في خطوة يبدو أنها فتحت باب الخلافات داخل تحالف “الإطار التنسيقي” الحاكم في البلاد، أعلن “مجلس الوزراء” العراقي أمس الثلاثاء، تأجيل موعد انتخابات مجالس المحافظات من 6 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، وذلك بعد مضي عقد كامل على إجرائها آخر مرة، الأمر الذي جدد الحديث عن وجود خلاف بين قوى “الإطار” حول موعد إجراء الانتخابات.

“مجلس الوزراء” العراقي، حدد في بيان جلسته الخامسة والعشرين، يوم 18 من شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، “التزاما بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره “مجلس النواب” في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي”، والذي تضمن الالتزام بإجراء انتخابات المحافظات المعطلة بقرار قضائي منذ العام 2019، على خلفية مطالبات شعبية بحلها.

السوداني رئيس الوزراء، كان قد تعهد في برنامجه الحكومي إجراء انتخابات مبكرة بظرف عام، وإعادة إجراء انتخابات مجالس المحافظات، بعد تعديل قانون الانتخابات خلال 3 أشهر وفقا لما تُطالب به قوى “الإطار”، التي نجحت فيما بعد بالفعل في تغيير قانون الانتخابات الذي اعتُمد في انتخابات 2021 التشريعية، الذي اعتبرته سببا رئيسيا في تراجع حظوظها بالانتخابات بسبب تشتيت جمهورها بين الدوائر الانتخابية المتعددة.

انقسام داخل “الإطار التنسيقي” بالعراق 

غير أن الموعد الذي حدده “مجلس الوزراء” العراقي لانتخابات المحافظات، لم يأتِ وفق رغبات بعض قوى تحالف “الإطار” الذي يضم جميع القوى الشيعة المقربة من إيران، باستثناء “التيار الصدري” الذي يقوده رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، حيث تطالب بأن تُجرى الانتخابات في الربع الأول من العام القادم، فيما تصرّ بعض الأطراف الأخرى على إجرائها في موعدها المقرر نهاية العام الحالي.

انتخابات المحافظات في العراق تؤجج خلاف داخل تحالف “الإطار التنسيقي”/ إنترنت + وكالات

كما يشمل الخلاف شكل التحالفات السياسية التي ستخوض بها قوى “الإطار التنسيقي” الانتخابات، بحسب مصادر تحدثت لوسائل إعلام، مبينة أن هناك آراء مختلفة، فهناك من يريد الدخول بالانتخابات بشكل منفرد، وهناك من يريد الدخول في تحالف واحد كبير، وهناك رأي بدخول قوى “الإطار” بأكثر من تحالف، بيد أنه لا يوجد أي اتفاق حول ذلك حتى اللحظة.

“الإطار التنسيقي” تحالف سياسي عراقي تشكل في تشرين الأول/أكتوبر 2021، بهدف تشكيل حكومة محاصصة توافقية، بعد أن عارضه مشروع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، المطالب بحكومة أغلبية سياسية تستثني مشاركة بعض أو كل أطراف “الإطار”، بعد أن حصدت كتله الصدرية أكثر المقاعد النيابية في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أُجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2021.

شكل “الإطار التنسيقي” القوة الكبرى داخل “مجلس النواب” بغرض اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، حيث ينضوي تحت هذا “الإطار” نحو 130 برلمانيا من أصل 329، بعد انسحاب “الكتلة الصدرية” البالغ عددها 73 نائبا من “مجلس النواب” في حزيران/يونيو 2022.

يشار إلى أن هذه الانتخابات التي يجري الحديث عن تسببها في انقسام داخل تحالف “الإطار” الحاكم؛ ستشمل 15 محافظة من أصل 18، حيث هناك ثلاث محافظات ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي غير مشمولة بالانتخابات، كما أنها ستكون أولى انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ نيسان/أبريل 2013 التي تصدرت خلالها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، النتائج. 

مكاسب الانتخابات المحلية العراقية

آخر انتخابات محلية أقيمت عام 2013، قبيل عام واحد من سقوط عدد من المدن العراقية بيد تنظيم “داعش” عام 2014، مما أدى إلى تأجيل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها عام 2017، وتمديد عملها من قبل “مجلس النواب” العراقي في عام 2018 لحين إجراء انتخابات جديدة، قبل أن يوقف عملها في نهاية 2019 استجابة للاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلاد في العام 2019، حيث أُجبرت “مجلس النواب” بالتصويت على حلّها وإنهاء عملها، بوصفها حلقة فساد زائدة.

صورة ارشيفية: عراقيون يطالبون بإلغاء مجالس المحافظات/ إنترنت + وكالات

حول ذلك أوضح المهتم بالشأن السياسي عادل الحيالي، أن مجالس المحافظات ذات أهمية بالغة، حيث تؤسس لقاعدة سياسية وجماهيرية للقوى السياسية المتنافسة، كما تمثل قاعدة تنظيمية بالنسبة للأحزاب، حيث يمكن من خلالها قياس مدى حضورها، والسيطرة على الحكومات المحلية التي يمكنها من خلالها الانطلاق نحو السيطرة على الانتخابات التشريعية.

لهذا السبب، يرى الحيالي في حديث لموقع “الحل نت”، أن قوى تحالف “الإطار” تركز على انتخابات مجالس المحافظات، ذلك لأنها تريد الحفاظ على الحكومة الحالية التي عملت على تشكيلها بكل الطرق، بالتالي أن مما لا شك أن الخلاف بين قوى “الإطار” وهي بطبيعة الحال المصنفة مقربة من إيران، سيكون له تداعيات على مستوى النفوذ الإيراني الذي يبحث عن تماسك “الإطار” وتجنب تصدّعه، يمكن أن ينعكس على مستقبل الحكومة.

مبينا أن تفسير الخلاف يمكن أن يكون سببه الاستعدادات، فكما هو واضح أن بعض قوى “الإطار” تبدو مستعدة لخوض الانتخابات لاسيما تلك التي تمكنت من تحقيق نجاح في الانتخابات التشريعية الماضية، فهي تريد أن تستغل جذوة ازدهار حظوظها في الانتخابات المحلية لينعكس ذلك على مستوى حظوظها في الحكومات المحلية، وهذا بالطبع ما لا ترغب به القوى غير المستعدة، والتي تبحث عن تعويض خساراتها النيابية في انتخابات المجالس المحلية.

الحيالي أشار إلى أن الخلاف يأتي في إطار تدافع المصالح الحزبية، لكن في المحصلة أن المصلحة العامة هي من ستفرض وقعها على القوى السياسية التي قررت خوض الانتخابات المحلية، لافتا إلى أن هذه الخلافات ليست وليدة اللحظة بين قوى “الإطار” التي تسعى كل منها للسيطرة على الحكومات المحلية، وهو ما سيظهر بشكل أكبر كلما اقترب موعد الانتخابات، قبل أن ينتهي بتقاسم الحكومات المحلية وفق مبدأ الحفاظ على المصلحة العليا والابتعاد عنما قد يضر بمستقبل سيطرتهم على الحكومة العراقية.

صلاحيات الحكومات المحلية في العراق

استنادا للدستور العراقي، تملك مجالس المحافظات صلاحيات واسعة فهي لا تخضع لسيطرة أو إشراف أي وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة، كما لديها صلاحيات إدارية ومالية واسعة، ومنذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003 أُجريت ثلاث دورات انتخابية لاختيار أعضاء مجالس المحافظات العراقية أعوام 2005 و2009 و2013.

الحكومة العراقية تقرر تأجيل موعد الانتخابات المحلية/ إنترنت + وكالات

مجالس المحافظات المنتخبة تتولى مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ويملك هؤلاء صلاحيات الإقالة والتعيين وأيضا إقرار خطة المشاريع وفقا للموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية ببغداد، بحسب الدستور العراقي النافذ بالبلاد منذ عام 2005.

إن تأجيل موعد الانتخابات والحديث عن خلافات داخل التحالف الحاكم، يأتي بعد أن صوت “مجلس النواب” العراقي في آذار/مارس الماضي، على تحديد 6 تشرين الثاني/نوفمبر موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.

جدير بالذكر أن “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” في العراق كانت قد منحت إجازات لـ 268 حزبا سياسيا تم تسجيلها ككيانات سياسية، في إطار الاستعداد للمشاركة في الانتخابات المحلية، فيما فتحت المفوضية باب التسجيل أمام التحالفات والأحزاب الراغبة بالمشاركة في الانتخابات، نهاية تموز/يوليو المقبل.

بناء على ذلك، فإن العراق مقبل على أشهر حامية حتى نهاية العام الجاري، ما لم يتم الاتفاق بين قوى تحالف “الإطار” على تأجيل الانتخابات عن موعدها الحالي، وذلك في سياق التنافس الانتخابي الذي يبدو من السهل جدا تحوله إلى خلاف يهدد مستقبل تماسك “الإطار التنسيقي”، وذلك بالنظر إلى ما تحمله الحكومات المحلية من مكاسب كبيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات