يبدو أن خلافات عدة باتت تطفو على السطح بين الأحزاب الإسلاموية في دولة المغرب، نتيجة الأحداث التي جرت وما زالت مستمرة في قطاع غزة، فقد نظّم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي (البيجيدي)، مساء الأحد، مهرجانا خطابيا، على مسرح محمد الخامس بالرباط، تضامنا مع الشعب الفلسطيني، في حين نظم ذراعه الدعوي “حركة التوحيد والإصلاح” أيضا مهرجانا آخر في نفس اليوم وفي وقت مماثل.

اللافت أن رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل شارك في مهرجان “حركة التوحيد والإصلاح” عن بعد (أونلاين)، من العاصمة القطرية الدوحة، بينما شارك السفير الفلسطيني في الرباط “فيزيائيا”، في مهرجان حزب العدالة والتنمية.

المغرب والتضامن مع غزة

نحو ذلك، نظمت حركة “التوحيد والإصلاح” يوم أمس الأحد 2023، بالمقر المركزي بالرباط مهرجان تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة، تحت شعار “طوفان الأقصى وواجب النصرة” بحضور مختلف فروع وأقاليم الحركة عبر تقنية التواصل المرئي.

وقال أوس رمّال رئيس حركة “التوحيد والإصلاح”، إن “القصف الهمجي على قطاع غزة، لم يعد يترك أي شريحة من شرائح بني الإنسان في المجتمع الفلسطيني عامة وفي غزة خاصة”، مشيرا إلى أن “المغاربة منذ زمان بعيد والقضية الفلسطينية في دمائهم وتسري مع أرواحهم وهذا الذي كان عليه المغاربة وهذا الذي عليه مغاربة اليوم من خلال سلسلة الوقفات والمسيرات التي يتأكد منها أن المغاربة ما زالوا على عهدهم”، وفق ما نشره موقع حركة “التوحيد والإصلاح“.

كما وأكد أوس رمّال أن حركة “التوحيد والإصلاح” كانت ولا زالت وستظل مع ما يسمى بـ “المقاومة الفلسطينية” ومع “حماس” وغيرها من الفصائل بدون قيد أو شرط، داعيا في الوقت نفسه جميع المغاربة إلى مزيد من اليقظة والاستمرار في هذه الفعاليات وعدم الاستهانة بالمسيرة والوقفات.

من جانبه، قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في كلمة مباشرة له عن بعد من الدوحة ”ما يجري اليوم منذ السابع من أكتوبر أعادنا إلى الحقائق، لأن الكثير كان يعيش في الأوهام أو كان مبتعدا عن واجبه ومسؤوليته، وأيقظت العقول والقلوب والضمائر”. وهو ما اعتبره محللون خطاب تعبوي وشعبوي ليس إلا.

وفي مداخلته إلكترونية من الدوحة، قال أحمد الريسوني الرئيس السابق “للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، “نحسب أن ما نستطيعه ليس مشرفا وليس كافيا ولذلك فنحن نعلن ذلك ونحن نخجل من تقصيرنا وقصورنا وعجزنا وقلة حيلتنا. الله تعالى ينصرهم ويشد عضدهم…”، داعيا إلى “خوض معركة الرأي العام والمساهمة فيها وتحريكها، وتغذيتها أينما كان خاصة مع الوسائل المتاحة الآن في الرأي العام الغربي بصفة خاصة والعالمي بصفة عامة”.

مهرجان “العدالة والتنمية”

في المقابل، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لـ”حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي”، إن “هذا المهرجان الخطابي الذي نظمه حزب العدالة والتنمية لدعم فلسطين وغزة، بالرباط، يؤكد أن الحزب لا يميز بين الفلسطينيين، وأنه ككل المسلمين، يريدون أن يروا الشعب الفلسطيني موحدا”.

وتابع كيران في حديث تعبوي أيضا، أن “الطريق الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة هو المقاومة ولا شيء غيرها، مؤكدا على أن حماس في غزة هي رأس حربة الأمة العربية والإسلامية”.

بينما قال جمال الشوبكي، سفير دولة فلسطين بالرباط، في خطاب مشحون وشعبوي إن “فلسطين مر عليها الكثير من الغزوات.. وستكون مقبرة للغزاة، والشعب الفلسطيني يملك الإرادة”.

خلافات أم تبادل للأدوار؟

بين هذين المهرجانين الخطابين، قال موقع “زنقة 20” المغربي، إن الخلاف القائم بين القيادتين يتعلق باستضافة حركة “التوحيد والإصلاح” خالد مشعل، حيث اكتفى عبد الإله بنكيران الأمين العام لـ (البيجيدي)، وهي التسمية الفرنسية المختصرة للحزب الإسلامي، بتوجيه الدعوة لأصدقائه من اليسار وللسفير الفلسطيني لدى الرباط جمال الشوبكي.

هذا واستغرب نشطاء مغربيون عدم وجود تنسيق بين الجانبين حول تنظيم مهرجان واحد للتضامن مع فلسطين، على ألا يتم تنظيم مهرجانين في اليوم نفسه، بشكل يفضي إلى تشويش مهرجان على آخر، ويظهر أيضا تشتتا بين الحزب وذراعه الدعوي.

ثمة تطابق بين الحزبين الإسلامويين في التوجيه والفكر والأيديولوجيا، وبالتالي تنظيم كل حزب مهرجان خاص به، يظهر حجم الخلافات بينهما.

وبالنظر إلى أن حزب “العدالة والتنمية الإسلامي المغربي” يحسب على التيار الإخواني وكذلك حركة “حماس” الإسلاموية في فلسطين، التي تعتبر امتدادا لجماعة “الإخوان المسلمين”، بينما تدعم حركة “التوحيد والإصلاح” حركة “حماس”، وتعترف بها كحكومة منتخبة في قطاع غزة، وهو ما يفسر اختيارها للرجل الثاني في “حماس” كضيف على مهرجانها الخطابي بالتوازي مع مهرجان العدالة والتنمية.

لذا ثمة تطابق بين الحزبين الإسلامويين في التوجيه والفكر والأيديولوجيا، وبالتالي تنظيم كل حزب مهرجان خاص به، يظهر حجم الخلافات بينهما، بيد أن المتابعين يرون أنها مجرد لعبة تبادل أدوار لتعزيز الذراع الدعوي للحزب، وتمكينه من استقطاب المزيد من الأنصار في ذروة انهيار شعبيته.

وطبقا للتقارير، تشير توجيه قيادة الأمانة العامة للحزب الإسلامي الدعوة للسفير الفلسطيني واستثناء قادة في “حماس” في الخارج وتحديدا في الدوحة التي فيها مكتب الحركة السياسي، إلى محاولة “البيجيدي” تسويق نفسه كحزب مدني بمرجعية إسلامية يتناغم مع توجهات الدولة المغربية التي تدعم السلطة الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.

هذا ويمر حزب “العدالة والتنمية الإسلامي المغربي” منذ هزيمته المدوية في الانتخابات التشريعية وخروجه من الحكم من الباب الصغير، بأزمة داخلية وفقد شعبيته حتى في وسط قواعده ويحاول من خلال عدة مبادرات العودة للمشهد السياسي.

ويعتقد متابعون لشؤون الحزب أن دعوة حركة “التوحيد والإصلاح” لخالد مشعل لا تخرج عن عملية تلاعب أدوار مع العدالة والتنمية الذي يبحث من خلال ذراعه الدعوي عن استعادة ثقة قواعده وهي مهمة موكولة للجناح الدعوي بحكم القرب أكثر من الأنصار وبحكم دوره في جهود استقطاب أنصار جدد.

قطيعة بين حركة التوحيد والاصلاح وحزب العدالة والتنمية- “إنترنت”

وبعد سنوات من الشراكة بين حركة “التوحيد والإصلاح” (الدعوية) وحزب “العدالة والتنمية الإسلامي المغربي”، لا يبدو أن العلاقة بين التنظيمين المغربيين ليست في أفضل حالاتها اليوم. وفي العامين الماضيين، كانت ثمة حالة من القطيعة، لكن الشراكة ما زالت قائمة بينهما بشكل أو بآخر، رغم الخلافات.

وقد عززت هذه الفرضية تصريحات عبد الإله بنكيران خلال اجتماع للحزب العام الفائت، أعرب فيها ضمنا عن عدم رضاه عن مستوى الشراكة مع حركة “التوحيد ولإصلاح”. وقال وقتها خلال اللقاء: “لن أذهب إلى الحركة لأية شراكة، ونأمل أن يعينهم الله ليقوموا بمهمتهم”.

وأثارت تصريحاته حينها الجدل حول سبب رفضه تجديد الشراكة مع الحركة الإسلاموية التي تعتبر الذراع الدعوية لحزب “العدالة والتنمية الإسلامي المغربي” والخزان البشري الانتخابي الذي طالما أمد الحزب بكوادره وقياداته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات