أزمة المواصلات في عموم المدن السورية وتحديدا في العاصمة دمشق، هي أزمة قديمة جديدة فشلت الحكومة السورية على مدار 20 عاما في حلّها أو التخفيف من حدتها، فكانت الخطط التي تضعها وزارة النقل، بمثابة خطط لإضافة المزيد من التعقيد لأزمة المواصلات في سوريا.

فالحرب التي شهدتها سوريا مؤخرا وما تبعها من أزمات ليست أبرزها الأزمة الاقتصادية، لم تكن السبب الرئيسي لأزمة المواصلات المتفاقمة في البلاد حاليا، إذ تؤكد التقارير المتخصصة، أن جميع الخطط الحكومية منذ عام 2000 حتى الآن، فشلت في تحسين واقع المواصلات.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، اعتبر أن أزمة النقل الداخلي في سوريا وتحديدا في دمشق، هي من الأزمات المتوارثة ودائمة التفاقم، مشيرة إلى أن معظم الحلول التي وضعتها الحكومة على مدار السنوات الماضية كانت أسبابا في مشاكل إضافية.

أزمة قديمة متجددة

التقرير نقلا عن خبراء في مجال النقل، أكدوا أن “الباصات الكبير يُنظر لها كأحد الحلول التي تم اللجوء إليه للحدّ من أزمة النقل، وإن كانت قد أسهمت في التخفيف من مشكلة قلّة المعروض من وسائل النقل، إلّا أنّها تسببت في تضخم أزمة الاختناق المروري في شوارع دمشق الضيقة، وعليه فالحل هو المشكلة بذات الوقت”.

بحسب ما نقلت الصحيفة عن رامي دالاتي، من كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق المتخصص في هندسة المرور، فإن باصات النقل العام الكبيرة تُعدّ حلا جيدا من ناحية أنّها تغطي أعدادا كبيرة من المواطنين في ظل التعداد السكاني الكبير في مدينة دمشق، لكن المعوّق لها هو عدم تأهيل الشوارع والطرقات لحركتها، من ناحية أخرى لو تمّ استبدال النقل بسرافيس وسائل نقل صغيرة ستكون حركتها مرنة أكثر، لكن في المقابل سيكون عددها كبير لتغطية الحاجة ما يسبب الازدحام.

وخلال السنوات القليلة الماضية زادت أسباب تفاقم أزمة المواصلات، وذلك نتيجة ندرة المواد النفطية وارتفاع أسعارها، فضلا عن الآليات العديدة التي أقرتها الحكومة لتوزيع المحروقات بأسعار مدعومة لأصحاب آليات النقل العامة، الأمر الذي أفضى إلى ظهور مشاكل جديدة في عمل سائقي وسائط النقل.

منذ أكثر من عام والحكومة السورية تعمل على ضبط عمل وسائط النقل العامة، وقد كرّست لهذا الهدف العديد من كوادرها فضلا عن تشكيل اللجان للخروج بأفضل آلية تضمن تشغيل وسائل المواصلات، للتخفيف من حدّة الأزمة التي تعيشها المدن السورية وتفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية.

آلية لمراقبة عمل السائقين عبر تركيب أجهزة على سيارات النقل هي أبرز ما توصلت إليه الجهات الحكومية لضبط وسائل النقل، حيث كانت الحكومة تسعى لضمان استمرارية عمل السائقين الذين يحصلون على المحروقات بأسعار مدعومة، من أجل تزويد آلياتهم وبالتالي أسعار المواصلات العامة تكون مدعومة من قِبل الحكومة.

قد يهمك: خيارات سيئة أمام المونة السورية.. ما قيمة المليون ليرة؟

بعض السائقين لجؤوا إلى الحصول على المحروقات وبيعها في السوق السوداء دون العمل على السيارة، الأمر الذي أفضى إلى إنشاء آلية تقوم على تركيب أجهزة على وسائط النقل من أجل مراقبة عمل السائقين، إلا أن تلك الآلية تعرضت للخرق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى الآليات الحكومية في ظل إهدار الجهد والمال الحكومي فضلا عن استمرار أزمة المواصلات التي تؤثر على حياة السوريين.

آليات بلا جدوى؟

تهرّب بعض السائقين من الالتزام في العمل، وعدم وجود آلية ذات جدوى حقيقية، أدى إلى حدوث مواجهة بين الجهات الحكومية وبعض سائقي وسائط النقل، واليوم تصرّ الحكومة على متابعة آلياتها بشأن تركيب أجهزة مراقبة، وتتحدث عن تعديلات جديدة، فهل ستؤدي إلى ضبط عمل السائقين خلال الفترة القادمة.

حالات التلاعب هذه تأتي بهدف إظهار أن سيارات النقل تعمل، وبالتالي يحصل صاحب السيارة على كميات المحروقات المخصصة بأسعار مدعومة، وتسعى الحكومة من خلال استشاراتٍ لمهندسين مختصين إلى “معالجة هذا الموضوع ومنع التلاعب بالجهاز، من خلال إضافة ميزة إلى الجهاز للتوقف عن العمل في حال فكّه أو التلاعب به ومنع نقله إلى مركبة أخرى” بحسب تصريحات مسؤولين.

بعد عدة أشهر من تطبيق آليات مراقبة عمل السائقين على وسائط النقل العامة، تؤكد المصادر المحلية عدم وجود أي تحسّن ملحوظ في أزمة المواصلات في المدن السورية حتى الآن، وخصوصا في العاصمة دمشق، التي تشهد أزمة خانقة في قطاع المواصلات، خاصة بعد الارتفاع الأخير في أسعار المحروقات.

لجنة المخالفات في شركة “محروقات”، أعلنت قبل أسابيع بالتنسيق مع “مديرية التقانة ونظم المعلومات”، ضبط خمسة سرافيس نقل عام، تعمل وبداخلها عشرة أجهزة تتبّع “جي بي إس”، إضافة إلى العديد من وسائط النقل وقد عمد أصحابها إلى تركيب أجهزة زملائهم السائقين، وذلك من أجل تسجيل سياراتهم على الشبكة بدون اضطرارهم للعمل.

الحكومة السورية تبرّر إجبارها على تركيب هذه الاجهزة، بضرورة مراقبة عمل السائقين، وذلك بهدف عدم ذهاب المحروقات المدعومة لأشخاص لا يعملون على آلياتهم ويتجهون إلى ضخ المحروقات المدعومة في السوق السوداء، لكن الآلية المتّبعة لم تكن عملية بما يكفي لضبط وسائل المواصلات العامة.

سائقو وسائل النقل أكدوا أن تطبيق آلية التّتبع لم يساهم في حصولهم على كميات كافية من المحروقات، إذ يضطرون لشراء الكميات الباقية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي رفع التعرفة على المواطنين، الأمر الذي يُدخلهم باستمرار في مشادات كلامية مع الزبائن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات