أملا في تعزيز التجارة مع العالم، يبذل العراق جهودا مكثفة لإنجاز المتطلبات الخاصة بانضمام العراق لـ “منظمة التجارة العالمية”، وذلك بحسب ما أكدته وزارة التجارة العراقية، بأن هناك حراكا حكوميا واسعا بهذا الخصوص، مشيرة إلى حسم ملف المساهمات المالية لدى المنظمة

.

الوزارة وفي بيان لها قالت، إنها تعمل على إنجاز المتطلبات من خلال ترؤس وزيرها أثير الغريري لـ “اللجنة الوطنية” المعنية بالانضمام لـ “منظمة التجارة العالمية”، مبيّنة أن المتطلبات تتعلق بالسلع والخدمات وملف الزراعة وتحديث النظام الجمركي، حيث جرى مؤخرا العمل مع الهيئة العامة للجمارك للانتهاء من تحديث النظام الجمركي، تمهيدا لوضع التعريفات لبنود قانون التعرفة بغية التفاوض عليها مع المنظمة.

في حين أن التنسيق جار مع القطاع الخاص العراقي وإقليم كردستان، لغرض توحيد الملفات المتعلقة بالمتطلبات التي تم الإشارة إليها ومن ثم تقديمها للمنظمة، بحسب بيان الوزارة، الذي أشار إلى أن العمل يجري على تهيئة الفريق التفاوضي العراقي وبناء قدرات المفاوضين فنيا ولغويا لغرض المباشرة بعقد الجولات التفاوضية مع الدول الأعضاء.

معرقلات انضمام العراق لـ “منظمة التجارة العالمية”

فيما ذكرت الوزارة وفق البيان، أن مسيرة انضمام العراق للمنظمة لم تتأثر بالأحداث الدولية، لكن تأخّر إقرار الموازنة العامة للعراق أبطأ من وتيرة العمل والتنسيق مع المنظمة بسبب تأخّر تسديد المساهمات السنوية المترتبة على العراق كعضو مراقب، لافتة إلى أنه قد تم حسم ملف المساهمات المالية المترتبة على العراق لدى المنظمة وتسديدها بشكل كامل.

مساع عراقية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية/ إنترنت + وكالات

ذلك جاء بعد أسبوعين من إطلاق مشروع بقيمة 17 مليار دولار، لربط ميناء مهم للسلع على ساحل العراق الجنوبي، بالحدود مع تركيا عبر مدّ شبكة سكك حديدية وطرق، في خطوة تهدف إلى تحويل اقتصاد البلاد بعد حروب وأزمات لعقود، حيث يهدف طريق التنمية إلى ربط “ميناء الفاو” في محافظة البصرة الغنية بالنفط بتركيا، ليحوّل البلاد إلى مركز عبور باختصار وقت السفر بين آسيا وأوروبا في محاولة لمنافسة “قناة السويس”، ما يعزز الحركة التجارية في البلاد بشكل غير مسبوق.

العراق يعوّل على طريق التنمية أو ما يُعرف محليا بـ “القناة الجافة”، لربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية عبر “ميناء الفاو الكبير” ثم القناة الجافة التي تبدأ من الميناء جنوبا وتنتهي بالحدود العراقية التركية شمالا، حيث يتوقع أن يوفر في مرحلته الأولى 100 ألف فرصة عمل، ومليون فرصة بعد إكماله وإنجازه، بحسب مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل ناصر صالح الأسدي، الذي أشار إلى أن المشروع سيتضمن خطوطا للسكك الحديدية للقطارات السريعة وطرقا برية سريعة، وسيمر بـ 13 محافظة عراقية.

بالتالي فإن مساعي العراق بالانضمام إلى “منظمة التجارة العالمية” التي تهدف إلى تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء، وضمان استمرار كل دولة في الالتزام بأحكام المعاهدة التجارية التي وضعتها من أجل الحفاظ على الوحدة والسلام في التجارة بين الدول الأعضاء إلى جانب الشروع بتنفيذ طريق التنمية، يأتي في سياق تهيئة الأجواء لكل متطلبات النهوض بواقع قطاع التجارة والحركة التجارية في البلاد، بما يساعد في تنوع مصادر الاقتصاد، وإخراجه من تحت طائلة النفط.

تعليقا على ذلك، يقول خبير النقل باسل الخفاجي، إن العراق في الوقت الحالي ربما يكون غير جاهز للانضمام لـ “منظمة التجارة العالمية”، وحتى في حال انضمامه فغالبا لن يستفاد من عضويته إلى جانب الدول الأعضاء، بل قد تستفيد الدول منه من دون أن يحصل على مكاسب مهمة، مشيرا إلى أن أهمية الانضمام إلى “منظمة التجارة العالمية” تكمن بجدية ذلك التي تتمثل في إصلاحات اقتصادية وتشريعية كبيرة من أجل إزالة العقبات من على مسار طلب الانضمام.

الخفاجي وفي حديث لموقع “الحل نت” أشار إلى أن الانضمام إلى المنظمة يتطلب الالتزام بسياسات الحماية التجارية التي يفرضها قانون المنظمة والتي تلتزم بها جميع الدول الأعضاء، إلى جانب إلغاء القيود الجمركية المفروضة على الاستيراد، ووضع تعرفة جمركية مكانها.

مراجعات قانونية وسياسات تحفيزية

هذا يعني أنه يتطلب إجراء إعادة كلّية لمراجعة القوانين الجمركية العراقية، لاسيما تلك التي تتعلق بالسياسة الزراعية التي تنتهجها البلاد، أي وضع سياسة زراعية يمكنها أن تعالج مسألة الدعم، كما تراقب وتسمح بدخول الواردات الزراعية إلى الأسواق المحلية، وخضوعها للتعرفة الجمركية، يقول الخفاجي.

العراق يطلق مشروع التمنية/ (وكالة الأنباء العراقية)

كذلك من الضرورات التي يتطلبه الانضمام إلى “منظمة التجارة الدولية”، هو تفعيل قطاع الخدمات نحو العالم الخارجي، وأيضا إقرار تشريعات تعمل على تذليل العقبات، إلى جانب تفعيل التشريعات المتوافقة مع متطلبات الحد الأدنى من الحماية لحقوق الملكية الفكرية، فضلا عن التزام العراق بتنفيذ سياسات إصلاحية اقتصادية شاملة تسمح بحرية حركة رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية.

“منظمة التجارة العالمية”، تعد أكبر منظمة اقتصادية لكونها المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي، حيث تضم في عضويتها 164 دولة عضوا، كما تمثل ما يزيد عن 98 بالمئة من التجارة العالمية والناتج المحلي التجاري العالمي.

“منظمة التجارة العالمية”، هي منظمة متعددة الجنسيات تتعامل مع جميع القضايا التجارية للبلدان الأعضاء، نتيجة لذلك من أجل إثبات أن المستهلكين لديهم مجموعة متنوعة من الخيارات، إذ يتم تشجيع البلدان على تنويع عروض السلع من أجل محاكاة النمو النقدي.

حول المنظمة وجهود انضمام العراق لها

تتمثل مسؤولية “منظمة التجارة العالمية” أيضا، في عرقلة الخلافات التي يمكن أن تحدث بين الدول عند إجراء التجارة فيما بينها، نتيجة لذلك تضمن المنظمة أن يتم سماع كل نزاع بوضوح وأن الاختصاص المناسب يمنح من أجل حله بشكل منتج.

مقر منظمة التجارة العالمية/ إنترنت + وكالات

الهدف الأساسي للمنظمة، هو تشجيع التجارة الدولية وضمان التدفق السلس للسلع، بالتالي هذا يشجع الدول على القيام بأعمال تجارية مع الدول الأخرى ويحافظ على تدفق الاقتصاد، مما يؤدي إلى تنويع رأس المال وزيادة الدخل الصافي للدول.

يشار إلى أنه، في عام 2010، أعلنت وزارة التجارة العراقية اتخاذها خطوات اقتصادية وتجارية عدة، للحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية، من خلال إعادة النظر في الاتفاقيات الموقّعة سابقاً مع أكثر من عشرين دولة، كما أعلنت مؤخراً سعيها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، من خلال خطة أعدتها لإكمال متطلبات الانضمام إلى المنظمة، بعد إتمام الملفات الفنية على صعيد السلع والخدمات والملكية الفكرية.

بناء على ذلك، فإنه أمام العراق فرصة كبيرة للنهوض بواقع التجارة في البلاد، وتنويع مصادر اقتصاد البلاد، ناهيك عن ما يمكن أن يوفره ذلك من فرص عمل وأرباح، غير أن التحدي الأكبر يبقى فيما إذا كان هناك فعلا قرارا حكوميا باتا وإرادة سياسية تدفع نحو إتمام الانضمام دون الوقف عند مرحلة ما. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة