منذ بداية العام الجاري واجه راتب الموظف السوري صعوبات كبيرة في مواجهة الحد الأدنى من تكاليف المعيشة السورية، فرغم أنه مع بداية العام كان لا يحقق الحد الأدنى من تكاليف الحصول على غذاء لأسرة مؤلفة من ثلاثة أفراد، إلا أنه واصل النزيف أمام ارتفاع أسعار السلع والخدمات في سوريا.

بحسب تقارير متخصصة فإن رواتب العاملين والموظفين في سوريا الثابتة منذ بداية العام الجاري، فقدت نحو 35 بالمئة من قيمتها منذ مطلع العام، حيث واصلت أسعار السلع والخدمات في البلاد ارتفاعها، أم ردود أفعال الحكومة فاقتصرت على اقتراح خطط تتعلق بزيادة الرواتب دون إقرارها حتى الآن.

هزالة الأجور السورية وصلت إلى حد تهديد الأمن الغذائي بالنسبة للعاملين، خاصة أولئك الموظفين في القطاع الحكومي، الذين أصبحوا غير قادرين على تحمّل تكاليف الغذاء بمختلف أنواعه، بعد أن خرجت العديد من المواد من قائمة مشترياتهم لا سيما اللحوم والمكسرات وبعض أنواع الفواكه.

أجور هزيلة

تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أفاد بأن “هزالة منظومة الأجور السورية لا تحتاج إلى كثيرٍ من الإثبات والبراهين اليوم. حيث لم يعد جهاز الدولة في البلاد يمنح أجوراً فعلية قادرة على تغطية الحاجات الضرورية للإنسان”.

التقرير ركز على أوضاع العاملين والموظفين في القطاع العام، البالغ عددهم نحو 1.75 مليون شخص، حيث يقع هؤلاء فريسة سهلة للفجوة التي تتسع بشكل دوري بين الحد الأدنى الهزيل للأجور، وتكاليف الحاجات الأساسية لضرورة بقاء الإنسان على قيد الحياة.

على الرغم من أن الحد الأدنى للأجور في سوريا، شهد ارتفاعات عديدة خلال الأعوام الماضية، خاصة بعد 2011، إلا أن هذه الزيادة الشكلية للأجور لم تعكس ارتفاعا للقيمة الحقيقية للأجور التي يتلقاها العمال السوريون مقابل قوة عملهم، بل على العكس من ذلك، فإن هذه القيمة الحقيقية آخذة بالانخفاض بشكل مستمر مقارنة بمعدلات التضخم في البلاد.

قد يهمك: الكهرباء تزيد من معاناة السوريين.. كيلو “البوظة” بـ 70 ألف ليرة

هذا الارتفاع الشكلي ينهار بمجرد القيام بتقويم الأجر بالدولار في السوق السوداء “بوصفه المعيار الفعلي الذي تتحدد تبعا له أسعار جميع السلع في السوق تقريبا”، وهنا نجد أن الحد الأدنى للأجور انخفض بشكل فعلي من 94.2 دولار في عام 2015، إلى 38 دولار في عام 2019، وفي بداية العام الجاري هبط إلى حدود 15.8 دولار، وخلال ستة أشهر فقط، أي حتى منتصف 2023، انخفض مجددا ليتأرجح عند حدود 9.8 دولار.

يبدو أن قطار الأسعار تجاوز خطط الحكومة في محاولاتها مساعدة السوريين على مواجهة الصعوبات المعيشية، حيث أن المسؤولين الحكوميين يتحدثون منذ نحو عام عن خطة لزيادة الأجور والرواتب، ومنذ ذلك الوقت ضربت موجات عديدة من الارتفاعات في أسعار المواد الأساسية بما فيها المحروقات، ولم يتم إقرار خطة الزيادة بعد.

ارتفاع الأسعار في سوريا لم يتوقف منذ بداية العام الجاري، ففي الفترة التي تلت عيد الأضحى الفائت فقط، ارتفعت الأسعار فيها بمعدل وسطي بلغ 25 بالمئة، في وقت أن الجهات المعنية “في دائرة مغلقة ولا تعرف كيف ستخرج منها” حسب تصريحات أمين سر “جمعية حماية المستهلك” في دمشق عبد الرزاق حبزة الذي دعا أيضا إلى اتخاذ إجراءات سريعة وفورية للحد من ارتفاع سعر الصرف لما له من آثار سلبية وانعكاس مباشر على الأسواق.

ارتفاع الأسعار لم يوفر حرفيا أي مادة في سوريا، وكان الأساس ارتفاع أسعار المحروقات الذي أثّر بشكل سلبي وسريع على جميع السلع، لدوره الأساسي في عملية الإنتاج، وخلال العامين الماضيين شهدت أسعار هذه المواد ارتفاعات متكررة، ففي العام 2020 كان سعر مادة البنزين 575 ليرة، بينما وصل سعره اليوم إلى 8600 ليرة.

معظم الموظفين في القطاع العام يتفقون على أن الراتب لا يكفي، فالأجر الشهري الذي قد لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية، في أحسن الأحوال لا يكفي لتغطية مصروفات العائلة لأكثر من 48 ساعة. وقد يكون ذلك الراتب كافيا لشراء منظفات ومحارم لمدة يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، ولا يمكن أن يغطي باقي متطلبات المعيشة الأساسية الأخرى.

ارتفاع بالملايين

بحسب تقرير لذات الصحيفة المحلية الصادر مؤخرا، فإن متوسط تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد، قفز إلى أكثر من 6.5 مليون ليرة سورية، في حين وصل الحد الأدنى إلى 4.1 مليون ليرة سورية، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، في الوقت الذي لم يزد فيه الحد الأدنى للأجور عن 92 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 10 دولار تقريبا.

التقرير الذي رصد ارتفاع متوسط تكاليف المعيشة، اعتمد على الحاجات الأساسية للفرد من الغذاء الضروري، وبناء على الارتفاع في أسعار السلع الغذائية، فقد سجل شهر تموز/يوليو الجاري، ارتفاع متوسط معيشة الأسرة في سوريا بحوالي 890 ألف ليرة سورية، وذلك عن متوسط التكاليف التي سجلها مؤشر “قاسيون” في نهاية شهر آذار/مارس الماضي.

الحد الأدنى لراتب الموظف الحكومي الثابت عند 92 ألف ليرة، كان غير قادر في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، على تغطية سوى 1.6 بالمئة، من متوسط تكاليف المعيشة، ومع الارتفاع في أسعار مختلف السلع أصبحت مشاركته في متوسط التكاليف لا تتجاوز 1.4 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات