تسريبات: جنود «سليماني» كانوا في الخطوط الأمامية لآخر معاقل المعارضة في سوريا

تسريبات: جنود «سليماني» كانوا في الخطوط الأمامية لآخر معاقل المعارضة في سوريا

نشرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، بالأمس تقريراً كشفت فيه عن تورط  ميليشيات الجنرال الإيراني المقتول قاسم السليماني، وقتالها سراً في معقل المعارضة المسلحة الأخير في سوريا. إذ تكشف تسجيلات صوتية نادرة مسربة حصلت عليها الصحيفة، كيف يدير الجنود الإيرانيون والمرتزقة الأفغان العمليات العسكرية في إدلب، شمال غرب سوريا، في معركة كانوا قد وعدوا بعدم المشاركة فيها خلال محادثات السلام.

فقد كانت قوة «فيلق القدس» بقيادة (#قاسم_سليماني) فعالة في المساعدة في قلب موازين #الحرب لمصلحة الرئيس السوري #بشار_الأسد. ومع ذلك، فإن #طهران كانت قد قدمت ضمانات لـ #تركيا، التي تدعم المعارضة في سوريا، بعدم إرسال قوات إلى إدلب بسبب قربها من الحدود التركية وكذلك من أنقرة. حيث يقول قائد كتيبة فاطميون، وهي ميليشيا (شيعية أفغانية) تقاتل تحت مظلة #فيلق_القدس، الأسبوع الماضي إنه وقبل مقتله كان «سليماني» قد أصدر تعليمات تتضمن إستراتيجية هذه المجموعة شبه العسكرية للسنوات الخمس المقبلة، وأن اغتياله لن يسبب أية اضطرابات في عمل الكتيبة. وهذا يؤكد مرة أخرى أن هذه الميليشيات موجودة في إدلب  تحت إمرة #فيلق_القدس وتنفذ خطط «قاسم سليماني» التي رسمها للمنطقة.

وقد قامت مجموعة “Macro Media Center”  الناشطة المستقلة بتمرير تسجيلات صوتية إلى الـ (ديلي تلغراف) رصدها متتبعون في أحد المراصد المحلية، والذين تمكنوا من ضبط وتيرة البث الإذاعي لهذه #الميليشيات. وكانت نفس المجموعة قد شاركت في أواخر العام الماضي التسجيلات الصوتية للطيارين الروس مع صحيفة «نيويورك تايمز»، والتي استخدمتها لإظهار كيف كانت القوات الموالية للحكومة تقصف عمداً المستشفيات في معاقل #المعارضة والتي يسيطر عليها التنظيم الجهادي (هيئة #تحرير_الشام) وغيرها من الفصائل المسلحة. حيث كان يتم قصفها يومياً من الطيران السوري والروسي، وكذلك من القوات البرية، وما يزال الوضع على حاله لا بل أسوأ. وقد شرد هذه الهجوم بالفعل نصف مليون شخص، ويهدد بأن يصبح أسوأ أزمة إنسانية في الحرب السورية.

وقد تم إجراء الجزء الأكبر من الاتصالات التي جرى تسجيلها بين شهري أيلول وتشرين الثاني الماضيين بعد اكتشاف تردد الراديو الإيراني، ولكن البعض الآخر تم تسجيله في أواخر الأسبوع الماضي. حيث كانوا قد عقدوا العزم على القدوم من قاعدة مؤقتة في «تمنة»، في معرة النعمان، على بعد أميال من قواعدهم المعروفة في مناطق النظام في #حلب وحمص. وفي أحد التسجيلات، يُسمع مقاتل أفغاني يتحدث الفارسية وهو يقول لآخر: «دعنا نذهب معاً نحو موقعهم الليلة، لنرى ما إذا كان طائرًا أو ثعلبًا»، وذلك باستخدام الحيوانات ككلمات رمزية للأهداف. «لا يمكنهم الدفاع عنها، حتى مع وجود الكتيبة بأكملها»، يقول أحد عناصر الميليشيات. ويضيف:  «سنذهب سراً وسنضرب ثم نأخذها، لن تكون هناك مشكلة كبيرة».

وقد أخبر قادة مختلف مجموعات المعارضة المسلحة التي تقاتل في المنطقة الـ (ديلي تلغراف) أنهم قدروا وجود 400 مقاتل من هذه المليشيات على الأقل، لكن آخرين قالوا قد يكون العدد أكبر من 800 مقاتل. «يبدو أن الميليشيات الإيرانية تخفي وجودها عن عمد في إدلب، لكنها في الواقع موجودة هنا»، يقول أبو حمزة كرنازي، القائد الميداني في الجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من تركيا. ويضيف مؤكداً: «لديهم أسلحة ثقيلة واستخدموا المدفعية وقاذفات الصواريخ ضدنا في التمانعة وغيرها من المناطق».

من جهته، أكد معارض سوري، حضر محادثات السلام في كل من أستانا في كازاخستان وسوتشي في روسيا، أن #إيران التزمت أمام #تركيا وأكدت بأنها ليست مهتمة بالقتال في إدلب وأنها حريصة على عدم تعريض العلاقات مع أنقرة للخطر. فقد باتت تركيا شريكاً تجارياً مهماً للجمهورية الإسلامية لاسيما بعد العقوبات التي فُرضت على هذه الأخيرة، على الرغم من أن إيران دعمت جيش النظام السوري لفترة طويلة وفي مختلف المناطق.

في الوقت ذاته، يرى محللون أن تركيا على دراية بلا شك بالوجود الإيراني في #إدلب، لكن لم يبق لديها نفوذ كبير للمطالبة برحيلهم اليوم. فجيش النظام  السوري التقليدي منهك بسبب سنوات الحرب وازدياد عدد القتلى والانشقاقات. بينما يتمتع «فيلق القدس»، وهو القوة العسكرية والاستخبارية الضاربة للحرس الثوري الإيراني، وكتائب فاطميين التابعة له، بسمعة مخيفة اكتسبوها في المعارك السابقة حول #دمشق وحلب ودير الزور في الشرق.

وتقول «دارين خليفة»، محللة سورية بارزة في مجموعة الأزمات الدولية: «عادة ما تكون هناك حاجة إلى الإيرانيين كقوات داعمة. فهم الأفضل في الخطوط الأمامية، وكذلك في حرب العصابات. قوات النظام السوري ما تزال بعيدة عن ذلك من حيث القوة أو التنظيم، خاصة الآن وقد بات عليها الاعتماد على مقاتلي المعارضة الذين أبرموا المصالحات مع النظام».

من جهته يقول القيادي «أبو حمزة كرنازي»: إنهم «يشاركون في القتال، لكنهم يقدمون أيضاً المساعدة العسكرية والتدريب للمقاتلين المحليين. كما يجلبون الدعاة (الشيعة) الإيرانيين واللبنانيين لتقديم التوجيه الديني للمقاتلين على الخطوط الأمامية».

ويشير التقرير إلى أن الاتصالات الإذاعية التي تم رصدها مليئة باللغة الطائفية. إذ تتكون الميليشيات الإيرانية والأفغانية من مقاتلين (شيعة)، بينما الأغلبية في إدلب والذين يدافعون عنها هم من (السنة). «يا علي، يا علي»، يُسمع الجنود يقولون لبعضهم البعض، ويطلبون المساعدة من (الإمام علي)، يرددون كذلك عبارة: «إن شاء الله  سننتصر عليهم».

وتنهي الـ(ديلي تلغراف) تقريرها بالإشارة إلى أن إيران قاد قامت بحملة شعواء ومثيرة للجدل في #سوريا في السعي لإتمام ما يعرف باسم «الهلال الشيعي»، من طهران وصولاً إلى بيروت في لبنان. إذ تقول إليزابيث تسوركوف، زميلة في برنامج #الشرق_الأوسط بمعهد أبحاث السياسة الخارجية: «يكفي أن تستمع للتسجيلات لكي تخبرك بنفسها لماذا يخاف الناس في إدلب، لما يحتوي عليها ليس فقط تهديداً لحياتهم، ولكن تهديد لدينهم كذلك».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.