في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها سوريا، يواجه المواطنون البسطاء صعوبات جمة في تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء والوقود والكهرباء، ومن بين هذه الاحتياجات، تبرز أسطوانة الغاز المنزلي التي تعتبر مصدرا رئيسيا للطهي والتدفئة في الشتاء، لكن هذه الأسطوانة أصبحت سلعة نادرة ومكلفة بعد أن رفعت الحكومة السورية سعرها، ما أثار استياء وغضب الشارع السوري.

عندما نشهد رفع أسعار الغاز المنزلي والصناعي للمرة الثالثة خلال العام الحالي، فإن ذلك يحمل معه تساؤلات وقلقا للكثيرين، أبرزها تلك الأسباب التي وراء هذا الارتفاع المتكرر في الأسعار، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياة الناس وميزانياتها.

رفع موازي للمحروقات

بموازاة المحروقات التي ارتفعت أسعارها هذا العام لما يقارب من نسبة 100 بالمئة، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ليل الثلاثاء-الأربعاء، قرارا برفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر الحر من داخل وخارج البطاقة “البطاقة الذكية” إلى 75 ألف ليرة سورية، كما رفعت سعر أسطوانة الغاز الصناعية من داخل وخارج البطاقة إلى 150 ألف ليرة.

هذا القرار هو الثالث على التوالي خلال عام 2023، حيث حددت لجنة الأسعار في محافظة دمشق، في 24 أيار/مايو الفائت، سعر أسطوانة الغاز المنزلي الموزع عبر “البطاقة الذكية” لوزن عشرة كيلوغرامات بـ16 ألف و500 ليرة سورية للمستهلك، بدلا من 11 ألف و500 ليرة، كانت قد حددتها في 13 من آذار/مارس الماضي.

كما رفعت المحافظة سعر أسطوانة الغاز المنزلي “الحر” خارج “البطاقة الذكية” في المدة نفسه إلى 51 ألف و500 ليرة سورية، بدلا من 32 ألف ليرة.

إنتاج الغاز الطبيعي في سوريا ولا يزيد سنويا، بحسب بيانات وزارة النفط والثروة المعدنية، على 4.5 مليار متر مكعب، بمعدل إنتاج يومي بلغ 12.5 مليون متر مكعب، منها 12 مليون متر مكعب يوميا من الغاز النظيف، وهو ما تسبب بزيادة معاناة السوريين بالحصول على الغاز المنزلي، بعد اعتماد تسليمه عبر “البطاقة الذكية”.

سخط شعبي في سوريا

خلال السنوات القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى رفع أسعار المحروقات من حين لآخر، بحجة الأسعار العالمية للمادة، بينما لم ترفع بالتوازي قيمة الرواتب، الأمر الذي شكّل فجوة واسعة بين مستوى الأجور والواقع المعيشي الذي أثقل كاهل المواطنين في سوريا.

سعر البنزين “أوكتان 95” سجل تغيرا بنحو ثلاث عشرة مرة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2020 والنصف الأول من العام الحالي 2023، بمعدل تضخم كبير تجاوز الألف بمئات المرات.

لا شك أن هذه القرارات تؤثر على الأسعار العامة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، ولا يدفع ضريبة هذا التفاوت والعجز الحكومي إلا المواطن السوري الذي يعاني الأمرّين. ولهذا يلاحظ ارتفاع مستوى الفقر في البلاد، بالإضافة إلى انخفاض القوة الشرائية لنسبة كبيرة من الناس.

في هذا السياق، ذكر عضو إدارة “غرفة تجارة دمشق” ياسر أكريم، أن زيادة أسعار المحروقات في سوريا هي نتيجة طبيعية لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وللسياسة الحكومية بتحرير سعر المشتقات النفطية.

أكريم أردف في حديثه، “ليست كل عملية تضخم هي انعكاس سلبي للاقتصاد، إذا كانت متوافقة مع زيادة الدخل، ولكن هنا نحن أمام حالة غير منطقية بسبب الفارق بين الدخل والصرف، وهنا بيت القصيد لأنه يضرّ بالمواطن والمجتمع”.

أما حول تأثير ارتفاع سعر البنزين على الأسعار في الأسواق السورية، أوضح أكريم، أن التأثير سيكون تراكميا ويدخل في كل حسابات التكلفة السعرية للمنتج الذي تمرّ به هذه المادة، ابتداءً من أجور “التكاسي” التي لا تكفيها مخصصاتها وتستخدم البنزين الحر مرورا بالمولدات الكهربائية المستخدمة وصولا إلى شركات التوزيع وغيره.

أسطوانة الغاز في سوريا.. حلم باهظ الكلفة

أسطوانة الغاز المنزلي في سوريا تمثل جزءا أساسيا من حياة المواطنين، إذ تستخدم لتوفير الطاقة اللازمة للطهي والتدفئة في المنازل، لكن مع تغيرات في الأسعار والسياسات الحكومية، أصبحت هذه الأسطوانة حاجة تحمل تكلفة باهظة للعديد من الأسر الفقيرة.

منذ بداية العام الحالي، شهدت سوريا عدة زيادات في سعر أسطوانة الغاز المنزلي، وهو ما أثر بشكل كبير على ميزانيات الأسر وجودة معيشتهم، فتكلفة أسطوانة الغاز الباهظة تعني أن العديد من الأسر يجدون أنفسهم في مأزق مالي، حيث يضطرون إلى تقليل استخدام الغاز أو البحث عن بدائل أخرى للطهي والتدفئة، وهذا يجعل الحياة أصعب بالنسبة لهم، خصوصا في فصل الشتاء البارد.

بالإضافة إلى ذلك، يثير رفع أسعار أسطوانة الغاز تساؤلات حول استدامة السياسات الحكومية وقدرتها على تلبية احتياجات المواطنين، لا سيما وأن تأثير هذا القرار يمتد أيضًا إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأخرى في سوريا.

 ارتفاع أسعار المحروقات من حين لآخر من قبل الحكومة السورية يؤدي إلى زيادة التضخم في البلاد، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في الأسعار، بالتالي إذا ما بقي الحال على وضعه، فإن المواطن إما سيفكّر بالهجرة خارج البلاد كما هو متداول بين أحاديث العامة، أو أن الموظفين سيستقيلون من وظائفهم والتوجه نحو أعمال أخرى وهو ما حصل مؤخرا حيث استقال قرابة الـ 900 موظف حكومي في محافظة اللاذقية فقط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات