أفريقيا، الحديقة الخلفية للعالم، والتي باتت وجهة للغرب وروسيا على حد سواء، خاصة مع طول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاساته السلبية على الاقتصاد العالمي، إذ برزت في الآونة الأخيرة تحركات دبلوماسية غير مسبوقة للمسؤولين الغربيين والروس في عدة دول أفريقية لإنشاء تحالفات وإحياء أخرى.

حرب في القارة السمراء

وزارة الخارجية بجنوب أفريقيا، أعلنت اليوم الأحد، وصول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى جوهانسبيرغ، قبل التوجه إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية ثم رواندا، في جولة هدفها التصدي للنفوذ الدبلوماسي الروسي في المنطقة، حيث تأتي الزيارة بعد فترة وجيزة من الجولة الإفريقية التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وكانت الخارجية الأميركية، قد أوضحت في بيان نهاية تموز/يوليو الماضي، أن بلينكن، سيحاول أن يثبت “للدول الإفريقية أن لديها دورا جيوسياسيا أساسيا، وأنها حلفاء جد مهمين في المسائل الأكثر إلحاحا في عصرنا، وكذلك في تطوير نظام دولي منفتح ومستقر للحد من مفاعيل التغير المناخي، وانعدام الأمن الغذائي والجوائح العالمية”، بحسب تقارير صحفية اطلع عليها “الحل نت”.

ومن المقرر أن يزور بلينكن، بعد جوهانسبيرغ، كلا من جمهورية الكونغو الديموقراطية ثم رواندا، وهذه ثاني جولة لوزير الخارجية الأميركي في أفريقيا جنوب الصحراء منذ تولي مهامه، بعدما زار كينيا ونيجيريا والسنغال العام الماضي.

ومن المقرر أيضا، أن تزور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، خلال الشهر الحالي، كلا من غانا ورواندا، وذلك بعد أن قامت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باورن مؤخرا بزيارة كينيا، الحليفة القديمة للولايات المتحدة، بالإضافة إلى الصومال، حيث أشارت إلى زيادة سوء التغذية بفعل تداعيات العملية الروسية الروسي في أوكرانيا.

إقرأ:الموت يهدد الملايين.. الصومال تدخل في مجاعة

زيارات فرنسية سابقة

في سياق ما يشبه الحرب الدبلوماسية في أفريقيا، أنهى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نهاية الشهر الفائت، جولة في غرب إفريقيا، نقلته إلى الكاميرون وبنين وغينيا بيساو، في أول جولة إفريقية له، منذ إعادة انتخابه رئيسا للدولة الفرنسية، في أبريل الماضي لولاية ثانية.

وتزامنت هذه الجولة القارية مع تراجع نفوذ فرنسا في منطقة الساحل، مع مواجهتها منافسة شرسة من عدة دول أخرى وخاصة، روسيا والصين، وبالتالي ترك إيمانويل ماكرون، منطقة نفوذه التقليدية وسعى إلى إحياء العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول التي تمت زيارتها. إذ خطط “لإعادة تشكيل” تحالفاته العسكرية الإقليمية، مع تأكيده على رغبة باريس في الاستمرار في المشاركة في منطقة الساحل ولكن “بأسلوب مختلف”.

وبحسب خبراء، فإن الدول التي زارها ماكرون، تعاني من الهشاشة هي أيضا. إذ مثلا الكاميرون تعاني من هجمات جماعة بوكو حرام، المتطرفة في شمال البلاد منذ 2009، إلى جانب الصراع بين الجماعات الانفصالية، والقوة المركزية. فيما تواجه بنين هجمات إرهابية حالها حال منطقة الساحل، لأنها مستهدفة أيضا من تنظيم “داعش” الذي يسعى إلى توسيع رقعة عملياته الإرهابية في المنطقة.

وأكد ماكرون، أنه على استعداد لتسليم “شاحنات صغيرة ومعدات إزالة ألغام وسترات واقية من الرصاص ومعدات رؤية ليلية”، وكذلك “طائرات بدون طيار ومعدات مراقبة أخرى”، مذكرا بأن هذه المعركة ضد الإرهاب، ستتم “جنبا إلى جنب مع أبناء هذه الدول” بناء على طلبهم، وأن الاستجابة الأمنية يجب أن تكون” مصحوبة برد سياسي وتنموي”.

قد يهمك:نفوذ صيني بشكل جديد في سوريا.. ما احتمالات ذلك؟

توزيع للنفوذ والثروات

خبراء في العلاقات الدولية، يرون أن هذا السباق نحو أفريقيا، ما هو إلا إشارة إلى “إعادة توزيع مناطق النفوذ” السياسية والاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا، وتنضم إليها الصين وألمانيا وإيطاليا”.

ومن جهة ثانية، ازدادت مكانة الاتحاد الأفريقي في الحوكمة الاقتصادية، في الآونة الأخيرة، ومع قيام منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “آي إف سي إف تي آي”، بتشكيل 55 اقتصادا في سوق واحدة منذ يناير 2021 يمثل الاتحاد الأفريقي الآن كتلة اقتصادية تحتل المرتبة الثامنة عالميا.

وبالإضافة لذلك، فإن دول أفريقيا من الموردين الرئيسيين للمواد الخام المطلوبة في جميع أنواع التقنيات، من الهواتف الذكية إلى بطاريات السيارات الكهربائية إلى الأقمار الصناعية، وبيعها واستهلاكها.

إقرأ:التغلغل الإيراني في إفريقيا: من التعليم الديني وتجارة السلاح إلى اقتصاد “الحزام والطريق”

وبحسب التقديرات، فإن 64 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي من البوكسيت من غينيا، و68بالمئة من الكوبالت و36بالمئة من التنتالوم من الكونغو الديمقراطية، و71 بالمئة من البلاتين من جنوب أفريقيا، بحسب متابعة “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.