في الآونة الأخيرة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في سوريا بشكل كبير، لكن ارتفاع أسعار الخضار والفواكه خلال الخمس سنوات الماضية كان الأكبر حيث تجاوزت النسبة بنسبة 2000 بالمئة. 

الحديث عن ارتفاع الأسعار والتضخم في سوريا ليس بالأمر الجديد، إلا أن القليل من البلدان شهدت معدلات تضخم سريعة تجاوزت التوقعات كما حصل في الأسواق السورية، ما شكل ضغطا هائلا على الاقتصاد المتعثّر وعلى الشعب السوري. 

ما هي المواد الغذائية الأكثر ارتفاعا؟

الخضار والفواكه من أكثر المواد الغذائية تأثّرا بارتفاع الأسعار في سوريا، ما جعلها من سلسلة المواد التي لم يعد المواطن السوري يتحمل تكلفة شراءها.

محال الخضار والفاكهة في سوريا - إنترنت
محال الخضار والفاكهة في سوريا – إنترنت

خلال الأيام الماضية، ارتفعت أسعار هذه السلع بشكل ملحوظ بحسب موقع “صاحبة الجلالة” المحلي. وطبقا للبيانات فإن البندورة؛ سجلت أعلى ارتفاع خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة تجاوزت 2122 بالمئة من 225 ليرة في العام 2018 إلى ما بين 4500-5000 أمس الخميس.

أما في المرتبة الثانية من حيث الارتفاع القياسي جاء البرتقال، الذي قفز سعر الكيلو الواحد منه من 200 ليرة إلى 3700 ليرة بارتفاع بنسبة بلغت نحو 1750 بالمئة. بينما حلّت بالمرتبة الثالثة البطاطا والتي تعد قوت الفقراء، حيث ارتفع سعرها إلى 3500-3700 ليرة مقارنة بالعام 2018 إذ بلغ سعرها حينها 175 ليرة بنسبة ارتفاع 1328 بالمئة.

على صعيد الارتفاعات، كان كيلو العوجة  600 ليرة، وحاليا بات سعرها 3000 ليرة، بنسبة ارتفاع 400 بالمئة، والفراولة كانت بـ 450 ليرة، ومؤخرا وصلت إلى 5500 ليرة، بنسبة ارتفاع بلغت 1122 بالمئة. فيما ارتفع سعر كيلو الفول الأخضر من 600 ليرة إلى 2500 ليرة بنسبة ارتفاع 316.6 بالمئة. 

الأسعار ارتفعت على مدى خمس سنوات؟

ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمكن أن يعزى إلى عدة عوامل. أحد الأسباب الرئيسية هو استمرار التضييق على المزارعين والتجار والتي أدت إلى نقص في المواد الغذائية، كما تسبب عدم قدرة الحكومة على توفير المحروقات في تعطيل شبكات النقل والتوزيع، مما يجعل من الصعب على المحاصيل الوصول إلى الأسواق.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم انخفاض قيمة الليرة السورية أيضا في ارتفاع الأسعار، مما جعل من الصعب على الناس تحمّل الضروريات الأساسية.

هناك أيضا عدة عوامل ساهمت في الارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية في سوريا، لكن ربما كان العامل الأهم وفقا لتقرير صادر عن إحدى وكالات الإغاثة الدولية هو تراجع الزراعة، حيث يمثل القطاع الزراعي في سوريا اليوم 17 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بانخفاض كبير عن متوسط ما قبل 2011 البالغ حوالي 30 بالمئة.

عضو “لجنة التصدير في سوق الهال” بدمشق محمد العقاد، برّر في وقت سابق من هذا الأسبوع هذا الارتفاع المفاجئ، بارتفاع تكاليف الإنتاج وتكاليف النقل، مستبعدا أن يكون تصدير بعض الأصناف كالبندورة سببا لارتفاع أسعارها، مؤكدا في الوقت ذاته أن الكميات التي يتم تصديرها من البندورة لا تؤثر على حاجة السوق المحلي.

أما حول ارتفاع أسعار بعض أصناف الخضار، أشار العقاد إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والصعوبة التي يواجهها التجار في تأمين المحروقات للنقل، حيث أصبحت تكلفة نقل كل كيلو غرام من هذه الأصناف 200 ليرة، وكل هذه الأسباب هي العامل الرئيس وراء الضغط على الأسعار، وبالتالي فإنّ المنتج لا يرى سبيلا سوى انعكاس هذه التكلفة على سعر المنتج.

ارتفاعات قادمة؟

منذ بداية شهر رمضان، شهدت العديد من أصناف الخضار والفواكه ارتفاعات متتالية، حيث وصل سعر  كيلو الفليفلة إلى 13 ألف ليرة سورية، كما سجلت البطاطا سعر 2500 ليرة للكيلوا الواحد، بينما بلغ متوسط سعر كيلو الكوسا 5 آلاف.

محال الخضار والفاكهة في سوريا - إنترنت
محال الخضار والفاكهة في سوريا – إنترنت

بحسب تقرير لإذاعة “شام إف إم” المحلية، فقد سجّل الخيار سعر 4500 ليرة للكيلو، والزهرة 2500، في حين وصل سعر الخسة الواحدة إلى 1800 ليرة، وكيلو الملفوف 1000 ليرة، والجزر 2000 ليرة، والبصل الأبيض 8500 ليرة، و500 ليرة لكل باقة من النعناع والبقدونس والكزبرة، و1500 ليرة للبقلة.

وفق تصريحات عضو “لجنة التصدير”، فإنه من المرجّح أن تشهد أسعار العديد من الفاكهة ومنها الموز ارتفاعات متتالية خلال الفترة المقبلة، وذلك في حال لم يصدر قرار من اللجنة الاقتصادية بتمديد أو تجديد الموافقة على استيراده من جديد عبر الأراضي اللبنانية.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا قضية معقّدة تتطلب مقاربة متعددة الأوجه لحلها. إن معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، مثل التضخم والمواد الأولية للمزارعين وعدم الاستقرار الاقتصادي، أمر بالغ الأهمية لإغاثة الشعب السوري الذي يتساءل حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتّهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليردّ التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات