تذبذبات عالية بأسعار زيت الزيتون في الأسواق السورية خلال الأشهر الماضية، ورغم الارتفاع المتكرر في سعر المادة، إلا أن العوائل السورية لم تتجه إلى الاستغناء عن هذه المادة، كونها مكون رئيسي في العديد من وجباتهم اليومية، خاصة وأنهم استغنوا عن مواد كثيرة في السابق واستبدلوها بزيت الزيتون.

هذا الارتفاع المستمر جاء تزامنا مع حديث مسؤولين حكوميين، عن أن تصدير الزيت هو ما يتسبب بارتفاع أسعاره، إلا أن هذا الارتفاع ساهم في نفس الوقت بمساعدة المزارعين على جني “ربح معقول”، في ظل ارتفاع تكاليف إنتاج الزيت.

الأسعار ارتفعت مؤخرا حتى وصل سعر علبة الزيت التي تحوي 16 كيلو غرام إلى 650 ألف ليرة سورية، وهي نفسها التي كانت تُباع قبل شهر فقط، بـ  500 ألف ليرة، الأمر الذي شكّل عبئا ماديا إضافيا على العائلات السورية.

كميات محدودة

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أفاد بأن فئة واسعة من الأشخاص في سوريا، تحولوا من شراء العبوات الكبير إلى شراء كميات محدودة من الزيت تكفي تحضير طبخة أو طبختين، وهذه الكميات عادة لا تتجاوز 100 غرام، ويعزي كثيرون سبب هذا الارتفاع إلى نشاط التجار في جمع المادة من المعاصر وتصديرها بعد أن سمحت الحكومة بذلك، بحيث أصبح الطلب أكثر من العرض بكثير إضافة إلى استغلال هذا الارتفاع لاحتكار المادة.

زيت الزيتون، يُعتبر من أبرز المواد الأساسية الموجودة في كل منزل، وهو يستخدم في تحضير معظم الطبخات السورية، كما يدخل في العديد من الأطباق التي يتم تحضيرها على الفطور، كالزيت والزعتر واللبنة والمكدوس، ويستخدم في العديد من الوجبات الأخرى، لذلك فإن ارتفاع أسعاره لم تدفع العائلات إلى العزوف عن شراءه.

من جانبه أوضح مدير “زراعة اللاذقية” باسم دوبا، أن ارتفاع أي مادة يخضع لقانون العرض والطلب، مبيّناً بأن إنتاج الزيتون في العام الماضي كان وفيرا جدا، وكانت محافظة اللاذقية رائدة على مستوى القطر بإنتاجه، بخلاف العام الحالي. 

قد يهمك: المبرومة بـ 250 ألف والحكومة تدعو السوريين للشكوى!

الارتفاع في تكاليف إنتاج زيت الزيتون عزاه المنتجون إلى غياب الدعم الحكومي، فبعد أن قدمت الحكومة السورية وعودا عديدة تتعلق بتقديم مستلزمات الإنتاج للمزارعين بأسعار مخفّضة، اضطر معظم المزارعين إلى شراء المستلزمات والمحروقات بأسعار طبيعية تزامنا مع ارتفاع بكافة أسعار السلع والخدمات في سوريا.

أما عن الحلول لإعادة الأسعار إلى طبيعتها، فقد دعا عضو بـ”غرفة تجارة وصناعة طرطوس”، إلى ضرورة اتخاذ قرار إيقاف تصدير زيت الزيت للعبوات التي أحجامها تزيد عن الخمس ليترات، ريثما تتضح التقديرات الأولية للإنتاج، لكن قرار إيقاف التصدير استنكره بعض المزارعين الذين أكدوا أن أي انخفاض في الأسعار سيؤدي إلى خسائر، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج للموسم الفائت.

المواطنون يقولون إنه في ظل غلاء المعيشة وصعوبة تدبّر جميع متطلبات الأسرة، من الصعب على عائلة متوسطة الدخل أن تشتري عبوة زيت بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل “اللامنطقي”، حيث يتجاوز سعر العبوة الـ 600 ألف ليرة سورية، بينما يُقدّر راتب الموظف الحكومي قرابة الـ 156 ألف ليرة.

في المقابل، يرى عدد من المزارعين أن سبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون يعود لعدة عوامل وخاصة في السنوات الأخيرة، منها تأثير التغيرات المناخية بطريقة سلبية على المحاصيل كافة بشكل عام، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف المتعلقة بمستلزمات الإنتاج كالحراثة والتقليم وجني المحصول، وتعرض محصول الزيتون للكثير من الجانحات المَرَضية وأهمها عين الطاووس وارتفاع تكاليف عصر الزيتون.

تكاليف مرهقة

تكاليف زراعة الزيتون لا تقتصر على الري والفلاحة والأعمال التي تسبق القطاف، وإن كانت أساسية ومهمة، فعند الوصول إلى موسم عصر الزيتون بعد منتصف تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، تبدأ تكاليف أخرى بالظهور ويتم التعامل معها بشكل مختلف بين شخص وآخر من المزارعين.

الأهالي في سوريا اعتادوا على تخزين العديد من المواد الغذائية، دعما لمخزونهم الغذائي طوال فصلي الشتاء والربيع، بغية الإسهام في تخفيف النفقات والمصاريف المعيشية اليومية، ذلك لأن هذه الأصناف الغذائية غير متوفرة في فصل الشتاء وفي حال توافرت فستكون غالية الثمن وطعمها غير جيد مثل مواسمها الطبيعية.

غير أنه خلال العام الماضي تجنّب الكثير من السوريين صنع “المونة” نتيجة غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، وكان من بين هذه المواد التي تُخزّن عادة؛ زيت الزيتون، لا سيما وأنه يُعد أحد المكونات الأساسية في صنع “المكدوس” الشهير في سوريا.

بالتزامن مع هذا السعر المرتفع لزيت الزيتون، يبدو أن نسبة كبيرة من السكان ستمتنع عن شرائه والاكتفاء بالزيوت النباتية ذات الجودة المنخفضة، سواء في الطبخ أو في صنع “المونة” وتحديدا “المكدوس”.

بحسب إحصاءات “المجلس الدولي للزيتون” لموسم 2020-2021، فإن سوريا أكثر الدول العربية من حيث استهلاك الفرد لزيت الزيتون، وحسب إحصاءات المجلس، وهو عبارة عن منظمة حكومية دولية تضم 44 دولة، تستحوذ على 98 بالمئة من الإنتاج العالمي من زيت الزيتون، فإن استهلاك الفرد من زيت الزيتون في سوريا، هو الأعلى عربيا والرابع عالميا بـ 4.6 لترات سنويا.

عدد أشجار الزيتون في سوريا يبلغ وفق إحصائية “وزارة الزراعة السورية”، نحو 106 ملايين شجرة، منها 82 مليونا مثمرة، وتتوزع زراعة الزيتون في المنطقة الشمالية، إدلب وحلب، بنسبة 46 بالمئة، وفي المنطقة الوسطى، حمص وحماة، بنسبة 24 بالمئة، وفي المنطقة الساحلية، طرطوس واللاذقية، بنسبة 18 بالمئة، وفي الشرقية، دير الزور والحسكة والرقة، بنسبة 2 بالمئة، لتدخل مناطق الجنوب، درعا والسويداء حديثا وبوتيرة زراعة عالية، بنسبة 10 بالمئة، ما أوصل الإنتاج المتوقع إلى أكثر من 800 ألف طن خلال العام الماضي من الثمار، ونحو 125 ألف طن من زيت زيتون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات