على الرغم من إعلان الحكومة العراقية إغلاق جميع مخيمات النازحين، إلا أن آلاف العوائل ما تزال مستمرة حتى الآن في مخيمات إقليم كردستان، وهو ما يجدد معاناتهم مع عودة فصل الشتاء، لاسيما مع موجة الأمطار التي اجتاحت المخيمات الموسم الماضي، وسط عجز الحكومتين العراقية والإقليمية والمنظمات الدولية والإنسانية.

وفي ظل انعدام الحد الأدنى للخدمات والعيش الكريم في وقت يقضي فيه نحو 37 ألفا نازحا عامهم الثامن في ظروف بائسة، وفقا لأحدث إحصائية، حيث ما زالت عشرات آلاف الأُسر غير قادرة على العودة إلى منازلها، وهو ما يحتّم على الحكومتين الاتحادية والإقليم إلى جانب المنظمات الإنسانية المباشرة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.

حيث قال علي عمر، وهو نازح في أحد مخيمات محافظة دهوك، في حديث لموقع “الحل نت“، إنه “على السلطات العراقية متمثلة بوزارة الهجرة والمهجرين، وحكومة إقليم كردستان، الإسراع بتقديم المساعدات لهم وتجهيزهم بسرادق بدلا عن الخيم التي لا يمكنها مقاومة الأجواء هناك، بخاصة وأن إقليم كردستان العراق يُعد أكثر منطقة باردة في فصل الشتاء.

 إذ يعيش النازحون وضعا مأساويا، والخيام لا تقي من برد الشتاء ولا تصلح للسكن مع برودة الجو، كما أنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة، خاصة أن محافظة دهوك تُعد أكثر مناطق الإقليم برودة”، بحسب عمر البالغ من العمر 36 عاما، والذي نبه إلى أن الاستعداد المبكّر من قِبل الجهات المعنية في هذا الوقت، يمكن أن يجنّب النازحين سيناريو العام الماضي.

اقرأ/ي أيضا: يتنفسن السموم ويعيشن العبودية.. عاملات “الطابوق” في العراق

عدم استعداد السلطات يجدد معاناة نازحي العراق

النازح الذي ترك منزله وقريته الواقعة في أطراف مدينة الموصل التابعة لمحافظة نينوى، منذ 8 أعوام، واصل حديثه بالقول، “العام الماضي كان موسما قاسيا على النازحين في إقليم كردستان، لاسيما مع موجات البرد القارسة والأمطار التي اجتاحت عموم البلاد، وذلك بسبب عدم اتخاذ وزارة الهجرة والمهجرين للإجراءات المطلوبة ما قبل بدء فصل الشتاء، ما وضع النساء والشويخ والأطفال بمواجهة البرد”.

وأردف أنه “لا يمكن العيش في هذا المكان لأن جو الشمال بارد جدا، ولا يمكن للأطفال والنساء العيش تحت خيم تفتقر لأبسط مقومات الحياة المعيشية“، مطالبا “على الحكومة توفير الكميات اللازمة من الوقود لتشغيل المدافئ، إضافة إلى توزيع الأغطية“.

من جهته، إياد الجبوري، حمّل “الحكومة الاتحادية مسؤولية الإهمال داخل مخيمات النازحين، وأكد في حديث لموقع “الحل نت“، أن “عدم حسم هذا الملف على الرغم من مرور نحو عقد عليه، هو أمر متقصد ولغايات سياسية، إذ أن هناك جهات منتفعة منه سياسيا واقتصاديا“.

الجبوري البالغ من العمر 28، بيّن أن “هناك قوى سياسية تستخدم ملف النازحين لأغراض الدعاية الانتخابية في كل موسم انتخابي، ومثلها هناك جهات تعمل على بقاء النازحين في المخيمات للاستفادة المادية من خلال تلك المخيمات لما يحصلون عليه من عقود تجهيز مواد غذائية وغيرها“.

من يعيق إغلاق ملف نازحي العراق؟

كما تساءل: “هل يُعقل أن دولة مثل العراق، تمتلك كل هذه الموارد لا يمكنها حسم ملف النازحين“، مبينا أنه “إلى جانب كل ذلك التقصير والاستغلال، هناك جهات تعمل على مشروع طائفي تهدف من خلاله إلى إحداث تغييرا ديموغرافي في بعض المناطق وهو ما يحول دون عودة أهاليها إليها بسبب سيطرة جهات مسلحة عليها وتمنع عودتهم“.

يشار إلى أن وزارة الهجرة والمهجرين لا تدرج النازحين المقيمين خارج المخيمات ضمن إحصاءاتها، كما أنها تستثنيهم من المساعدات المقدمة للنازحين، بينما يقدر إجمالي النازحين خارج المخيمات بأكثر من 750 ألفا، يقيمون في مجمعات سكنية على نفقتهم الخاصة في بلدات عدة بأربيل والسليمانية، فضلا عن بغداد والأنبار وغيرها.

وكثيرا ما أثار ملف النازحين في العراق جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية، فيما تشوبه الكثير من شبهات الفساد، التي يُتهم فيها سياسيون بوقوفهم خلف تعطيل خطوات إغلاق المخيمات لمصالح مادية وسياسية.

وتسببت الحرب على تنظيم “داعش”، بنزوح ملايين العراقيين عن ديارهم، حيث بلغ عدد المخيمات عام 2017 بلغ 120 مخيما، نزح إليها ما يربو على 5 ملايين شخص، ويعيش أغلبهم بحسب تقارير إعلامية ومنظمات إنسانية وحقوقية، أوضاع مأساوية، كما يعاني الكثير منهم نقص المواد الغذائية والصحية.

اقرأ/ي أيضا: “عايف روحي هناك”.. هجرة سكان الجنوب العراقي إلى إقليم كردستان تتزايد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.