التسول في الشوارع السورية، بات ظاهرة منتشرة في عدد من مدن البلاد خلال السنوات الماضية، وقد زادت معدلات التسول في العاصمة دمشق بحسب ما رصدت وسائل إعلام محلية، الأمر الذي دفع بعض المختصين إلى إطلاق ناقوس الخطر بسبب الأسباب التي دفعت شريحة واسعة من الأشخاص للاتجاه إلى التسول بحثا عن مصدر رزق.

التسول في سوريا لم يعد كذلك مقتصرا على شوارع المدن الرئيسية، فقد وصل الأمر إلى حد انتشار التسول عبر الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ما يطرح التساؤلات عن أسباب انتشار هذه الظاهرة، غير الأسباب الاقتصادية التي باتت معروفة للجميع.

في العاصمة دمشق لا يكاد يخلو ركن من شوارع المدينة، إلا وينتشر فيه المتسولون واللافت في الأمر أن معظم المتسولين هم من المراهقين والأطفال، حيث تحدثت تقارير عن وجود تنظيم لعمل المستولين لا سيما الأطفال منهم، وسط غياب شبه كامل للسلطات عن ملاحقة المنظمين لهذه العمليات.

الاقتصاد ليس السبب الوحيد

رغم أن انتشار ظاهرة التسول مربوط بشكل مباشر بتراجع مستوى المعيشة في سوريا، إلا أن مختصون رأوا أن هذا الانتشار ليس محكوما بالأوضاع الاقتصادية فقط، حيث أكد المرشد الاجتماعي أحمد محمود، أن التسول “ظاهرة اجتماعية خطرة جدا ولعل خطورتها تكون أكبر على الأطفال الذين يجبرون للعمل كمتسولين”.

محمود أشار في تصريحات نقلتها منصة “غلوبال نيوز” المحلية، إلى أن الأسباب تتمحور كذلك حول “تفكك بعض الأسر بسبب ارتفاع نسبة الطلاق، إضافة للتسرب المدرسي الذي ساهم أيضا في استغلال الأطفال من ضعاف النفوس لتشغيلهم بالتسول، أو بأعمال أخرى شبيهة مثل بيع المحارم أو الورد على إشارات المرور”.

من إحدى مظاهر التسول كذلك “التسول الإلكتروني” الذي انتشر مؤخرا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقوم البعض بنشر قصة ما ويدعي أنها قصته، ويطلب المساعدة في المجموعات الخاصة أو عبر إرسال الرسائل الخاصة.

أحمد نجار مشرف على صفحة خدمية في دمشق، يؤكد أن عشرات الرسائل تصله أسبوعيا لأشخاص يودون نشر طلبات مساعدة مالية عبر المجموعة التي يعمل عليها منذ ثلاث سنوات في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

تسول إلكتروني

نجار أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “بشكل شبه يومي تصل هذه الرسائل، ومعظم الحسابات التي تصر عبرها الرسائل هي حسابات بأسماء وهمية، وتقوم على نشر قصص لاستعطاف أعضاء المجموعة من أجل الحصول على مساعدات مالية، غالبا ما أرفض نشر هذه المنشورات، لكن البعض كذلك يعمل على إرسال الرسائل الخاصة بشكل عشوائي ويطلب المساعدة المالية”.

قد يهمك: الكهرباء تزيد من معاناة السوريين.. كيلو “البوظة” بـ 70 ألف ليرة

بدورها اعتبرت مديرة الشؤون الاجتماعية في دمشق دالين فهد، أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ان السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات التسول في الشوارع السورية، مؤكدة بأنه يتم اتخاذ إجراءات لمكافحة التسول عبر التنسيق مع أقسام الشرطة في وزارة الداخلية، التي تقوم بدورها برصد حالات التسول، والقبض على المسؤولين، وتنظيم الضبط اللازم بحقهم وتحويلهم للقضاء حسب قولها.

مديرية الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كانت قد أصدرت قرارا في منتصف آذار/مارس 2021 القاضي بخطوات العمل والأدوار الجديدة المعتمدة لمعالجة ظاهرة التسول والتشرد بتكليف قيادات الشرطة في كل محافظة بضبط المتسولين والمتشردين بالتعاون بين الشرطة والشرطة السياحية.

 كما عمدت المديرية إلى تخصيص خطوط ساخنة للتواصل مع الشرطة (غرف العمليات) للإبلاغ عن أي حالة تسول أو تشرد ومكان وجودها مع اتباع الإجراءات التالية: الرصد والإبلاغ، الضبط، الإحالة والمعالجة القضائية، وأن يقوم مكتب مكافحة التسول بإجراءات عرض الحالات على المحامين العامين ليقوموا بدورهم بالإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى دور الرعاية المعتمدة، مع اتخاذ العقوبات اللازمة.

الأوضاع الاقتصادية في سوريا، تشهد تدهورا متزايدا خلال الأشهر الماضية، مع وصول سعر الدولار الأميركي في البلاد إلى 10 آلاف ليرة سورية للدولار الواحد، فضلا عن ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات تزامنا مع ثبات في متوسط الأجور والرواتب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات