لطالما كانت الأسواق هي المكان الوحيد الذي بات يجتمع فيه الناس على شيء واحد هو شراء الفرحة، فصخب السوق قبل أيام من العيد هو مشهد يستحق المشاهدة، فعلى الرغم من الحالة الاقتصادية لمعظم الأهالي، استمرت المحلات التجارية في أسواق المدن السورية بالبقاء مفتوحة حتى الساعة الثالثة صباحا. 

أصحاب المحال التجارية مصممون على الحفاظ على أعمالهم قائمة على قدميها رغم الصعوبات التي يواجهونها، فهم مرنون وقد تكيفوا مع الظروف المتغيرة للسوق، إلا أن تدفق الناس وإقبالهم منذ بدء آخر عشرة أيام من شهر رمضان لم يكن على الملابس الرجالية والنسائية، بل إن الطلب الأكبر هو على لوازم الأطفال، فما القصة.

الإقبال أفضل من الأعوام السابقة

الحراك والازدحام في الأسواق السورية انعكاس للظروف الصعبة التي يواجهها الشعب السوري. يضطر الناس إلى العيش يوما بعد يوم والاكتفاء بما لديهم. إلا أن المحلات التجارية في أسواق دمشق شاهدة على الإقبال الكبير، فيما يُعد الطلب على لوازم الأطفال.

أسواق دمشق (فرانس برس)
Syrians walk at Damascus’ al-Hamidiyah souk on the second day of the Muslim holy month of Ramadan on June 7, 2016. More than a billion Muslims observed the start of Ramadan but in the besieged cities of Syria and Iraq residents struggled to mark the holy month. / AFP / LOUAI BESHARA (Photo credit should read LOUAI BESHARA/AFP/Getty Images)

في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، قال رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، محمد أبو الهدى اللحام، إن الطلب الأكبر خلال موسم العيد الحالي على شراء حاجيات ولوازم الأطفال من ألبسة وأحذية وغيرها على حين أن الطلب على الرجالي والنسائي يُعتبر ضعيفاً.

اللحام أوضح بأن الحوالات الخارجية ازدادت بشكل كبير خلال الفترة الحالية وهي تعتبر من أبرز العوامل التي ساهمت في تحريك السوق إضافة إلى أصحاب المهن والحرف الذين يحصلون على دخل كبير نتيجة ارتفاع أجورهم وهؤلاء ساهموا في تحريك السوق.

اللحام أكد أيضا، أن الموظف الذي يحصل على دخل ضعيف غير قادر على شراء مستلزمات العيد إذ إن نسبة منهم يعتمدون حالياً على الحوالات التي تصل إليهم وليس على دخلهم، موضحاً بأن رفع سعر الصرف من المصرف المركزي وجعله مقارباً للسوق الموازي ساهم في زيادة الحوالات القادمة إلى سوريا.

بدوره قال نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، ماهر الأزعط، إن نسبة جيدة من المغتربين عادوا إلى البلاد قبل العيد الأمر الذي ساهم في تحريك السوق، مؤكداً بأن الأسواق تشهد خلال موسم العيد الحالي حالة انفلات غير طبيعية في الأسعار لم نشهدها في أي عيد سابق.

أرباحها تصل لـ 100 بالمئة

تبعا لما قاله اللحام عن الإقبال على لوازم الأطفال، فإن صحيفة “البعث” المحلية، أكدت في تقرير لها نُشر الأحد الفائت، أن هناك لغزا في ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال أضعاف نظيرتها للكبار، فسرعان ما تجحظ العيون مع قراءة  أسعار ألبسة الأطفال المزيّنة لواجهات المحال

الصحيفة تساءلت حول أن التسعير بهذا الشكل بقصد تحديد وتنظيم النسل بحيث يُجبر رب الأسرة على الاكتفاء بولد أو اثنين بأحسن الأحوال كون إكساءهما أقل وطأة من ثلاثة أو أربعة أطفال إن لم يكن أكثر، فسعر معطف لطفل عمره سنتان يبلغ 300 ألف ليرة سورية، أو يزيد، علما أن أبعاده لا تتعدى الـ 50 سم طولا وعرضا، في حين أن نظيره الرجالي الطويل ربما لا يلامس سعره سقف الـ 200 ألف.

سبب ارتفاع أسعار هذا النوع من الألبسة في سوريا برأي التجار يعود لعدم قدرة المنتجات الأخرى على منافستها، سواء من ناحية الموديل والقالب، أو من ناحية الإكسسوارات والتصاميم والألوان، كما أن أرباح هذه السلع عالية جدا وقد تصل أحيانا إلى نسبة تقارب الـ 100 بالمئة على اعتبار أنها محررة، مشيرين إلى أن الأب السوري لا يستطيع أن يشتري لأولاده أحدث موديلات الموضة.

وبالعودة إلى اللحام، فخلال تصريحاته طالب بضرورة إعادة النظر في رواتب ودخل كل الفئات سواء الموظف في الدولة أم غيره، وذلك انعكس على الحلويات والطلب على شراء الألبسة الرجالية والنسائية.

بورصة “ألبسة العيد”

على إثر اندفاع الناس إلى الأسواق لشراء ملابس العيد الجديدة ولا سيما لأطفالهم، بدأت بعض المحال في العاصمة دمشق بعرض موديلات جديدة للملابس، ولكن بأسعار خيالية. 

متوسط سعر البنطال الجينز النسائي بلغ 85 ألف ليرة سورية ذي الجودة المتوسطة، أما البلوزة النسائية فتراوح سعرها بين 45-70 ألف ليرة، ووصل سعر القميص النسائي إلى 65 ألف ليرة، ذي الجودة المتوسطة أيضا.

كذلك الأمر بالنسبة للألبسة الرجالية، فقد وصل وسطي سعر البنطال إلى 80 ألف ليرة، والبلوزة إلى 50 ألف ليرة، والقميص 60 ألف ليرة فما فوق.

بالاستناد إلى الأرقام المذكورة هذه، فإن سعر القطعة الواحدة منها يعادل إما نصف راتب موظف حكومي أو ثلثه، وبالتالي إذا اقتنى مواطن قطعتين أو ثلاث قطع لنفسه، فإن هذا سيكلّفه كامل راتبه، ولكن ماذا عن باقي أفراد أسرته وخاصة الأطفال، بالإضافة إلى مستلزمات العيد الأخرى مثل الحلويات والقهوة وغيرها.

على إثر هذا الغلاء ولا سيما ارتفاع أسعار الملابس بنسبة 200 بالمئة في الأسواق السورية عن العام الماضي، لا شك أن نسبة كبيرة من السوريين ستمتنع عن شراء ملابس العيد وستكتفي إما بشراء قطعة واحدة لأطفالهم، أو قد لا يتمكنون من شرائها أيضا. ويبدو أن معظم السوريين لن يفكروا في شراء جميع مستلزمات العيد بعد هذه الأرقام الفلكية لأسعار السلع، وسيحصرون احتفالهم ببعض حلويات العيد المصنوعة في المنزل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات