خلال السنوات العشر الماضية، لجأ الملايين من الشعب السوري لعدد كبير من دول العالم إن لم نقل معظمهم، خاصة دول الجوار، وكانت وجهة السوريين لمصر من أبرز تلك الوجهات، وفي خضم كل ذلك تعرّض السوريون للعديد من الحوادث وأشكال العنصرية والكراهية في بعض دول المنطقة ومنها تركيا، إلا أن الوضع في مصر يُعتبر استثنائيا، حيث تحتل المركز الأول في قلوب السوريين، حيث تكاد حالة التضامن المصري مع هجرة السوريين تكون نادرة، وقد عبّر المصريون ومنهم فنانين ومشاهير في عدة مناسبات عن حبهم الكبير للشعب السوري الذي يفسره الأخير على أنه انتماء لطيبة وأصل شعب مصر “أم الدنيا”.

في مشهد لافت، فاجأت الفنانة المصرية راندا البحيري جمهورها بحبها الكبير للهجة السورية، معبّرة أيضا عن حبها الشديد للشعب السوري وسوريا، بنشرها مقطع فيديو على صفحتها الشخصية عبر منصة “فيسبوك” يوم الإثنين الماضي، والتي لاقت موجة ترحيب وحب لكلماتها.

راندا البحيري تحب السوريين

راندا البحيري، نشرت مقطع فيديو قالت فيه إنه منذ فترة كان يحصل معها شيء غريب، لأنها كانت تشاهد الدراما التركية المدبلجة باللهجة السورية، حيث علقت في ذهنها تلك اللهجة وتعلمتها بشكلٍ لا إرادي.

البحيري أردفت في الفيديو “حابة شاركم حاجة حصلتلي اليومين دول، أنا كنت بتفرج على مسلسلات تركية وبختار دبجلة اللهجة السورية، وأحيانا بسمع المسلسل دون ما اتفرج عالمسلسل ومن كتر ما كنت بسمع الدبلجة بالسوري، بقيت أفكر بالسوري، يعني دماغي بتتكلم سوري وخاصة لما حدا بيحكي معي برد بدماغي باللهجة السورية..”.

في نهاية الفيديو، تساءلت البحيري عما إذا كان هذا الأمر يحدث مع الناس بشكل عام وطبيعي، أو إذا حدث لها بشكل استثنائي، وأعربت عن حبها للشعب السوري، ووجهت تحياتها إلى أهل سوريا والشعب السوري والفنانين، وخاصة فناني الدبلجة، وقالت “حبايبي أهل سوريا، بحبهم جدا جدا، حضن كبير أوي ليكم”.

من جانبهم، تفاعل المتابعون معها بشكل عام، ومن بينهم سوريون، حيث عبّروا عن ترحيبهم وحبهم لها ولعباراتها، وكتبوا لها كلمات الإعجاب باللهجة السورية، مضيفين “حياتي بتجنني، دخيل قلبك، يا عمري تقبشي قلبي انت الجميلة المذوقة وأن شاء الله تمثلي بمسلسل سوري كل الاحترام ليكي والنعم من مصر أم الدنيا ونحن منحبكم يا شعب مصر والدي زار مصر وانبسط كتير أنتو شعب طيب”.

البعض أيدها بحدوث مثل هذا الشيء معهم أيضا، بالتردد وإبقاء اللهجات في أذهانهم، وأضافوا “متل فلم ذكي شان بفكر بالصيني.. لا طبيعي احنا في سوريا من كتر ما بنحضر مسلسلات مصري بيحصل لنا زي كده، اديني بتكلم في دماغي مصري وانا بسمع الفيديو بتاعك، بس حلو السوري لما منسمعه من المصريين”، وأشار البعض الآخر إلى أنه الأمر حصل معه أيضا “صارت معي بس بالعكس، زرت مصر كنت صغيرة واخدت على لهجة مصر، لما رجعت حلب بقيت اتكلم مصري وأعيط مافيش حد يكلمني زيي”.

حب المصريين للسوريين

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تبادل المحبة بين مصريين وسوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حدثت العديد من الحوادث، بما في ذلك انتشار مقطع فيديو لرجل سوري يقول إنه حصل معه موقف عظيم من قِبل الشعب المصري لن ينساه، وتحدّث في الفيديو عن قصة عاشها تظهر محبة المصريين للسوريين ودفاعهم عنهم.

كذلك، في وقت سابق تبادل الشعبان السوري والمصري، مظاهر الحب والاحترام بينهما، عبر موقع التغريدات على منصة “تويتر”، إذ أكد المصريون ترحيبهم بإخوانهم السوريين في مصر مؤكدين أنها بلدهم الثاني وأنهم ليسوا أغرابا بها، كما رد عليهم الشعب السوري بالشكر والمحبة وأنهم شعب واحد لا فرق بينهم، وفق “بوابة الأهرام”.

جاء ذلك بعد تصدر هاشتاغ بعنوان “السوريين منورين مصر” على منصة “تويتر، قبل أن يرد السوريون بهاشتاغ “المصريون منورين الدنيا”، واجتاحت التدوينات الموقع محمّلة بالكثير من الحب والترابط بين الشعبين. وكان من بين المغرّدين فنانين سوريين، منهم الفنانة السورية كندة علوش، المتزوجة من الفنان المصري عمرو يوسف.

كما وانتشر مؤخرا، العديد من المقاطع للسوريين على منصات التواصل الاجتماعي ولا سيما منصة “تيك توك”، يعبرون عن حبهم لمصر وشعبها، فمنهم من غنّى لها على طريقة الفلكلور السوري، لتمجيد أماكنها والتعبير عن طيبة أهلها وكرم ضيافتهم، ومنهم من حكى عن ذكرياته مع الترحاب والمودة التي يجدهما بمجرد أن يعلم أي مواطن أنه مغترب عن بلده.

السوريون أضافوا “نحن على مصر جينا، لنحقق أمانينا، مصر يا أم الدنيا، وللسوري فتحت بابها، الله يحمى شبابها، يا مصر مثلك مين، أنتِ أم الملايين”، كلمات غنّتها فرقة السوريين على أنغام الطبل، إشادة بمصر التي رحّبت باللاجئين السوريين، وفتحت أبوابها لهم، لتؤكد أنها بلدهم الثاني، وفق “المصري اليوم“.

كما جاء ضمن كلمات الأغنية “لفينا العالم زي مصر ما لقينا”، وتزامنا مع هذا الفيديو نشر سوريون تجربتهم أثناء وجودهم بمصر، فأكد أكثر من شاب سوري أنه لم يشعر بالغربة بمجرد قدومه إلى مصر، ولم يجد مشكلات في التعامل أو أي نوع من أنواع العنصرية.

بدورهم، رحّب عدد من المصريين بكلمات الحب الصادقة من السوريين، وأعربوا عن سعادتهم بحديثهم، فكتب أحدهم “إحنا المصريين بنحب السوريين.. أهلا بكم في بلدكم الثاني.. نشعر أنكم مثل أهلنا”، وعلّق آخر “السوريون أخلاق رفيعة وذكاء وشطارة”، في إشارة إلى نجاح السوريين في استثماراتهم وأعمالهم بمصر.

أعداد السوريين في مصر

هذا ودخل السوريون إلى العديد من المجالات الخدمية والصناعية في مصر، وتوسعت استثماراتهم في مجال المطاعم والصناعات الغذائية والحرف التقليدية، إلى جانب صناعات المنسوجات وتجارة العقارات والأراضي، وفق تقرير لقناة “بي بي سي“.

على الرغم من أن عمل السوريين واستثماراتهم في مصر كانت في الآونة الأخيرة مثار حملة ضدهم بزعم أنها تمول أنشطة مشبوهة وتدير أموالا مشبوهة لصالح جماعة “الإخوان المسلمين” المصنّفة كجماعة “إرهابية” بحكم القانون في مصر.

غير أن هذه الحملة قابلها تدشين وسم “السوريين منورين مصر”، والذي حظي بزخم كبير وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في رسالة دعم وترحيب بالسوريين على أرض مصر. وتنظر الغالبية العظمى من المصريين إلى السوريين على أنهم أخوة وأشقاء، ومن خلال جولة بسيطة لسؤال المواطنين في شوارع القاهرة عن مدى رضاهم عن وجود السوريين في مصر والأنشطة التي يعملون بها، بادر أغلبهم بالقول إن السوريين يمثلون “نموذجا ناجحا للإنسان الذي يستطيع النهوض من جديد، وبناء ذاته بعد فقد كل شيء”.

تشير الأرقام الصادرة من “الأمم المتحدة” إلى أن إجمالي الأموال التي استثمرها السوريون في مصر منذ اندلاع الأزمة في بلدهم في 2011 يُقدر بنحو 800 مليون دولار، من خلال 30 ألف مستثمر مسجّل بالفعل لدى السلطات المصرية.

بحسب أحدث تقارير المفوضية السامية لـ”الأمم المتحدة” لشؤون اللاجئين في مصر يبلغ عدد السوريين المسجّلين لديها في مصر 147083  سوري، بينما تتحدث التقارير الحكومية المصرية إلى أن عددهم يتراوح بين 250 ألفا إلى 300 ألف سوري.

لكن “المنظمة الدولية للهجرة” قالت في وقت سابق، إن نتائج مسح إحصائي أجرته، عامي 2021 -2022، أظهر وجود أكثر من 9 ملايين مهاجر يعيشون في مصر، بينهم 1.5 مليون سوري. كما أن السوريين في مصر ينتشرون في عدة محافظات، لكنهم يتمركزون بشكل كبير في منطقة 6 أكتوبر غربي القاهرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات