مع ارتفاع درجة الحرارة واقتراب فصل الصيف، تشهد أسعار بعض السلع ارتفاعا غير مسبوق، حيث فوجئ عدد من السوريين بارتفاع أسعار أنواع المثلجات والآيس كريم “البوظة” المباع في الأسواق، رغم أن هذا الارتفاع لم يكن ملحوظا في السنة الماضية.

هذا ولم يكن زيت الزيتون بمنأى عن ارتفاع الأسعار للمواد والسلع في سوريا، حيث بات البيدون منه بسعة 16-17 كيلو يُباع بسعر يتراوح بين 400-410 آلاف ليرة سورية أي بزيادة حوالي 60 بالمئة عن العام الماضي وسط عجز الحكومة عن السيطرة على الأسعار في الأسواق بالتزامن مع تدهور قيمة الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي.

إذاً زيت الزيتون والمثلجات في طليعة أسعار الصيف الملتهبة في الوقت الحاضر، وقبلهما بأيام قليلة، ارتفعت أسعار فواكه الصيف التي وصفت بـ”الخيالية”، ومع حلول فصل الصيف في الأسابيع المقبلة، لا شك أن أنواعا أخرى من السلع سترتفع، مما سيعمّق الفجوة بين الرواتب والأجور وتكاليف المعيشة.

أسعار زيت الزيتون “مجحفة”!

الأسعار التي كما يبدو اتفق عليها تجار الزيت فيما بينهم لتسعير الزيت، يراها الأهالي مجحفة ولا تتناسب مع ميزانيتهم التي ادّخروها لشراء الزيت الذي يُعد مادة أساسية في كل منزل ولا يمكن الاستغناء عنها، حسبما يوضح تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الإثنين.

أحد السكان يقول في هذا الصدد، إنه في ظل غلاء المعيشة وصعوبة تدبّر جميع متطلبات الأسرة، من الصعب على عائلة متوسطة الدخل أن تشتري بيدون زيت بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل اللامنطقي، حيث يتجاوز سعر البيدون الـ 400 ألف ليرة، بينما يُقدّر راتب الموظف الحكومي قرابة الـ 156 ألف ليرة.

هذا وقد اعتاد الأهالي على تخزين العديد من المواد الغذائية، دعما لمخزونهم الغذائي طوال فصلي الشتاء والربيع، بغية الإسهام في تخفيف النفقات والمصاريف المعيشية اليومية، ذلك لأن هذه الأصناف الغذائية غير متوفرة في فصل الشتاء وفي حال توافرت فستكون غالية الثمن وطعمها غير جيد مثل مواسمها الطبيعية.

غير أنه خلال العام الماضي تجنّب الكثير من السوريين صنع “المونة” نتيجة غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، وكان من بين هذه المواد التي تُخزّن عادة؛ زيت الزيتون، لا سيما وأنه يعد أحد المكونات الأساسية في صنع “المكدوس” الشهير في سوريا، وبالتزامن مع هذا السعر المرتفع لزيت الزيتون، يبدو أن نسبة كبيرة من السكان ستمتنع عن شرائه والاكتفاء بالزيوت النباتية ذات الجودة المنخفضة، سواء في الطبخ أو في صنع “المونة” وتحديدا “المكدوس”.

أسباب غلاء زيت الزيتون

في المقابل، عزا عدد من المزارعين للموقع المحلي، ارتفاع أسعار زيت الزيتون إلى عدة عوامل وخاصة في السنوات الأخيرة ومنها تأثير التغيرات المناخية بطريقة سلبية على المحاصيل كافة بشكل عام، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف المتعلقة بمستلزمات الإنتاج كالحراثة والتقليم وجني المحصول، وتعرض محصول الزيتون للكثير من الجانحات المَرَضية وأهمها عين الطاووس وارتفاع تكاليف عصر الزيتون.

بدوره، أكد رئيس “اتحاد فلاحي اللاذقية” أديب محفوض، أن بيدون الزيت العادي يُباع من قِبل المزارع بسعر 400 ألف ليرة، مبينا أن سعر كيلو زيت الزيتون قريب من سعر الزيوت النباتية كالذرة وعباد الشمس، إلا أنه أفضل منها من حيث الجودة والنوعية، ناهيك عن أن زيت الزيتون معلوم المصدر بالنسبة للمستهلك.

محفوض أشار إلى أن الجولات التي تقوم بها الجمعيات الفلاحية الموجودة في مختلف أنحاء المحافظة على الأراضي المزروعة بالزيتون تشير إلى أن الموسم الحالي ليس وفيرا. وفي جولة على أسواق اللاذقية، تبيّن أن ليتر الزيت النباتي بين 18-20 ألف ليرة، فيما يُباع ليتر زيت الزيتون بين 23-25 ألف ليرة.

يذكر أن سعر بيدون زيت الزيتون العام الماضي سجل وسطيا 250 ألف ليرة وبلغ إنتاج اللاذقية من محصول الزيتون للموسم الماضي 210 آلاف طن، إذ تُعد زراعة الزيتون في اللاذقية الزراعة الأولى من حيث المساحة، وتمتد على مساحة 45 ألف هكتار، وعدد أشجار الزيتون يبلغ نحو 10 ملايين شجرة مثمرة.

تكاليف الزيتون لا تقتصر على الري والفلاحة والأعمال التي تسبق القطاف، وإن كانت أساسية ومهمة، فعند الوصول إلى موسم عصر الزيتون بعد منتصف تشرين الأول/أكتوبر من كل عام تبدأ تكاليف أخرى بالظهور ويتم التعامل معها بشكل مختلف بين شخص وآخر من المزارعين.

الارتفاع غير المسبوق في تكاليف إنتاج زيت الزيتون، يترك آثاره على سعر مبيع ليتر الزيت، وأكد منتجون في وقت سابق أن هنالك أرقاما كبيرة يدفعونها لقاء كل عبوة زيت، حيث يشعر غالبية المستهلكين بوطأة سعرها، موضحين أن تكاليف إنتاج الزيت تتوزع على أكثر من مرحلة، فهي تصل إلى أكثر من 400 ألف ليرة لكل دونم زيتون، وتتوزع بين تكاليف حراثة الدونم التي تصل إلى 80 ألف ليرة، وأجرة عامل التقليم 25 ألف ليرة يوميا، ويصل سعر كيس السماد الواحد إلى 250 ألف ليرة. وعلى الرغم من انخفاض قيمة الليرة وارتفاع سعر تنكة الزيت لحوالي ربع مليون ليرة خلال العام الماضي، إلا أن دخل الأهالي متدني، وشراء تنكة زيت يحتاج راتب شهرين تقريبا.

غلاء “البوظة”

لا يقتصر الأمر على غلاء أسعار زيت الزيتون والمثلجات عن العام الماضي فحسب، بل يشمل معظم السلع في الأسواق السورية، وبحسب تقرير آخر لموقع “أثر برس” المحلي، نُشر يوم أمس الإثنين، فقد لوحظ أن أسعار المثلجات ارتفعت ارتفاعا واضحا وذلك بنسبة 40 بالمئة عن العام الفائت.

قد يهمك: “شي غريب”.. أسواق اللحوم السورية تتمسك بأسعار رمضان!

صاحب أحد محلات بيع المثلجات في دمشق، بيّن أن ارتفاع الأسعار هو نتيجة تكلفة المواد الداخلة في صناعتها مثل الحليب والمكسرات والسكر وغيرها، مضيفا بالقول “هذا الارتفاع جاء تزامنا مع قدوم فصل الصيف، وأخاف أن يستمر الارتفاع في الأشهر المقبلة الأمر الذي يؤدي إلى عزوف الناس عن الشراء وقلة حركة البيع، فأغلب الناس شعروا بالفرق وبالتالي سعر كاسة البوظة بات يتراوح بين 5000 إلى 6000 ليرة فكل طابة بـ2000 ليرة”.

أما بائع “البوظة” أبو صفوان، فقد أوضح أن ارتفاع الأسعار أمر ليس بيدهم ولا يستطيعون التسعير كما يحلو لهم فارتفاع أسعار المواد الداخلة في صناعة البوظة والمثلجات يجبرهم على التقيد بالتسعيرة التي تضعها مديرية التموين، أضف إلى ذلك أن معظم المحلات لديها مولدات كهربائية تضطر إلى تشغيلها للحفاظ على برودة البوظة.

حول سعر “كاسة البوظة”، قال أبو صفوان “كل طابة بوظة بسعر 2000 ليرة وهناك محلات تبيعها بـ 2500 وثلاث طابات بـ 5000 ليرة كعرض خاص ونحاول قدر الإمكان مراعاة وضع الناس والبيع برحمة”. أما أسعار “رول البوظة” بالمكسرات، فإن الرولات هي ثلاثة أنواع؛ “رول بفستق مبشور سعر الكيلو وسطيا 45 ألفا، ورول بفستق مكسر بسعر 40 ألفا، والنوع الأخير نطلق عليه رول إكسترا ويكون بحبات الفستق الكاملة وسعره وسطيا 60 ألفا؛ ورول الفواكه 55 ألفا ويحتوي على فاكهة مجففة ومنكّهات”.

بالنسبة للإقبال على الشراء فقد أوضح عامل في محل “بوظة”، “لا نستطيع القول إنه لا توجد حركة فاليوم الذي تجمد فيه الحركة نعوضها في المناسبات كالأعياد والحفلات وأعياد الميلاد وغير ذلك”.

بدورها، ذكرت إحدى ربّات المنزل أن أولادها كانوا يشترون البوظة كل يوم أما بعد أن ارتفع سعرها اكتفت بشرائها لهم بمعدل مرة كل أسبوع، مؤكدة أن غالبية الأولاد يرغبون بشراء المثلجات ولكن ذلك سيكلف كثيرا في حال تم شراء المثلجات كل يوم.

على إثر هذا الغلاء الجامح في البلاد، وجّه عدد من السوريين نداء إلى “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” للتخفيف من أزمة ارتفاع الأسعار، خصوصا أن الرواتب والمداخيل الشهرية لا تتحمّل ارتفاع الأسعار. كذلك ومنذ سنوات طويلة، يطالب العديد من المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم أعضاء في “مجلس الشعب” السوري، الجهات الحكومية برفع مستوى الرواتب والأجور، بحيث تتناسب مع الواقع المعيشي. فمن غير المنطقي أن يكون راتب الموظف حوالي 25 دولارا شهريا، وأن يكون مستوى المعيشة أكثر من 700 دولار لأسرة واحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات