مع دخول الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوبي سوريا يومها الثالث والعشرين، زخمُ الاحتجاجات لم يتراجع في نقاط التظاهر، رغم أن هذه الاحتجاجات تنطلق بشكل يومي دون أيّ انقطاعٍ خلال هذه الفترة، تنديدا بسياسات الحكومة السورية والمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد والمضي في عملية التغيير السياسي.

القائمون على الاحتجاجات عملوا على تطوير الحراك في السويداء، فخلقوا استراتيجيات جديدة تكفل الاستمرارية في التظاهر، من خلال تنظيم العديد من النشاطات خلال الوقفة الاحتجاجية، شارك فيها فنانون من مختلف المجالات لا سيما الرسم والغناء، فأضافت أشكالا جديدة للمظاهرات التقليدية.

ولا يخفى على أحد أن حدّة الاحتجاجات تشهد تراجعا طفيفا خلال أيام الأسبوع أحيانا، وذلك لانشغال الأهالي في أعمالهم، فضلا عن عدم قدرة البعض على تحمّل تكاليف المواصلات إلى نقاط التظاهر، وغالبا ما يعود ارتفاع زخم المشاركة في المظاهرات خلال يومي العطلة الأسبوعية أي الجمعة والسبت.

نشاطات احتجاجية

“المظاهرات ستتواصل، لن يستطيعوا المراهنة على مللنا من التكرار”، يقول محمد مسالمة (اسم مستعار لأحد منظّمي تظاهرات ساحة الكرامة في السويداء”، متوقعا أن تكون الحكومة السورية تراهن على ملل المتظاهرين من تكرار الاحتجاجات والمطالب ذاتها، لكن وفق رأيه فإن الساحات لم تفرغ يوما من التظاهرات ما يدلّ على إصرار أهالي السويداء على مطالبهم.

مسالمة أضاف خلال اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “هناك العديد من النشاطات التي ننظّمها لكسر حالة التكرار في المظاهرات اليومية، مثل الأنشطة الفنية، التي يشارك بها فنانو رسم، حيث يرسمون رسومات تعبّر عن مطالب الأهالي المتعلقة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس، المظاهرات ستبقى مستمرة حتى تُصغي إلينا السلطة وتستمع بجدّية لهذه المطالب”.

المظاهرات الاحتجاجية استمرت بالطبع، لا سيما في ساحة “الكرامة” التي تحوّلت مؤخرا إلى رمزٍ للاحتجاجات في السويداء، فقد حازت ساحة “السير” وسط مدينة السويداء، منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في المحافظة على رمزية واسعة، حيث تشهد هذه الساحة مظاهراتٍ مستمرة لليوم الـ 23 على التوالي بدون توقف، وهي الساحة الأولى التي تشهد هذه الاستمرارية بالتظاهرات، حيث لم تغب الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات ليوم واحد منذ السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي.

قد يهمك: ما حكاية موسم التنزيلات على الملابس في سوريا.. خدعة أم حقيقة؟

الاحتجاجات الأخيرة في السويداء استمرت بلا توقف، حيث تجددت المظاهرات مساء أمس الثلاثاء في ساحة “الكرامة” ورفع المتظاهرون لافتات تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، كما أكد المحتجون على المطلب المتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، للمضي قدما في التغيير السياسي للبلاد.

محاولات التفاف

بحسب تقارير محلية، فإن الحكومة تسعى إلى تشكيل “هيئة روحية” للطائفة الدرزية لكلٍّ من ريف وغوطتي دمشق والقنيطرة، مركزها حي التضامن بمدينة دمشق، الذي يحوي أقلية درزية، واختيار شخصية مقرّبة من قوات “الدفاع الوطني” ليكون على رأسها.

تشكيل “هيئة روحية” من قبل دمشق، يعني أن الحكومة السورية قد تُقدم على تقديم بعض التنازلات لهذه الهيئة، لإقناع أبناء مدينة السويداء على التراجع عن التظاهرات مقابل بعض التنازلات من السلطة، إلا أنه حتى الآن لم يتم الحديث عن هذا الأمر.

الحديث عن تشكيل هيئات سياسية في السويداء كان قد بدأ قبل أيام، حيث عمدت بعض وسائل الإعلام الحديث عن تشكيل هيئة سياسية في المحافظة الجنوبية لتمثيل المحتجين، كذلك فقد تحدثت تقارير عن اتجاه السويداء لإعلان إدارة ذاتية بالتنسيق مع دمشق، وذلك كحلّ لوقف التظاهرات المستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع التي تندّد بسياسات الحكومة، وتطالب بالتغيير السياسي.

ارتفاع وتيرة الحديث عن هذه السيناريوهات، جعل المحتجون في السويداء يعلنون موقفهم خلال التظاهرات، حيث خرجت مظاهرة وصفتها وسائل إعلام محلية، بـ”أكبر مظاهرة تشهدها السويداء منذ اندلاع الاحتجاجات”، رفض خلالها المتظاهرون التّوجه لحلول تتعلق بالإدارة الذاتية، وأكدوا أن مطلبهم الأساسي يتعلق بالتغيير السياسي الشامل وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات