الزيادة خسرت عشرات الآلاف قبل إقرارها.. ماذا تنتظر الحكومة السورية لتعديل الرواتب؟

منذ أشهر والحكومة السورية تتحدث عن خطة وشيكة لزيادة الرواتب والاجور في سوريا، تزامنا مع استمرار نزيف متوسط الأجور في البلاد، أما تكاليف معيشة الأسرة السورية، والارتفاع المتواصل لأسعار مختلف السلع والخدمات.

منذ أيار/مايو الماضي، بدأ الحديث في أوساط المؤسسات الحكومية السورية عن قرار زيادة الرواتب الأجور، وكان سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء السورية نحو 7500، وفي شهر حزيران/يونيو تحدث عضو مجلس الشعب السوري محمد زهير تيناوي بشكل رسمي عن وجود خطة تتعلق بزيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 70 بالمئة.

اليوم وبعد مرور نحو شهرين على تلك التسريبات سجل الدولار الأميركي سعر 10300 ليرة سورية، بمعنى أن أي زيادة تتحدث عنها الحكومة السورية، خسرت من قيمتها منذ ذلك الوقت فقط نحو 25 بالمئة، ما يطرح التساؤلات حول ماذا تنتظر الحكومة السورية لإقرار الزيادة بما يتناسب مع معدلات التضخم في البلاد.

حكومة عاجزة؟

يبدو واضحا أن الحكومة السورية عاجزة عن إقرار اي زيادة في الرواتب والأجور مهما كانت نسبتها، والتسريبات الأخيرة ما هي إلا “إبرة مخدر” للسوريين الذي أنهكتهم الارتفاعات المتتالية في أسعار اسلع والمواد الأساسية، حيث وصلت الظروف المعيشية إلى حد لم تعد فيه أية زيادة في الرواتب قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار.

تقرير لـ”تلفزيون الخبر”، اعتبر أن “تسريبات الزيادة” التي تخص الرواتب والأجور في سوريا، يبدو أنها كانت تخص وتقصد الزيادة في أسعار السلع وأسعار صرف العملات الأجنبية، فمع كل مرة يجري فيها الحديث عن زيادة الأجور كانت أسعار صرف الدولار تسجل ارتفاعات متتالية في سورية، وقد شمل الارتفاع النشرات الصادرة عن “بنك سوريا المركزي”.

التقرير خلص إلى أن الزيادة في الرواتب التي يجري الحديث عنها، خسرت نحو 30 ألف ليرة سورية منذ بدء الحديث عنها، حيث عن الزيادة بنسبة 70 بالمئة لراتب قدره 150 ألف ليرة سورية ستجعله 255 ألف ليرة، لكن مع حساب الفرق في سعر صرف الدولار يكون الراتب خسر الرقم المذكرة حتى قبل إقرار الزيادة.

منذ بداية العام الجاري واجه راتب الموظف السوري صعوبات كبيرة في مواجهة الحد الأدنى من تكاليف المعيشة السورية، فرغم أنه مع بداية العام كان لا يحقق الحد الأدنى من تكاليف الحصول على غذاء لأسرة مؤلفة من ثلاثة أفراد، إلا أنه واصل النزيف أمام ارتفاع أسعار السلع والخدمات في سوريا.

قد يهمك: الكهرباء تزيد من معاناة السوريين.. كيلو “البوظة” بـ 70 ألف ليرة

بحسب تقارير متخصصة فإن رواتب العاملين والموظفين في سوريا الثابتة منذ بداية العام الجاري، فقدت نحو 35 بالمئة من قيمتها منذ مطلع العام، حيث واصلت أسعار السلع والخدمات في البلاد ارتفاعها، أم ردود أفعال الحكومة فاقتصرت على اقتراح خطط تتعلق بزيادة الرواتب دون إقرارها حتى الآن.

هزالة الأجور السورية وصلت إلى حد تهديد الأمن الغذائي بالنسبة للعاملين، خاصة أولئك الموظفين في القطاع الحكومي، الذين أصبحوا غير قادرين على تحمّل تكاليف الغذاء بمختلف أنواعه، بعد أن خرجت العديد من المواد من قائمة مشترياتهم لا سيما اللحوم والمكسرات وبعض أنواع الفواكه.

أجور هزيلة

تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أفاد بأن “هزالة منظومة الأجور السورية لا تحتاج إلى كثيرٍ من الإثبات والبراهين اليوم. حيث لم يعد جهاز الدولة في البلاد يمنح أجوراً فعلية قادرة على تغطية الحاجات الضرورية للإنسان”.

التقرير ركز على أوضاع العاملين والموظفين في القطاع العام، البالغ عددهم نحو 1.75 مليون شخص، حيث يقع هؤلاء فريسة سهلة للفجوة التي تتسع بشكل دوري بين الحد الأدنى الهزيل للأجور، وتكاليف الحاجات الأساسية لضرورة بقاء الإنسان على قيد الحياة.

على الرغم من أن الحد الأدنى للأجور في سوريا، شهد ارتفاعات عديدة خلال الأعوام الماضية، خاصة بعد 2011، إلا أن هذه الزيادة الشكلية للأجور لم تعكس ارتفاعا للقيمة الحقيقية للأجور التي يتلقاها العمال السوريون مقابل قوة عملهم، بل على العكس من ذلك، فإن هذه القيمة الحقيقية آخذة بالانخفاض بشكل مستمر مقارنة بمعدلات التضخم في البلاد.

هذا الارتفاع الشكلي ينهار بمجرد القيام بتقويم الأجر بالدولار في السوق السوداء “بوصفه المعيار الفعلي الذي تتحدد تبعا له أسعار جميع السلع في السوق تقريبا”، وهنا نجد أن الحد الأدنى للأجور انخفض بشكل فعلي من 94.2 دولار في عام 2015، إلى 38 دولار في عام 2019، وفي بداية العام الجاري هبط إلى حدود 15.8 دولار، وخلال ستة أشهر فقط، أي حتى منتصف 2023، انخفض مجددا ليتأرجح عند حدود 9.8 دولار.

يبدو أن قطار الأسعار تجاوز خطط الحكومة في محاولاتها مساعدة السوريين على مواجهة الصعوبات المعيشية، حيث أن المسؤولين الحكوميين يتحدثون منذ نحو عام عن خطة لزيادة الأجور والرواتب، ومنذ ذلك الوقت ضربت موجات عديدة من الارتفاعات في أسعار المواد الأساسية بما فيها المحروقات، ولم يتم إقرار خطة الزيادة بعد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات