مع تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، ووصول الليرة إلى حاجز الـ 9 آلاف مقابل دولار واحد، ارتفعت أجور صالونات التجميل بشكل كبير بالتزامن مع ارتفاع تكلفة كل شيء، مما أثّر على عمل صالونات الحلاقة النسائية ومراكز التجميل ككل، سواء من حيث إيجار الصالونات أو أجور العاملين فيه، مما دفع البعض منهم إلى الإغلاق والبعض الآخر إلى صرف بعض العاملين لديهم.

يبدو أن الارتفاع الأخير في أسعار البنزين والغاز من قبل الحكومة، وسط غياب التيار الكهربائي، دفع جميع القطاعات إلى رفع أسعارها أو التوقف عن ممارسة المهنة، باعتبار أن تكاليف العمل أعلى من مردودها الإنتاجي.

السيشوار بـ 15 ألفا

في هذا السياق، وصفت صاحبة صالون حلاقة نسائية لموقع “أثر برس” المحلي قبل يومين، أن “حركة الإقبال شبه جامدة، وبالكاد نعمل، حيث تأتينا زبونة أو اثنتان لإجراء بسيط كالسيشوار أو تنظيف بشرة، وخاصة بعد ارتفاع الأسعار بشكل لافت حيث أن سعر السيشوار يتراوح ما بين 10 و15 ألف في المناطق الشعبية فما بالك في الأحياء الراقية”.

سعر السيشوار يتراوح ما بين 10 و15 ألف في المناطق الشعبية بسوريا- “إنترنت”

أما عن كيفية سداد أجرة الصالون، أضافت “أدخلت في الآونة الأخيرة تأجير فساتين وملابس السهرة حتى أتمكن من دفع إيجار الصالون فمن غير الممكن أن أغلق الصالون فلدي زبوناتي أتمنى أن تكون أزمة عابرة ويعود العمل إلى ما كان عليه سابقا”.

كوافير نسائي وصف بدوره الإقبال في صالونه بأنه خفيف جدا، مشيرا إلى أن عمله مقتصر على الحجوزات في المناسبات والأعراس فقط، وأضاف “باقي الأيام نجلس بدون أي عمل فالأسعار قد ارتفعت وباتت لا تناسب معظم السيدات وكذلك ارتفعت أسعار مستحضرات التجميل التي نستخدمها لتجميل العرائس وذلك نظرا لارتفاع الدولار، ومنع الاستيراد الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 30 بالمئة، وأصبح الكوافير مضطر لرفع الأسعار لتغطية المواد الخام الخاصة به”.

أسعار الخدمات ببعض المراكز والصالونات في دمشق، وصلت لأرقام كبير مؤخرا، فمثلا قص الشعر بأحد الصالونات وصل إلى 15 ألف ليرة سورية وفي المناطق الراقية ربما أكثر من ذلك، وصبغ الشعر بات يكلف بين 150-200 ألف ليرة سورية حسب طول الشعر، في حين بات يكلف مع سحب لون و”هايلايت أو بلياج” من 300 ألف إلى أكثر من نصف مليون ليرة سورية، وفي بعض الصالونات الشهيرة التي تقع في المناطق الراقية مثل الشعلان والمالكي، فالخدمات تُقدّر وفق سعر الصرف، وفي الواقع يرتاد تلك المراكز الطبقة الغنية أو المغتربين.

أما بالنسبة لتكلفة تجهيز العروس “شعر، ماكياج ” فالأسعار تترواح ما بين مليون ليرة إلى أكثر مليونين، وذلك في المراكز العادية، وبالنسبة لتقليم الأظافر والاعتناء بها مثل، جل إكستينشن وجيل بوليش وتركيب أظافر، فالأسعار تتراوح بين 150-200 ألفا وأكثر، بحسب المركز أو الصالون ومكانه.

أسباب الارتفاع

في المقابل، أشار التقرير إلى أن ضعف الإقبال على الصالونات سببه ارتفاع الأسعار فمعظم السيدات باتوا يتزينّ بأنفسهنّ دون الحاجة إلى المجيء إلى الصالونات من باب التوفير وعدم الصرف.

من جانبها، أكدت إحدى السيدات أنها قبل ارتفاع الأسعار كانت ترتاد صالون التجميل كل أسبوع لتقوم بتجميل نفسها لأنها موظفة؛ أما اليوم بعد ارتفاع الأسعار لم يعد بمقدورها دفع أي مبالغ إضافية لأن دخلها لا يسمح لها بذلك، مبيّنة أن سعر السيشوار قبل الارتفاع كان 4 آلاف ليرة أما اليوم سعر السيشوار 15 ألف وهذا خارج قدرتها.

في حين ذكرت إحدى الفتيات التي تتجهز للزواج، أنها حجزت في صالون تجميل لتزيينها وقد طلب منها مليون ليرة، مشيرة إلى أنه لو كان بإمكانها أن تجمّل نفسها لما دفعت هذا المبلغ لكنها مضطرة لذلك.

كما واشتكت صاحبات صالونات التجميل النسائية من قلة إقبال الزبائن على الصالونات، الأمر الذي يهدد أعمالهنّ بالإغلاق بسبب استمرار الخسائر الفادحة التي تكبّدنها خلال الفترة الماضية، والمتمثلة في دفع الإيجارات ورواتب الموظفات والعاملات.

أصحاب صالونات التجميل يقولون إن إيجارات المحال من جهة غالية، إلى جانب تكاليف المازوت للمولدة، وخاصة بعد ارتفاع أسعار المحروقات مؤخرا. كما أن 90 بالمئة من الصالونات النسائية التي ليس لديها مولدة ولا تعملن وقت التقنين، وتعتمد على المواسم، وهو ما يثقل كاهل أصحاب هذه المِهن، وبالتالي هي مهددة بالإغلاق اليوم، ما عدا الصالونات الشهيرة والتي يرتادها الأغنياء فقط، وهم لا يتأثرون بالأسعار بكل الأحوال.

رئيس “جمعية الحلاقين” في دمشق سعيد قطان، قال لصحيفة “تشرين” المحلية، في وقت سابق، إن تسعيرة الحلاقة الرجالية والنسائية تختلف باختلاف درجة تصنيف الحلاق من قِبل الجمعية الحرفية، مشيرا إلى صعوبة ضبط التسعيرة بسبب اختلاف أنواع الشعر والبشرة لدى الزبائن.

قطان نوّه إلى ما اعتبره “تخبطا بأجور الحلاقة”، إذ وصلت إلى مليون ونصف المليون ليرة في بعض صالونات دمشق للحلاقة النسائية، ما يخالف التسعيرة الرسمية ويهدد مالك الصالون بالإغلاق، أو سحب ترخيص مزاولة المهنة، على حدّ زعمه، وسط عدم قيام الجهات الرقابية بإغلاق أي مركز أو صالون للحلاقة والتجميل.

قطان، من جهة أخرى برّر هذا الغلاء بأن ثمة ضرائب باهظة يدفعها أصحاب الصالونات، قائلا “أحد الصالونات تصل ضريبته إلى 168 مليون سنويا، وهناك صالونات تدفع 100 مليون، وهناك صالونات تدفع 84 مليونا وأخرى 56 مليونا ولا توجد ضريبة تحت 50 مليون ليرة”.

بالإضافة إلى هذه الضرائب، يوجد إيجار المحل، حيث أن 98 بالمئة من صالونات دمشق هي ليست ملكا وإنما إيجار استثمار، فهناك صالونات استثمارها بالشهر يصل إلى مليونين ونصف، وبالسنة 30 مليونا، وبالتالي تكون ضريبة هذا الصالون 58 مليونا، بحسب قطان.

غلاء الحلاقة الرجالية

من جانب آخر، فقد ارتفعت أسعار الحلاقة الرجالية أيضا، ففي وقت سابق لوحظ تفاوت كبير بالأسعار بين محل وآخر في العاصمة دمشق، بالإضافة إلى وجود تصنيفات للحلاقة الرجالية “ممتاز، وأول، وثانٍ، وشعبي”، حيث إن التكلفة التي تتضمن حلاقة الشعر مع الذقن أو حنجرتها وتنظيف البشرة وشمعة وبعض الخدمات الأخرى في حي المالكي تصل قيمتها إلى 50 ألفا، وفي حي التجارة 50 ألف ليرة، ويستمر الانخفاض باتجاه حي المزة لتصبح التسعيرة 40 ألف ليرة، لتتراوح التسعيرة ما بين 15 – 20 ألفا في مناطق المخالفات، وفي جرمانا وصحنايا تتراوح من 45 – 50 ألفا، وفي منطقة جديدة تتراوح من 15 – 20 ألف ليرة.

تقارير محلية أشارت في فترة عيد الفطر الماضي إلى أن بعض محلات الحلاقة الرجالية بدمشق تقاضت نحو 75 ألف ليرة سورية، كلفة حلاقة الرجال أو الأطفال، وبررت الجهات الحكومية ذلك بأنها إكرامية للحلاق وليس تجاوزا للأسعار الرسمية.

ارتفاع أسعار صالونات الحلاقة الرجالية_ “إنترنت”

أصحاب مهن الحلاقة يرون أن الأجور طبيعية إذا ما قورنت بالوضع المعيشي في البلاد، حيث لا يُعقل أن يعمل الحلاق بخسارة، فإيجار المحل ونفقات تشغيل مولدة الكهرباء وغيرها من مستلزمات المحل يصل إلى حوالي مليون ليرة سورية شهريا، فهل من المنطقي أن يعمل المرء مقابل أجر أقل من هذا.

لذا، فالمشكلة ليست في تسعيرة الحلاقين، إنما بتدني مستوى رواتب ومداخيل المواطنين في سوريا، وتدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، وارتفاع الأسعار بين فترة وأخرى، خاصة وأن الأسعار ترتفع في الأسواق يوما بعد يوم والناس غير قادرين على الشراء وهناك تقشّف عند معظمهم.

على إثر هذا الغلاء انتشرت مستحضرات التجميل “المكياجات” التقليدية وذات النوعية الرديئة في الأسواق السورية لا سيما على البسطات الشعبية، وكان الإقبال عليها جيدا، نظرا لأن رواتب ومداخيل الأهالي لا تخوّلهم شراء النوعيات الجيدة أو الماركات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات