في ظل ارتفاع أسعار الفروج إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، يلجأ العديد من المواطنين السوريين ذوي الدخل المحدود إلى شراء الفروج “الستوك”، والذي أصبح يحظى بشعبية متزايدة في الآونة الأخيرة. يتساءل الكثيرون عن ماهية هذا الفروج ولماذا يُقبل السوريون عليه بشكل ملحوظ، وهل هو مجرد بديل اقتصادي أم له قصة تستحق الكشف عنها.

الفروج المعروف بـ”ستوك” ليس مختلفا عن الفروج العادي من حيث الجودة والصحة. إنه يعاني فقط من تقلّص في الوزن، حيث لا يتجاوز وزنه الكيلوغرام أو الكيلوغرام ونصف على الأكثر. وهذا التقلص في الوزن يعود إلى مجموعة من الأسباب المحتملة، مثل إصابته بأمراض أو مشاكل غذائية خلال فترة نموه، والتغذية غير المتوازنة نتيجة الضغط على الأعلاف والماء في المزارع المكتظة بالدواجن، وصعوبة وصول الصوص إلى الغذاء، أو حتى إصابة الصوص بأمراض قبل فترة التفقيس.

من أجل توفير فرصة للمزارعين للتخلص من هذه الدفعة من الفروج، يتم بيعها من المزارع بأسعار تقل عن نصف أو ثلثي سعر الفروج السليم والطبيعي. وهذا السعر المنخفض جذب اهتمام العديد من المواطنين الذين يعانون من ضيق الحالة المالية والتضخم المتصاعد.

الهرولة نحو فراريج مصابة؟

على الرغم من أن هناك بعض الأفراد قد ينظرون إلى هذا الفروج بشكل سلبي، إلا أن الواقع يشير إلى أن الكثير من الأُسر تقدر قيمة هذا البديل الاقتصادي. حيث تختلف درجة الإقبال على شراء الفروج “الستوك” من منطقة لأخرى وفقا للأوضاع المعيشية للأسر، ولكن يبقى الاعتبار الأساسي لهذا القرار هو الحاجة إلى تلبية احتياجات الطعام للأسر بأسعار معقولة.

مع ارتفاع سعره إقبال على شراء فروج “الستوك” في سوريا - إنترنت
مع ارتفاع سعره إقبال على شراء فروج “الستوك” في سوريا – إنترنت

 نقيب الأطباء البيطريين في حماة، عبد العزيز شومل، أعرب عن رأيه بأن الأمراض التي تصيب الأفواج خلال فترة النمو تؤدي إلى حدوث حالات نفوق كبيرة. وبسبب تفشي الأمراض المعدية في فترة زمنية محددة، يضطر المربي لذبح الفروج وبيعها بسعر أقل للحد من الخسائر المتعلقة بالنفوق. 

مع ذلك وطبقا لحديث شومل لصحيفة “البعث” المحلية، أمس الاثنين، فيمكن أن يتعافى الفوج المصاب لاحقا، مؤكدا أيضا أن الفروج “الستوك” صالحة للأكل ولا تشكل أي مشكلة صحية، حيث أن الأمراض التي تصيب الطيور لا تؤثر على صحة الإنسان.

جميع التوقعات تشير إلى زيادة في نسبة المستهلكين للفروج “الستوك”، وخاصة بعد توقعات مدير المؤسسة العامة للدواجن، الدكتور سامي أبو الدان، بارتفاع سعر الفروج لأكثر من 22 ألف ليرة للكيلوغرام خلال الأيام القادمة بمناسبة العيد.

أبو الدان لفت إلى أن الفروج “الستوك” ليس له أي ضرر وأنه صالح للأكل بعد طهيه بشكل جيد. وهذا يجعل الفروج “الستوك” خيارا مطلوبا لدى المستهلكين الذين يرغبون في الحصول على فروج ذو جودة جيدة بأسعار معقولة خلال فترة العيد.

“الستوك”.. أصل الشاورما والكباب في سوريا

بعد أن تعشّم السوريون بها قبل “عيد الأضحى”، كشف  عضو لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس الشعب، محمد زهير تيناوي، أمس الاثنين، أن هناك زيادة مرتقبة في الرواتب والأجور، ومن الممكن أن تصدر قبل عطلة العيد، إلا أنه لم يبقَ على حلول العيد إلا يوما واحدا، وحتى الآن لم يصدر شيء بهذا الشأن.

تيناوي أوضح أن الحكومة تأخرت بالإعلان، وأن الوضع المعيشي لم يعد مقبولا بسبب تدني الرواتب والأجور، ونتيجة ذلك بات لازما تحسين الوضع المعيشي وزيادة الدخل.

تشهد أسعار الفروج وأجزائه في الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا - إنترنت
تشهد أسعار الفروج وأجزائه في الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا – إنترنت

من جهته، مدير منشأة دواجن حماة المهندس عمر حمود، ونتيجة الوضع المعيشي لمحدودي الدخل، أشار إلى طلب المطاعم لشراء الفروج “الستوك” لاستخدامه في صنع الشاورما والكباب وأطباق أخرى، وأكد أن سعر الفروج لا يعكس بالضرورة جودته أو جودة لحمه. فبيع الفروج “الستوك” بسعر أقل يعود إلى نسبة تصافيه المنخفضة. 

ويقصد بنسبة التصافي وزن اللحم المستخدم مقسوما على وزن الفروج الحي. وبمعنى آخر، يشمل وزن الأرجل والأحشاء والأجزاء التي يتم التخلص منها سواء كانت الدجاجة طبيعية أو “ستوك”. ولذلك، يتم بيع الفروج “الستوك” بسعر أقل.

أسعار الفروج تضاعفت 25 مرة والرواتب محلها

زيادة كتلة الرواتب والأجور التي تدعم العاملين في القطاع العام، وضبط الأسعار والأسواق هي ما بات يشغل الشارع السوري، إذ لن يستفيد الموظف من زيادة التعويضات والرواتب إذا كان هناك فلتان في الأسواق والأسعار، بغض النظر عن تذبذب سعر الصرف.

تشهد أسعار الفروج وأجزائه في الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا - إنترنت
تشهد أسعار الفروج وأجزائه في الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا – إنترنت

الأسواق والواقع والناس كلها أمور بحسب السوريين غائبة عن أنظار الحكومة، فأسعار الفروج واللحوم الحمراء مستمرة بالارتفاع في مختلف المحافظات السورية، خصوصا مع اقتراب عيد الأضحى، في ظل تراجع كبير للشراء في أسواق تلك المناطق.

طبقا لما رصده “الحل نت” خلال الأيام السابقة، فقد وصل سعر كيلو الفروج إلى 22 ألفا و500 ليرة سورية، وسعر كيلو هبرة الخروف بين 120 و135 ألف ليرة سورية، وكيلو لحم الغنم المسوف 80-85 ألف ليرة، وشرحات لحم الغنم تتراوح بين 120 و130 ألف ليرة، ولحم الخروف بعظمه 78 ألف ليرة.

بسبب ارتفاع هذه الأسعار، فإن البيض والفروج خرجا من موائد السوريين، حيث ارتفع سعر صحن البيض في دمشق إلى 34 ألف ليرة سورية، وتجاوز سعر البيضة الواحدة الألف ليرة، وسط تكهنات باستمرار السعر في الارتفاع مع الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تعصف بالبلاد.

حالة من القلق والتوتر يعيشه المواطن السوري بعد فشل معظم خططه التقشفية، فقطّاع الدواجن في سوريا يواجه صعوبات جمة لجهة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار والذي يشكل خطرا كبيرا بل يدمر قطاع الدواجن بسبب ارتفاع التكاليف.

ثمة مشكلة حقيقية في غلاء أسعار الدواجن ومشتقاتها التي تضاعفت أسعارها 25 مرة خلال أربعة أعوام، والمشكلة الأهم أن الجهات المعنية لا تعتبر غلاء سعر البيض أو الفروج  حالة طارئة، ولا تستطيع أن تقطع وعودا بتجاوزها وإنما تتحدث عن سيناريوهات أشد سوءا.

بالتالي، يُعتبر الفروج “الستوك” خيارا واعدا للكثير من الأُسر السورية التي تسعى إلى توفير مصدر غذائي بأسعار معقولة، وهذا السيناريو يعكس حقيقة الحياة للعديد من الأشخاص الذين يكافحون من أجل توفير الضروريات الأساسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وقد يكون الفروج “الستوك” مجرد اسم، ولكنه يحمل وراءه قصة تستحق الاهتمام والتفكير فيها، حيث تجتمع فيها الحاجة والتكيف في عالم مليء بالتحديات والمصاعب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات