في الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية في سوريا من تدني مستوى الخدمات التعليمية المُقدّمة للطلاب، تلجأ بعض العائلات السورية إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، لكن ارتفاع رسوم هذه المدارس جعل معظم العائلات يستغنون بشكل نهائي عن تعليم أبنائهم في المدارس.

عاما بعد آخر تشهد رسوم  تسجيل المدارس الخاصة بمختلف مراحلها، ارتفاعا في الأسعار، حيث أصبح تدريس الأطفال في هذه المدارس يحتاج إلى ميزانية خاصة تُقدّر بالملايين، وذلك رغم وجود قرارات تقضي بوضع أسقف سعرية لرسوم المدارس الخاصة في البلاد.

تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أشار إلى أن غالبية المدارس الخاصة لم تعلن بشكل رسمي عن رسوم التسجيل السنوية لديها، لكنها علمت من مصادر قريبة من ذوي الطلاب أن رسوم التسجيل في المدارس السورية الخاصة لا تقل عن مليوني ليرة سورية.

رسوم جديدة

رسوم التسجيل هذه قابلة للزيادة في بعض المدارس، ولا تتضمن قيمة الكتب والقرطاسية واللباس، التي تُحدد مع بدء العام الدراسي، وكذلك لا تتضمن أجور النقل التي قد تصل إلى مليون ونصف ليرة، وكذلك لا تتضمن أسعار الخدمات المضافة في كل مدرسة.

خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد زيادة في المدارس التعليمية الخاصة، وذلك بسبب تراجع مستوى الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية المجانية، إذ يقول ذوو الطلاب أن أبنائهم أصبحوا يضيّعون وقتهم في المدارس الحكومية التي لم تعد تقدم خدمات تعليمية جيدة كما كان الوضع سابقا.

“الحكومية بلا جدوى والخاصة بالملايين”، قالت ماريا الآغا، وهي أم لثلاثة أطفال تعيش في محافظة دمشق، وهي تشرح عن واقع تعليم أبنائها، مشيرة إلى أنها مِقبلة على عدم تسجيل اثنين من أبنائها في المدارس واللجوء إلى التعليم في المعاهد والمنزل.

قد يهمك: كيف تبخّر ثلث راتب الموظف السوري منذ بداية العام 2023؟

الآغا أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “كان أولادي الثلاثة في المدارس الخاصة العام الماضي، لكن يبدو أننا لا نستطيع تحمّل ارتفاع رسوم هذه المدارس، والمدارس الحكومية بلا جدوى للطالب، ربما سنحتاج المدرس فقط في مراحل الحصول على الشهادة، أي بالصف التاسع والبكالوريا وتقديم الامتحانات بشكل حر بدون مدارس، سأُبقى فقط على ابني الصغير في المدرسة، فهو ما يزال في الصف الثاني الابتدائي”.

مؤخرا يؤكد الأهالي، أنهم لا يستطيعون إرسال أبنائهم في مختلف المراحل إلى الامتحانات النهائية، لا سيما إذا كانت امتحانات شهادتي التعليم الأساسية والثانوية، بدون الخضوع لسلسلة من الدروس الخصوصية، حيث أن المدرسة وحدها لا تكفي لتجهيز الطالب لخوض الامتحانات .

المشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

بديل التعليم الحكومي؟

انتشار الدروس الخصوصية في سوريا وصل إلى حد اعتبارها بديلا كاملا عن التعليم الرسمي، فبعض طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية، يعتمدون على الدروس الخاصة بشكل كامل فيما يخصّ التحضير للامتحانات النهائية، وذلك عبر التقديم مباشرة للامتحانات بدون الحاجة للدوام في المدارس.

أسعار الدروس الخصوصية قد تصل إلى 50 ألف ليرة سورية عن كل ساعة تدريس لمادة الرياضيات، وقد تصل إلى 150 ألف في الأيام التي تسبق فترة الامتحانات النهائية، وسط غياب أدنى مستويات الرقابة الحكومية.

التعليم في سوريا يواجه العديد من العوائق، فقد أكد مركز “حقوق الطفل العالمي“، في نهاية عام 2021، أن النزاع أثّر سلبا على جميع جوانب حياة الأطفال السوريين. بما في ذلك تعليمهم. حيث أُصيب التعليم في سوريا بالشلل بسبب تضرر المدارس أو تدميرها، وقتل أو جرح أطفال، ومعلمون أُجبر البعض منهم على الفرار، فضلا عن تغيير المناهج الدراسية لملايين الأطفال.

بحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل “1989”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات