في ظل تهالك الوضع المعيشي في سوريا، يعقد مجلس الشعب السوري اليوم الإثنين ما سمّاها “جلسة استجواب” للحكومة السورية، لمناقشة الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد، وسط تشاؤم شعبي من جدوى هذه الجلسة وأثرها الإيجابي على تحسين الوضع المعيشي للسوريين خلال الفترة القادمة.

هذا الإصرار من قبل مجلس الشعب السوري على تحميل الحكومة السورية المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد، يطرح التساؤلات عما إذا كانت الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها تملك فعلا الحلول القابلة للتطبيق، من أجل تحسين الواقع المعيشي في البلاد.

على مدار الأشهر الماضية، ساهمت القرارات الحكومية في زيادة الأعباء الاقتصادية على السوريين، كل ذلك في وقت سرّبت فيه الحكومة أنباء تتحدث عن نيّتها زيادة الأجور والرواتب لمساعدة السوريين على تقليل الفجوة بين تكاليف المعيشة والأجور، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث حتى الآن.

أدوات مفقودة

مجلس الشعب السوري، أوضح في بيان أن الهدف من الجلسة مع الحكومة، دراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة السورية، في وقت أكد عضو المجلس محمد خير العكام، أن “ما سيجري هو استجواب للحكومة لمعرفة ما الذي حصل حتى تسوء الأمور المعيشية لهذه الدرجة خلال الفترة الماضية وحتى اليوم”.

Syrian lawmakers, some clad in masks due to the COVID-19 coronavirus pandemic, attend the first meeting of the new parliament following the July 2020 legislative election at the Syrian Parliament building in the capital Damascus on August 10, 2020. (Photo by LOUAI BESHARA / AFP) (Photo by LOUAI BESHARA/AFP via Getty Images)

بحسب تصريحات العكام، فإن الجلسة ستتضمن مطالبة المجلس بزيادة الراتب بنسب عالية تصل إلى 50 بالمئة، “والأهم من ذلك هو تحديد واتباع سياسة واضحة المعالم لضبط سعر الصرف وتخفيضه، إذ إنه لا فائدة من الزيادة إذا كان التضخم سيأكلها”.

هذه الجلسة الاستثنائية أثارت جدلا واسعا وموجات سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قلّل سوريون من تأثير مجلس الشعب السوري على قرارات الحكومة، معتبرين أن المجلس لا يملك سوى رفع الأيادي وإطلاق التصريحات التي “هي بالأساس بلا قيمة ولا تؤثر على سياسات الحكومة”.

قد يهمك: لماذا يمكن أن يخاصم السوريين الزيت والقهوة؟

“الحل نت” رصد تعليقات السوريين على الجلسة المنعقدة في مجلس الشعب السوري بمشاركة الحكومة، حيث اكدت التعليقات أن “الجلسة المزعومة” لا تعدو كونها إبرة مخدر جديد للشعب، من أجل الانتظار أكثر، وقال إسماعيل شيخو تعليقا على الجلسة “أنا ما بعرف حقيقة شو ممكن يعمل المجلس، يسحب الثقة من الحكومة؟ وشو الفائدة، صرنا مغيرين 3 حكومات آخر كم سنة وكل حكومة أسوأ من اللي قبلها”.

خبراء في الاقتصاد السوري أكدوا أن أي حديث عن جلسات استثنائية أو حتى تغيير في الحكومة، لن يكون مجديا لتحسين الواقع المعيشي في سوريا، فالحكومة حتى ولو أرادت فإنها لا تملك أية أدوات لتحسين الواقع الاقتصادي.

حكومة عاجزة؟

“الحكومة عاجزة وترفض الاعتراف”، قال الخبير الاقتصادي يمان عباس، مرجحا أن تكون هناك خطوات تصعيدية في المجلس لتبرير هذه الجلسة، وقد تصل إلى سحب الثقة عن الحكومة، لكن جميع الإجراءات المتوقعة لن تكون لها أية فائدة إذا لم يكن هناك تدخل من القيادة التي تعين الحكومة.

عباس أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “أتوقع أن يكون هنالك تغيير حكومي قريب، وهذا لن يكون بسبب إرادة مجلس الشعب، الجميع يعلم أن مجلس الشعب هو صورة ويتلقى تعليمات مباشرة لجداول أعماله، لكنها إبرة مخدر من القيادة العليا، يجب أولا أن يكون هناك اعتراف حكومي بالعجز التام، ومن ثم التفكير بالخطوات التي يمكن اتخاذها لتقليل الفجوة الاقتصادية في البلاد، والحل طبعا ليس بزيادة الرواتب، إنما بخطوات كثيرة أبرزها ربما دعم الصناعة والاستفادة من مقومات الإنتاج في البلاد”.

منذ أشهر كان البعض يتحدث عن أن الراتب الحكومي لا يكفي لتغطية مصاريف عائلة لمدة أسبوع واحد، واليوم ومع الارتفاعات الجديدة في أسعار الصرف وأسعار السلع والمواد الغذائية، فإن الراتب الحكومي في سوريا فقد المزيد من قدرته الشرائية في الأسواق.

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطّلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية قبل أيام، أكد أن “الفريق الاقتصادي التابع للحكومة السورية، لم يعد له أي دور إيجابي في الأسواق، فحتى أسعار السكر والشاي والرز والمتة، يقتصر دور الحكومة في تحديد أسعارها على المشاهدة فقط”.

لكن التقرير تساءل عن الدور الحكومي، في تحديد  سعر البصل والثوم والبقدونس والنعنع والبطيخ بألوانه المختلفة، باعتبار أن إنتاج هذه المواد يتم بشكل محلي، ومع ذلك ترتفع أسعارها بشكل متكرر وبنسب عالية حتى وصلت في بعض الأحيان إلى مئة بالمئة.

منذ أشهر والحكومة السورية تتحدث عن خطة وشيكة لزيادة الرواتب والأجور في سوريا، تزامنا مع استمرار نزيف متوسط الأجور في البلاد، أمام تكاليف معيشة الأسرة السورية، والارتفاع المتواصل لأسعار مختلف السلع والخدمات.

خلال أيار/مايو الماضي، بدأ الحديث في أوساط المؤسسات الحكومية السورية عن قرار زيادة الرواتب الأجور، وكان سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء السورية نحو 7500، وفي شهر حزيران/يونيو تحدث عضو مجلس الشعب السوري محمد زهير تيناوي، بشكل رسمي عن وجود خطة تتعلق بزيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 70 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات