لم تمضِ سوى ساعات قليلة على إطلاق قذائف مدفعية باتجاه المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل بمحاذاة الأراضي السورية، حتى ردّت القوات الإسرائيلية باستهداف مواقعٍ للجيش السوري في محافظة درعا، فيما يبدو أنه تجديد إسرائيل تحذيراتها للرئيس السوري بشار الأسد من تبعات الانخراط في الصراع الدائر بين حماس وإسرائيل.

وسائل إعلام محلية في سوريا، أكدت نقلا عن مصادر عسكرية مقتل ثمانية عناصر من الجيش السوري وجرح آخرين، جراء قصف جوي نفّذته طائرات إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية سورية في محافظة درعا فجر اليوم الأربعاء.

رد إسرائيلي

القصف الإسرائيلي جاء ردّا على إطلاق عدة قذائف من مجموعات يُرجّح أنها تابعة لـ “حزب الله” اللبناني، استخدمت مواقع سورية لاستهداف مواقع إسرائيلية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، أنه رصد “إطلاق قذائف من سوريا باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وقد وقعت في أماكن غير مأهولة بالسكان، وردّ جيش الدفاع الإسرائيلي بإطلاق نيران المدفعية على مواقع الإطلاق”.

Syrian army soldiers are deployed in the town of Dahrat Abd Rabbo, in Aleppo province, Syria, in this handout released by SANA on February 17, 2020. SANA/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS – THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. REUTERS IS UNABLE TO INDEPENDENTLY VERIFY THIS IMAGE

بالعودة إلى الهجوم الجوي على مواقع بدرعا، فقد أكدت وسائل إعلام إسرائيلية تبنّي القوات الإسرائيلية للعملية، وبحسب ما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن المقاتلات التابعة لإسرائيل هاجمت بُنىً تحتية عسكرية ومواقع لإطلاق القذائف في الجنوب السوري.

ووفق ما نقلت مصادر محلية، فإن القصف الإسرائيلي استهدف، فجر اليوم الأربعاء، كتيبة الرادار الواقعة في السهول الممتدة بين مدينة إزرع وبلدة قرفا في ريف درعا، إضافة إلى مستودعات أسلحة داخل اللواء 12 في مدينة إزرع، حيث يُعتبر هذا الموقع من أبرز المواقع التي تُسجل تمركزا للميليشيات الإيرانية في المنطقة.

قد يهمك: دور واضح لإيران.. ما هي مصالح روسيا من دعم حركة “حماس” ضد إسرائيل؟

منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، كانت هناك عدة استهدافات إسرائيلية لمواقع عسكرية سورية، إضافة إلى قصف مطاري حلب ودمشق الدوليين، وسط تساؤلات عن احتمالية انخراط القوات السورية في الصراع الدائر أو تسهيل تحركات “حزب الله” اللبناني، في سوريا لقصف المواقع الإسرائيلية.

بالتأكيد فإن أيّ تحرّكٍ من قِبل القوات السورية ضد إسرائيل، سيُقابَل بردّ عنيف على غرار ما فعلته إسرائيل خلال السنوات الماضية من استهدافات مركّزة للمواقع العسكرية التابعة للجيش السوري والميليشيات الإيرانية، كذلك فإن مراقبينَ رأوا أن تحرّك سوريا قد يستفز كذلك حلفاء إسرائيل وأبرزهم الولايات المتحدة التي قد تُعلن استهدافاتٍ مركّزة لمواقعٍ في سوريا.

وفق محللين، فإن أيّ انخراطٍ للقوات السورية في الحرب الدائرة حاليا، قد يكون ضربا من التّهور لما قد يكون له من تداعيات كارثية على البلاد، كما أن هذا الانخراط لن يكون له أيّة نتائج مؤثرة، حيث لا تمتلك القوات السورية أيّة مقومات من شأنها التأثير على نتائج الحرب، فهل يمكن فعلا أن يدخل الرئيس السوري بشار الأسد في هذه الحرب.

في المقابل، يبدو أن الأسد يعلم جيدا الفاتورة التي يمكن له ولقوّاته دفعها في حال قرّر الانخراط في الحرب ضد إسرائيل خلال المرحلة الراهنة، وذلك في ظل عدم وجود أيّة مقومات عسكرية وسياسية تتيح له سَلكَ هذا الطريق، لكن هناك ضغط واضح من قِبل الميليشيات الإيرانية لزجّ سوريا بهذا الصراع.

دور إيراني؟

القوات السورية لا تملك المقومات العسكرية، التي تجعل من تدخّلها سببا لتغيير موازين القوى على الأرض، لذلك فإنّه من المرجّح أن القوات السورية لن تُقدم على الانخراط في الصراع، غير أن مخاوف ظهرت مؤخرا من احتمالية ضغط إيران على دمشق لتسهيل تحركات ميليشياتها واستخدام الأراضي السورية لقصف مواقع إسرائيل.

هذا سيعني بالتأكيد أن إيران قد تسعى لتوريط الرئيس السوري بشار الأسد وقواته، في مواجهة مباشرة وغير محسوبة مع القوات الإسرائيلية، التي بدورها ستردّ على أيّ تحرّك عسكري مصدره الأراضي السورية عبر قصف المزيد من المواقع العسكرية والمطارات.

الرئيس السوري بشار الأسد، كان قد تلقّى تحذيرات من قِبل الإمارات، بشأن عدم الانخراط أو التّورط في الحرب مع إسرائيل في هذه الفترة، التحذيرات التي نقلها موقع “إكسيوس” الأميركي، وذُكر في تقرير أيضا أن  “العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، تشعر بقلق بالغ من أن الحرب قد تمتد إلى لبنان أو سوريا، وتتصاعد إلى “صراع إقليمي”.

بحسب تقرير الموقع، فإن الإمارات سعت من خلال هذه التحذيرات، إلى عدم تحوّل الصراع إلى مواجهةٍ على المستوى الإقليمي في حال انخراط لبنان وسوريا، وبالتالي إشعال المنطقة بصراع جديد غير محسوب النتائج.

الجدير ذكره، أن “طوفان الأقصى”، عمليةٌ شنّتها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل فجر يوم السبت، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت هجوما برّيا وبحريا وجويا وتسلّلا إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وأعلن عن العملية “محمد الضيف”، قائد الأركان في كتائب “عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، لتُعتبر هذه العملية أكبر هجوم على إسرائيل منذ عقود.

لكن منذ بدء العملية العسكرية التي شنّتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، تشهد المنطقة تصعيدا خطيرا في العنف والصراع، وفي ظل هذه الظروف، يواجه الأسد و“حزب الله” اللبناني، تحدّيا كبيرا في تحديد موقفهما المتواري ودورهما في الأزمة، وبات يتردد داخل حاضنتهما الشعبية، أنهما يلعبان على الحبلَين، بين دعم “حماس” وتجنّب الحرب مع إسرائيل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
4 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات