تستثمر إيران في الحرب الجارية الآن بقطاع غزة بإطلاقها مشروع إسلاموي سياسي أمني يمتد إلى عموم المنطقة، تحت عنوان “المقاومة” و”حماس”، وهي منظمات بدأت تعلن عن نفسها في عدد من الدول العربية، على اعتبار أنها قادرة على ما عجز عنه “حزب الله” اللبناني الموالي لطهران والفصائل الشيعية الأخرى من استهداف المكوّن السّني، الذي يشكّل العصب الرئيسي في مخطط الطوفان الشعبوي مستقبلياً.

حماس لبنان الخطوة الأوضح

الخطوة الأوضح في المشروع الجديد، هو الإعلان من قبل حركة “حماس” في لبنان عن تأسيس ميليشيا جديدة تحت اسم “طلائع طوفان الأقصى” يوم الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، لاستقطاب الشباب السُّني في المخيمات الفلسطينية وغيرها وضمّهم إلى الحرب ضد إسرائيل، في استنساخٍ لتجربةٍ سابقة لـ”حزب الله”، هي “سرايا المقاومة” غير الشيعة.

ومحاولة إنشاء هذه الحركة كانت في الماضي لكن تم تفعيلها الآن، حيث أن تقارير إسرائيلية وفق راديو “مونت كارلو” تحدثت بوقت سابق، عن أن حركة “حماس” قررت عام 2014، إنشاء وحدة قتالية جديدة في لبنان، من أجل “فتح جبهة إضافية ضد إسرائيل في النزاعات المستقبلية”، مشيرة إلى أن أول هجوم من قِبل هذه الوحدة على إسرائيل جاء خلال الحرب التي استمرت 11 يوما بين إسرائيل و”حماس” في شهر أيار/ مايو 2021، عندما أطلقت 4 صواريخ على شمال إسرائيل من لبنان، ولفتت نقلاً عن “يديعوت أحرونوت” و”تايمز أوف إسرائيل” منذ عامَين، إلى أن مركز الوحدة الجديدة هي مدينة صور جنوب لبنان، وأن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، صالح العاروري، مكلّفٌ بقيادتها.

أسست حماس في لبنان “طلائع طوفان الأقصى- “إنترنت”

يقول الصحافي السوري، صهيب جوهر، في تصريح إعلامي: إن الدعوة للانضمام لـ”طلائع الطوفان” يمكّن الحركة من استقطاب الشباب الفلسطيني المتحمّس في المخيمات، ويأتي ذلك استكمالاً للهدف الذي جرت لأجله معارك مخيم “عين الحلوة” الصيف الفائت، ومن جهة أخرى توجه الحركة رسالة إلى الساعين لتنفيذ القرار الدولي بأن البديل من الحضور المكثف لـ”حزب الله” في الجنوب هو السّني والفلسطيني وهذا ما يشكل تحدّياً للجيش اللبناني الذي تعول عليه العواصم الغربية لإمساك الوضع في الجنوب إلى جانب قوات “اليونيفيل” بعد انتهاء الحرب.

في تصريح خاص لـ”الحل نت” يقول الدكتور محمد بشاري، الأمين العام لـ”هيئة المجتمعات المسلمة”، ليس المقصود من هذه الخطوة استقطاب الشباب الفلسطيني لأن أبواب حركة “حماس” مفتوحة لهم، والحركة تجنّد الكثير منهم، مثلها مثل المنظمات والفصائل الفلسطينية الأخرى.

لكن ثمّة أهداف متعدد الاتجاهات أهمها: ضم جميع الأفراد المنضوين في مجموعات فلسطينية ولبنانية أصولية سنية موجودة في المخيمات، وتوحيد بندقيتها تحت قيادة “حماس”، لأن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من الصراعات الداخلية، وثانيا ضم الشباب اللبناني السّني من خارج المخيمات وخصوصا من بيئة الجماعة الإسلامية، وهي الفرع اللبناني لحركة “الإخوان المسلمين” التي تحظى بتمويل قطري، حيث إن الحرب الحالية بيّنت أن هذه الجماعة لا تعرف كيف تستغل شبابها وجمهورها وتجنيدهم للمعركة، فقررت “حماس” أن تأخذ المبادرة وتتولى بنفسها ضم الشباب السّني المسلم في لبنان”، يضيف بشاري.

في حين، يقول مصدر خاص “رفض ذكر اسمه”: وفق معلوماتنا، فإنه تم تكليف الحاج مروان ملحم، وهو مسؤول في “حزب الله” ومن قرية مليخ في جنوب لبنان بالتنسيق والتعاون، وفتح معسكرات “حزب الله” لاستقبال العشرات من الشباب السّني الذين تستقطبهم “حماس”، وسيقوم الحزب بتقديم كل الدعم السياسي والعسكري واللوجستي تحت إشراف الإيرانيين.

حماس العراق على نفس الطريق

أما الخطوة الأهم فهي تفعيل دور “حماس العراق”، التي نشأت من قبل عام 2003، وعرّفت نفسها على أنها حركة “المقاومة الإسلامية”، وتنتشر في بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل، وساهمت مع حركة “الجيش الإسلامي” وأربع فصائل أخرى بتشكيل الواجهة السياسية لما يطلق عليه (المجلس السياسي للمقاومة العراقية)، وتاريخياً كانت جزءاً من (كتائب ثورة العشرين) ثم ارتأت تغيير الاسم في عام 2005 إلى حركة “المقاومة الإسلامية” وأبقت الجناح العسكري بذات العنوان، ومن ثم ولأسباب إدارية أصبحت “حماس – العراق” وأن يكون لهم جناح عسكري تحت اسم “كتائب الفتح الإسلامي”.

وعقب عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها حركة “حماس” بغزة، قامت “المقاومة الإسلامية” بعدة عمليات ضد القوات الأميركية ومنها قاعدة “عين الأسد” بالعراق، وكان هذا بتنسيق مع الفصائل المقرّبة من طهران.

نقل “راديو فردا” الناطقة بالفارسية، إن اجتماعا عُقد في بغداد يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد يوم من الهجوم المباغت الذي شنّته “حماس” على إسرائيل، وحضر هذا الاجتماع مسؤولون إيرانيون، ورؤساء بعض الجماعات العراقية التي تدعمها طهران، ومنهم محمد كاظم آل صادق، ونائب قائد “فيلق القدس”، التابع “للحرس الثوري الإيراني”، محمد رضا فلاح زاده، ودعا المسؤولون الإيرانيون في الاجتماع، إلى تكثيف الدعاية الإعلامية في العراق ضد إسرائيل ودعما لـ “حماس”، فضلا عن إنشاء مركز لتسجيل المتطوعين للحرب ضد إسرائيل في المرحلة الثانية.

وقال مصدر عراقي “رفض ذكر اسمه” في تصريح خاص لـ”الحل نت”، إن تفعيل دور “حماس العراق” جاء ليصرِف النظر عن الفصائل المدعومة إيرانيا، وللعب على المكوّن السّني العراقي بعد جهد كبير من “الحزب الإسلامي العراقي” (ذراع الإخوان) والتنسيق بينه وبين قادة الفصائل الشيعية العراقية، بتنسيق من رشيد العزاوي، المعروف بقربه من طهران، وعلاقاته القديمة بها، حيث قضى فيها سنوات طوال أثناء حكم صدام حسين.

أحد أهم الأهداف في هذا المشروع هو زيادة فعالية نشاط حركة “الإخوان المسلمين” في مختلف البلاد العربية بعد تلك الضربات الموجعة التي تلقتها في السنوات الأخيرة، وصرف النظر عن الفصائل المدعومة من طهران.

وأضاف المصدر أن الميليشيات الموالية لإيران وعدت الحزب بمنحه حُصصاً في العملية السياسية، وذلك عِقب لقاء جمع العزاوي وأسامة حمدان، القائد في “حماس”، الذي التقى العزاوي، وكذلك محمد الحافي، وعيسى الساير، الذي كان قائم مقام الفلوجة، وهو الآن قائد “حماس العراق”.

إن أحد أهم الأهداف في هذا المشروع هو زيادة فعالية نشاط حركة “الإخوان المسلمين” في مختلف البلاد العربية بعد تلك الضربات الموجعة التي تلقتها في السنوات الأخيرة، وصرف النظر عن الفصائل المدعومة من طهران، حتى لا تدفع الفاتورة، ويستكمل الدكتور محمد بشاري تصريحه الخاص بقوله: إن ظهور “حماس” لم توجه لفلسطينيي لبنان والعراق فقط، وإنما إلى كل الفلسطينيين في الشتات، وخصوصا في البلاد العربية، وهذا ما سيشكّل مدخلا مناسبا للتغلغل في المجتمعات العربية السُّنية غير الفلسطينية تحت شعار جذاب وهو “مقاومة إسرائيل” والدفاع عن أهل السّنة في فلسطين، لذا فمن المرجّح أن تنشأ تنظيمات إسلاموية تحت اسم “حركة حماس” في دول متعددة خلال الفترة المقبِلة.

الخلاصة، أن عولمة حركة “حماس”، ومحاولة إعادة تدشينها في دولٍ عربيةٍ هو جزء من مخطط يستخدم الجماعات السّنية في المرحلة المقبلة، وتجنيد مقاتلين متطوّعين، بالتنسيق مع الميليشيات الموالية لإيران، سعياً إلى حشد أوسع لصناعة ربيع إسلاموي جديد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات