سريعة لإيقاف الهجوم الإيراني

المتحدث باسم قوات حرس الحدود المنطقة الأولى كاروان خوشناو، كشف خلال حديثه لـ”الحل نت” عن فتح باب التطوع من قِبل وزارة الداخلية العراقية، بهدف إضافة الآلاف من العناصر، ونشرهم على الشريط الحدودي مع إيران، لمنع انتشار الجماعات المسلحة في تلك المنطقة، وفق تعبيره.

باب التطوع لن يختصر على إقليم كردستان، بحسب خوشناو، ولكن الحصة الأكبر ستكون لمحافظات الإقليم، كون لديها أكبر شريط حدودي مشترك مع إيران، والعمليات العسكرية تقع في هذه المنطقة.

مسؤولون محليون في إقليم كردستان العراق، أفادوا بأن “القصف الإيراني على مناطق شمال محافظة أربيل، عاصمة الإقليم، تسبب بنزوح قسري شمل أهالي 6 قرى، هرب أهلها خوفا على حياتهم، وسط دعوات للحكومة باتخاذ موقف يردع إيران عن انتهاك سيادة البلاد”.

المدفعية الإيرانية واصلت القصف على ناحية سيدكان التابعة لإدارة سوران المستقلة شمالي أربيل مؤخرا، واستهدفت منطقة سقر وبريزين وقرية بريز وقرية كتينة، وتسببت بحالة من الهلع لدى الأهالي، فضلا عن أضرار مادية بالمنازل والممتلكات والحقول الزراعية.

مدير الناحية، إحسان جلبي، قال في تصريح لمحطة إخبارية كردية محلية إن “القصف الإيراني تواصل على مناطق بناحية سيدكان شمال أربيل على مدى أيام مستهدفا، سفوح جبال برزبين وسقر، وأن 6 قرى أخليت من ساكنيها هربا من القصف”.

أهالي تلك القرى نزحوا إلى مركز الناحية ويقطنون مع ذويهم وأقاربهم، بحسب جبلي، وأن أهالي تلك المناطق الحدودية يعتمدون على الزراعة وتربية الحيوانات، وقد اضطر المزارعون إلى ترك مراعيهم والنزوح إلى مناطق آمنة.

رسائلٌ لجهات مختلفة

هدف إيران من تلويحها باجتياح إقليم كردستان، بحسب حديث الباحث في الشأن السياسي أحمد الأنصاري، لـ”الحل نت”، هو إيصال عدة رسائل سياسية وأمنية إلى بغداد وأربيل، وحتى الولايات المتحدة الأميركية.

الرسالة الأولى، وفق الأنصاري، هي “للقيادة الكردية في إقليم كردستان، وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، حيث إن، طهران غاضبة من الأخير بسبب مواقفهم السياسية الأخيرة، وتباين مواقفهم أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية”.

الرسالة الثانية، هي للحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، مفادها أن، “أي محاولة لتقليص النفوذ الإيراني ممنوعة، لذلك فأن التلويح بالهجوم البري، هي رسالة تخويف لبغداد” وفق تعبيره.

بينما الرسالة الثالثة هي “للولايات المتحدة الأميركية بأن، إيران لن تتخلى عن نفوذها في العراق، وأن دعم واشنطن والدول الأوربية للاحتجاجات الداخلية، لن يمنع طهران من توسيع نفوذها الخارجي”.

اتفاقٌ مع السوداني

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، زار العاصمة الإيرانية طهران مؤخرا، والتقى بمختلف القيادات هناك، وعلى رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

السوداني ورئيسي اتفقا على، إخلاء مقرات الأحزاب الإيرانية الكردية المعارضة في إقليم كردستان، وعلى إيقاف أي دعم مقدم من قبل حكومة إقليم كردستان و”الحزب الديمقراطي” الكردستاني لتلك الأحزاب المعارضة، ونشر قوات من الجيش العراقية على الشريط الحدودي بين البلدين، وفقا لما أشارت له مصادر إعلامية مختلفة.

لكن المعارضة الإيرانية في الإقليم ترفض إخلاء مقارها وإلقاء السلاح وتؤكد بأنها “تواصل ما أسمته الكفاح المسلح، للدفاع عن حقوق الكرد في إيران”.

هناك مخاوف كبيرة لدى سكان مناطق كويسنجق وسيدكان وحتى زركويز، من هجوم لإيران، حيث بدأت العوائل بالنزوح من تلك المناطق، فيما ينتظر من الحكومتين العراقية وحكومة إقليم كردستان، باتخاذ مواقف رادعة لإيقاف الهجوم البري المحتمل.

رسالةٌ إيرانية للكرد

مصادر مطلعة كشفت عن مضامين رسالة وصلت من قائد فيلق “القدس” الإيراني إسماعيل قاآني، إلى الحزبين الكرديين في إقليم كردستان، “الاتحاد الوطني” برئاسة بافل جلال طالباني، و”الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

 الرسالة تؤكد وجود حالة من الغضب الإيراني على عدم وجود تحرك فعلي من الحزبين، للتصدي لأفعال أحزاب المعارضة الإيرانية في كردستان، كما أن الرسالة تضمنت تهديدا واضحا باجتياح بري لـ”الحرس الثوري” لمناطق الإقليم، وتثبيت قواعد عسكرية عدة، كما هو الحال مع تركيا، التي لديها أكثر من 20 قاعدة، منتشرة في محافظتي أربيل ودهوك.

حكومة الإقليم طالبت أصدقاءها وشركاءها في بغداد والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة، باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الاعتداءات الإيرانية المستمرة.

محمد نظيف قادري مسؤول العلاقات في “الحزب الديمقراطي” الكردستاني الإيراني خلال حديثه لـ”الحل نت” أكد أنه، “لدينا معلومات دقيقة باحتمال هجوم بري من قِبل قوات الحرس الثوري الإيراني على أراضي إقليم كردستان”.

منذ نحو أربعة عقود تمارس السلطات الإيرانية شتى أساليب القمع والاضطهاد ضد المعارضين خاصة ضد الأحزاب الكردية المناوئة لها، يقول قادري، إنها “تستخدم جميع الأدوات الممكنة لتكميم الأفواه وقتل وتعذيب المعارضين”، وفق تعبيره.

 إيران لم ولن تلتزم بالأعراف ولا القوانين الدولية، وهي لا تعترف بسيادة دول الجوار وتخلق أزمات داخل العراق منذ عام 2003 لكسر إرادة العراقيين، وتتدخل باستمرار في الشؤون الداخلية للعراق، ولمعظم دول المنطقة، بحسب قادري.

اتهامات لحكومة السوداني

السياسي العراقي عبد الرزاق الشمري، اتهم خلال حديثه مع “الحل نت” الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني بالتواطؤ مع طهران، لغرض تسهيل مهمتها لاجتياح أراضي إقليم كردستان.

قد يهمك: القصف الإيراني لشمال العراق.. ما الذي تريده طهران؟

 الحكومة العراقية الحالية لديها مختلف الوسائل لمنع الهجوم الإيراني المحتمل، من بينها قطع العلاقات الاقتصادية، وتقديم شكوى لدى مجلس الأمن، لكنها حكومة تابعة لـ”الإطار التنسيقي” الموالي لطهران، بحسب الشمري.

وسط اتهامات لحكومتي بغداد وأربيل بالصمت والخنوع، وعدم التصدي بالشكل المناسب للضربات الجوية والمدفعية الإيرانية المتكررة، يصيب الذعر والخوف أهالي إقليم كردستان العراق، كما أن أسعار الأسواق ارتفعت نتيجة المخاوف من الهجوم المحتمل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.