كان من الممكن للمطربة اللبنانية مايا دياب أن تحيي حفلا غنائيا في العاصمة دمشق، اليوم الخميس، على أرض مدينة المعارض القديمة، ضمن فعاليات مهرجان “روزا داماس”، لكنها اعتذرت وعزت ذلك إلى تعرّضها لحالة صحية حصلت لها فجأة.

اعتذار دياب عن إحياء الحفل أثار موجة من الشكوك والتكهنات من قبل المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبروا أن سبب إلغاء الحفل قلّة الإقبال على التذاكر التي قُدّرت سعر البطاقة الواحدة بأكثر من 50 ألف ليرة سورية.

حفل مايا دياب

نحو ذلك، كشفت مايا دياب عن إصابتها بتسمم حاد، وتم نقلها على إثره إلى أحد المستشفيات، وتسبب ذلك في إلغاء حفلها المقرر إقامته اليوم الخميس، وكتبت عبر حسابها الشخصي على منصة “تويتر” “أعتذر من الجمهور السوري والقائمين على مهرجان روزا داماس عن إحياء الحفل المقرر غدا 27 تموز/يوليو بسبب تسمم حاد تعرضت له ودخول المستشفى بسببه”، معربة عن تمنياتها بلقاء الجمهور السوري في وقت قريب وبظروف أفضل.

عقب نشر هذا الخبر على صفحات الصحف والمواقع المحلية، مثل إذاعتي “المدينة إف إم” و”نينار إف إم”، انهالت التعليقات من قبل الجمهور، مشكّكين بسبب إلغاء الحفل، فكتب أحدهم “معقول ما أنفقوا البطاقات، شكلو لان مالقوا اقبال ع الحفلة قام لغوها”.

في حين تكهّن البعض بانهيار سعر الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، خاصة أن البطاقة كانت مسعّرة بالليرة السورية، وقبل نحو أربعة أيام ارتفع سعر الصرف بنسبة كبيرة، مما خسر قيمته. وأشاروا إلى أن القائمين على الحفلة وجدوا أن الحفل سيكون خاسرا بالنسبة لهم، خصوصا أن أجر الفنانة اللبنانية سيكون بالدولار وليس بالليرة، وبالتالي تم إلغاء الحفل.

من ناحية أخر، يرى البعض في إلغاء حفلها أمرا جيدا، بالنظر إلى أن الظروف المعيشية صعبة ولا يستطيع أحد دفع حوالي 50 ألفا لحضور حفل قد لا يوفر لهم الرفاهية المطلوبة، بالإضافة إلى عدم وجود شعبية كبيرة لدياب في سوريا، وأضافوا “خير ماعملت، ريحتينا، خسارة كنت حاجزة بالصف الأول، مستحيل في عنا بسورية عالمين منفصلين معقول بيدعوا هيك كائنات لعنا وبالعملة الصعبة وما في عملة صعبة لاستيراد أساسيات الحياة”.

هذا وكانت مايا دياب قد شاركت قبل عدة أيام عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل إعلان الحفل وأعربت عن حماسها للقاء الجمهور السوري بعد “غياب طويل” حسب تعبيرها، مضيفة “لاقوني بـ ٢٧ تموز/ يوليو حتى نحتفل ونرقص ونغني سوا بمهرجان روزا داماس في معرض دمشق الدولي القديم”.

كان من المقرر أن تفتح مايا دياب فعاليات مهرجان “روزا داماس” في دمشق إلى جانب الموسيقار العالمي “غي مانوكيان”، في حين سيُحيي مواطنها ملحم زين، ثاني أيام المهرجان الموافق 28 الشهر الجاري.

بينما يعاني معظم السوريين في الداخل بشكل كبير نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية، تفتتح مهرجانات الحفلات الصيفية في سوريا، مثل مهرجان ليالي قلعة دمشق برعاية حصرية من شركة “سيريتل” للعام الثاني على التوالي، والتي ستطلقها شركة “مينا” الأول من المهرجان في 2 آب/أغسطس القادم، إلى جانب مهرجان “روزا داماس” في مدينة أرض المعارض القديمة.

الاجحاف بحق المطربين السوريين

في سياق متّصل، انتقد المطرب السوري جورج طحان، الجهات المعنية بتنظيم المهرجانات والحفلات الغنائية في سوريا، وقال إن الفنانين السوريين هم أولى وأحق للغناء في مهرجانات بلادهم، في إشارة واضحة إلى إحضار “مهرجان ليالي قلعة دمشق” لفنانين غير سوريين باستثناء فنان واحد فقط هذا العام، وعدم إعطاء الأولوية والأهمية للمغنين السوريين.

طحان أردف في لقاء مع إذاعة “المدينة أف أم” المحلية، مؤخرا، في برنامج “داماسكوس نايت شو” مع وجيه الجندي، عقب سؤاله إذا تم الاتصال به بخصوص الحفلات الجماهيرية التي تُقام في مدينة المعارض القديمة بدمشق أو مهرجان ليالي قلعة دمشق، ولماذا يغيب الفنان السوري عن هذه المهرجانات، وإذا حضر فهو الفنان الوحيد من بين مجموعة من غير السوريين، أنه لم يتواصل معه أحد للمشاركة في المهرجانات السورية.

كما أشار المطرب السوري إلى أنه “كانوا يطلبوننا سابقا لإحياء الحفلات الغنائية والمهرجانات لعدم قدرة منظمي هذه الحفلات على دفع أجور للفنانين غير السوريين”، في نقد واضح للجهات المعنية بتنظيم هذه المهرجانات.

طحان لفت إلى أن “الفنان لا يطلب منهم أن يحضر وإنما على القائمين أن يتواصلوا معه، وأعتقد يجب أن يكون هناك مناصفة في حضور الفنانين السوريين مع غير السوريين. فمثلا إذا كان هناك مهرجان متعلق ببلد معين، فهل يجوز إحضار فنان من غير جنسية ذلك البلد، هذا خارج المنطق حقيقة، في الإمارات مثلا عندما يكون هناك مهرجان، يكون حسين الجسمي أول المغنين فيه وهكذا..”.

تفاعل المتابعون مع انتقادات طحان للجهات المعنية بتنظيم المهرجانات الجماهيرية في سوريا، فكتب أحدهم “اريح الك حفله بأستراليا من حفله بسوريا والله الطبقة الراقية الي هون كأنها عايشه ومالهن علاقه بالطبقة التانية.. اجارات هون وتجهيز حفلات وأجواء تقرف المطرب”.

بينما انتقد أحد المعلقين بالقول “ما هون المشكلة، بيدعمولك أصوات الجعير والأغاني الجبلية الهابطة، والأصوات الحلوة مهملة وما حدا بيعرفها بسبب الإهمال”، في إشارة إلى إحضار المغنيين الشعبيين مثل بهاء اليوسف وعلي الديك وحبيب توفيق في عدة حفلات سابقة، ومنها حفلات مدينة المعارض بدمشق.

الفن الهابط يستحوذ على المهرجانات

في المقابل، كشفت شركة “مينا” عن القائمة النهائية للفنانين العرب الذين سيغنّون في مهرجان ليالي قلعة دمشق الدورة الرابعة، ففي أول أيام المهرجان والذي سينطلق في 2 آب/أغسطس القادم، سيُحيي المهرجان كل من الفنان السوري محمد المجذوب والفنان اللبناني زياد برجي، وفي ثاني أيام المهرجان 3 آب/أغسطس، سيقف المغني اللبناني جوزيف عطية على خشبة المسرح مجددا.

في ثالث أيام المهرجان 4 آب/أغسطس الفنانة اللبنانية كارول سماحة وفرقة “سفر” السورية، أما في رابع أيام المهرجان 5 آب/أغسطس سيكون مع الفنان اللبناني مروان خوري.

الختام سيكون في 6 آب/أغسطس مع المغني التونسي صابر الرباعي وذلك بالتعاون مع وزارتي “السياحة والثقافة” السورية و”محافظة دمشق”، ورعاية حصرية من شركة “سيرتيل”.

خلال الدورة الثالثة غير المتتالية، استقبل مهرجان ليالي قلعة دمشق العديد من الفنانين العرب، ومن الذين أحيوا المهرجان، الفنان ناصيف زيتون في الـ 24 تموز/يوليو من العام الفائت، وتراوحت أسعار البطاقات بين 25 – 35 ألف ليرة سورية تبعا لصف الحضور، ووصلت إلى 150 ألف ليرة لدرجة الـ”في آي بي”، لكن وفق تقارير صحفية سابقة، فقد وصل سعر بطاقة ناصيف زيتون في السوق السوداء بأكثر من 200 ألف للحضور بالصفوف الأخيرة التي سعر تذكرتها في الأساس، كان مقدّرا بـ 25 ألف ليرة فقط.

تعليقات أخرى جاءت مختلفة فيما يخص أسعار البطاقات، قائلين “معقول في حدا بيدفع نص مليون ليحضر وديع الشيخ أو وفيق حبيب وبهاء اليوسف”. وفي السنوات الماضية وحتى اليوم انخفضت مستوى السياحة في البلاد بشكل كبير.

من المفارقات في تاريخ سوريا أنّه يتم إحياء أضخم حفل موسيقي في أكبر المعارض بسوريا بعد السيدة فيروز، بعض المغنين الشعبيين الذين ليس لهم تأثير فني كبير. قديما كانت فيروز هي التي تُحيي حفل مدينة المعارض بدمشق، واليوم بعد إعادة افتتاح هذه الحفلات، يتصدر عرضها بعض المطربين الشعبيين مثل بهاء اليوسف السوري و”دي جي” كلوي اللبنانية.

هذا الأمر سبق أن انتقده كثيرون من السوريين، واليوم أعربوا أيضا عن مدى تراجع مستوى الفن والإبداع في البلاد، بالإضافة إلى إثارة حفلة “دي جي” كلوي، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبروه انفصالا عن الواقع السوري، خاصة كمية الكهرباء والإضاءة الموجودة، حيث أثيرت الحفلة شهية السوريين للكهرباء المفقودة بشكل شبه كلي في البيوت.

كذلك، قبل أسابيع عدة، أحيت “دي جي” كلوي حفلا شهد إقبالا كبيرا من الشباب السوري وفق الفيديوهات التي تم تداولها عبر مواقع السوشيال ميديا. والحفلة أقيمت على أرض المعارض القديمة بدمشق وتراوح سعر البطاقة بين 50 و100 ألف ليرة سورية، وفق موقع “سناك سوري” المحلي مؤخرا.

إزاء ذلك، أعرب البعض على مواقع التواصل الاجتماعي عن دهشتهم من كمية الكهرباء الموجودة في حفل “دي جي” كلوي، وسط ساعات التقنين الطويلة التي يعيشون فيها بالتزامن مع حلول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة تدريجيا. كما وانتقدوا هكذا نوعية من الحفلات في بلد يعاني من جملة من الأزمات.

من جانب آخر، انتقد آخرون إحياء مثل هكذا حفلات التي اعتبروها تدعيما للفن الهابط، ولفتوا إلى ضرورة جلب فنانين لهم تاريخ فني عريق كالسيدة فيروز أو حتى بعض الفنانين القديرين الآخرين، معلقين بالقول “إس الله على أيام فيروز لما كانت بالسبعينيات بتغني بالمعرض نفسه، شام أنتِ المجد لم يغب، ويا شام عاد الصيف”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة