مخاوف وتحذيرات دولية من عمليات وهجمات إرهابية مباغتة قد ينفّذها أفراد ينتمون إلى تنظيمات إسلاموية متطرفة خلال فترة أعياد الميلاد (الكريسماس) أو رأس السنة، وسط الحرب المستمرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”.

وفي هذا الصدد، حذر رؤساء الاستخبارات الفرنسية والألمانية من خطر “الذئاب المنفردة” من جرّاء الحرب التي اندلعت في غزة، عقب هجوم “حماس” على إسرائيل في القطاع.

غزة وتنامي الإرهاب

نحو ذلك، حذر مسؤولون أمنيون ألمان وفرنسيون من تنامي خطر الهجمات الإرهابية التي يشنها متطرفون خلال عطلة عيد الميلاد وعيد “حانوكا” اليهودي، خاصة من قبل ما يعرف بـ”الذئاب المنفردة”.

باقات زهور خلال دقيقة صمت على ضحايا التفجير في مانشستر عام 2017- “أ.ف.ب”

وبحسب ما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط“، قال توماس هالدينوانغ، رئيس جهاز المخابرات الداخلية الألمانية، في بيان له: إن “الخطر حقيقي، وأكبر مما كان عليه منذ فترة طويلة”.                          

بينما لفت نيكولاس ليرنر، رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية الفرنسية، في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، إلى أن تنظيم “داعش” الإرهابي بطبيعته يتسم بالنفور تجاه القضايا ذات الطوابع القومية، مثل مسألة “حماس”، لكنها الآن تدعو بقوة إلى التضامن مع “الإخوة الفلسطينيين”.

من جانب آخر، تأهبت أوروبا للعنف منذ أن شنت “حماس” حملتها الدموية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وغالباً ما كان للحروب في الشرق الأوسط آثارها غير المباشرة على أوروبا، خاصة في البلدان التي يعيش بها عدد كبير من المسلمين واليهود، مثل فرنسا وألمانيا، بحسب تقرير لصحيفة “الفاينانشال تايمز” البريطانية الأحد.

وفي بيان علني غير معتاد من ست صفحات، الأسبوع الماضي، قال هالدينوانغ رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية، إن خطر هجوم متطرف في ألمانيا قد تزايد منذ فترة طويلة، لكن الطريقة غير المسبوقة التي تعامل بها تنظيما “القاعدة” و”داعش” مع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أعطت مستوى التهديد شكلاً جديداً.

وخلال الفترة الماضية، وتزامنا مع ارتفاع مطّرد في حوادث “معاداة السامية والإسلاموفوبيا” في العديد من الدول عقِب حرب غزة، وقع عدد من حوادث العنف والقتل في العالم، بما في ذلك في دولٍ أوروبية، ولعل أحدثها تلك الحادثة الأخيرة التي وقعت مؤخرا في العاصمة الفرنسية باريس، حيث نفّذ شخص هجوما بالقرب من برج إيفل، أودى بحياة سائح ألماني -فلبيني طعنا وخلّف جريحين آخرين.

وقبل نحو شهرين وقع هجوم في أراس شمال فرنسا وأودى بحياة مُدرّس. ووُضعت فرنسا في حال تأهّب تحسباً لهجوم وشيك، وقررت الحكومة نشر 7 آلاف جندي في الداخل بعد هجوم أراس الذي وقع منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وفي مواجهة خطر انعكاس الحرب بين إسرائيل و”حماس”، توتراً على أراضيها.

تكتيك “الذئاب المنفردة”

منذ اندلاع الحرب في غزة، والدول الأجنبية تحذّر من خطر انبعاث الأعمال والهجمات الإرهابية في دولها ودول العالم بشكل عام، وتدلل حادثة الطعن التي وقعت قبل أيام في باريس، خصوصا أنها حصلت في موقع سياحي، على مدى ارتباطها بأحداث الحرب الدائرة في غزة، تزامنا مع تزايد التهديدات بهجمات ينفذها إسلاميون متطرفون كلما حصلت أزمة أو حرب ما يكون أحد طرفيها من مدّعي “الإسلام”، ويعتقد مسؤولون أمنيون أوروبيون أن “الذئاب المنفردة” الذين يصعب رصدهم يمثّلون الخطر الأكبر.

وبالفعل نفّذ تنظيم “داعش” العديد من الهجمات في سوريا والعراق فضلا عن بعض الدول الأوروبية وفي القارة الإفريقية وغيرها، بالإضافة إلى أن التنظيم يحاول استغلال حرب غزة لحشد مقاتلين جُدد وإعادة الانتشار، وهو ما يثير مخاوف من تجدد الهجمات في أوروبا ودول العالم عموما، بحسب العديد من المحللين.

ففي الـ16 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي في بروكسل، وعلى هامش مباراة كرة قدم بين بلجيكا والسويد، أطلق رجلٌ النار على مشجعين سويديين؛ ما أدى لمقتل اثنين في الحادث الذي أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عنه.

التنظيمات الإرهابية عادة ما تستغل الحروب والأزمات وخاصة الحساسة منها مثل حرب غزة، لشن هجمات متفرقة، ومن المرجح أن ينفذ الإرهابيون هجمات خلال الفترة المقبلة ولا سميا فترة أعياد الميلاد.

وفي وقت سابق، قال الكاتب والباحث السياسي الدكتور سامح مهدي، إن تكرار هجمات العنف والقتل من قبل التنظيمات الإرهابية ولا سيما من “داعش”، سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط أو في العالم عموما، يشير إلى أن التنظيم يستغل عبر فروعه وخلاياه النائمة، الظروف والأزمات، لتنفيذ عملياته، وخاصة عبر ما يعرف بتكتيك “الذئاب المنفردة”.

وأردف مهدي لموقع “الحل نت” أن التنظيمات الإرهابية عادة ما تستغل الحروب والأزمات وخاصة الحساسة منها مثل حرب غزة. وبالفعل استغلت التنظيمات المتطرفة مثل تنظيمي “داعش والقاعدة” أزمة غزة في حربها مع الغرب والدول التي تعتبرها “معادية” لها، من حيث بث خطابات ومواقف تحريضية وتعبوية إلى تنفيذ عمليات إرهابية متعددة.

هذا فضلا عن دعوة كلّ الإسلاميين والمتعاطفين معه إلى شنّ حرب شاملة ضد “اليهود والأجانب” وكل من يدعم إسرائيل، أي دعوة مفتوحة لجميع الجماعات الإسلاموية في الولوج في حروب وهجمات ضد الغرب، وتحديدا تركيز التنظيمات المتطرفة على عبارة أن “السبيل الوحيد لتحرير الأمة الإسلامية من براثن أنظمة الكفر هو الجهاد في سبيل الله”.

وبالتالي، فإن تنظيمي “داعش والقاعدة” وعموم التنظيمات الإسلاموية، يسعون لتحريف أسباب حرب غزة الحقيقية بما يتوافق مع أهدافهم وأيديولوجياتهم. وذلك من أجل استقطاب الأفراد، وخاصة الفئة الشابة، وتوظيفهم في عمليات وهجمات إرهابية “الذئاب المنفردة”، ومن المرجح أن ينفذ التنظيم الإرهابي هجمات أخرى خلال الفترة المقبلة سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط، طبقا لتحليل مهدي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات