أظهر اندماج اللاجئين #السوريين في أسواق #العمل بالدول المجاورة والدول الأوروبية تطوّراً إيجابياً في السنوات الماضية، حيث ساهموا بدعم عجلة التنمية داخل البلدان المضيفة.

لكن عملية الاندماج لا تزال هشّةً ولم تحقق المستوى المأمول به، لأسباب خارجة عن إرادة اللاجئين، الذين تعترضهم التشريعات وقوانين #العمل في دول اللجوء، علاوة على ذلك حاجز اللغة وعدم تعديل الشهادات العلمية لخريجي الجامعات.

وبما أن بلدان اللجوء تسعى إلى الاستفادة من اللاجئين من خلال إشراكهم في اقتصادها وتوفير فرص العمل لهم بما يتناسب مع حاجة #السوق.

ومن هذا الهدف تنبه “المكتب الإقليمي العربي” في منظمة العمل الدولية، لدور اللاجئين الهام ووضع استراتيجيةً تُركز على التنمية الشاملة في كل من لبنان والأردن.

وتوفير فرص #العمل للاجئين السوريين في البلدين، بهدف تعزيز صمود المجتمعات المحلية المضيفة وخلق فرص عمل للجميع، بحسب المكتب.

لكن السؤال، هل توفر البلدان المضيفة للاجئين البيئة المناسبة لتأمين فرص العمل؟

تشريعات العمل في الدول المضيفة

تقاس المعطيات التي ترشح عن الدول المضيفة لأكبر عدد من اللاجئين السوريين بلبنان (1.5 مليون لاجئ) والأردن (1.3 مليون لاجئ) وتركيا (3,6 مليـون لاجئ)، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين- بالقوانين والتشريعات التي تصدر عن هذه الدول.

وتحدد عمل اللاجئ السوري وفق قوانينها وأحياناً تأخذ هذه القوانين الصادرة طابعاً سياسياً، كوسيلة من الضغط على المجتمع الدولي لزيادة مساعداته للدول المستضيفة للاجئين.

ما أبرز التشريعات والقوانين الصادرة عن الدول المضيفة للاجئين في سماح العمل على أراضيها؟

هناك مجموعة من التحديات التي تعيق وصول اللاجئ إلى العمل الرسمي (وعلى وجه التحديد الوصول إلى تصاريح العمل) وما يترتب عن ذلك من قيود تحد من قدرة اللاجئين على العمل وإدراجهم بالكامل في البرامج الوطنية.

10 آلاف شركة للسوريين في تركيا

يقطن جزء كبير من اللاجئين السوريين في تركيا، سواء في المدن الكبيرة أو ضمن مراكز الإيواء التي تشرف عليها الحكومة التركية، إلا أن مدى قانونية عمل اللاجئين السوريين، تتفاوت ما بين شرائح تعمل بأذون عمل رسمية وهي قلة قليلة، وشرائح تعمل بشكل غير نظامي (بالأسود) وهي الغالبة.

وأكد “عبد الله . ج” مقيم في إسطنبول ويحمل بطاقة حماية مؤقتة كمليك لموقع (لحل نت) أنه «حاول تعديل شهادته الجامعية في هندسة العمارة  وتقديم امتحان ال KPSS الخاص بالتعديل، ولكن لم يستطع تجاوزه، فاضطر للعمل في أحد المطاعم في منطقة الفاتح بصفة غير نظامية».

في تركيا حدد القانون  10 في المئة كحصة “كوتا” لتشغيل السوريين في أي مؤسسة تركية (كل 10 عمال أتراك مقابل 1 أجنبي).

وتركيا من الدول الهامة التي نالت حصة الأسد من الاستفادة من الاستثمارات السورية، سواءً الاستثمار بالطاقة البشرية أم بأموال المستثمرين السوريين الذين فتحوا الكثير من المشاريع #الاقتصادية فيها.

وتشير الدراسات التي أجرتها عدد من غرف التجارة والصناعة التركية، إلى أن عدد الشركات التي أسسها السوريون في تركيا خلال تسع سنوات، تجاوزت عشرة آلاف شركة، تتوزع نشاطاتها على قطاعات اقتصادية مختلفة.

وأفاد تقرير للمنتدى الأورو متوسطي لمعاهد العلوم الاقتصادية “فيميز” الممول من الاتحاد الأوروبي، أن للاجئين السوريون تأثير على المدى الطويل في الاقتصاد التركي، إذ سيؤدي إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي من 1.9٪  في عام 2017 إلى 4٪ عام  2028.

كما قيم تقرير فيميز تأثير اللاجئين من ناحية القيمة المضافة للاجئين في الاقتصاد التركي، ووصلت تلك القيمة إلى 4.3 مليار يورو بنهاية عام 2017، وتوقع التقرير أن ترتفع تلك القيمة إلى 4٪ في عام 2028 مع تشغيل مليون عامل سوري في تركيا .

دور العمال السوريين في الأردن

تعتبر #الأردن من الدول الرئيسية التي تستقطب عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، ووجودهم أدخل ديناميكية جديدة على سوق العمل، حيث ساهموا بدور إيجابي في دعم الاقتصاد الأردني.

خصوصاً بعد تعهد الحكومة الأردنية في مؤتمر مانحي سوريا بلندن في شباط/فبراير 2016 على استيعاب أكثر 200 ألف لاجئ سوري في سوق العمل مقابل زيادة إمكانية وصول المنتجات الأردنية إلى السوق الأوروبية.

بالمقابل فإن ظروف العمل السائدة في أوساط العمال اللاجئين السوريين تصعب على العمال الأردنيين التنافس مع السوريين وخاصة في أعمال القطاعين الإنشائي والزراعي والتي تتطلب جهداً جسدياً علاوة على تدني أجور ساعات العمل مما يجعل المنافسة لصالح العامل السوري.

بموجب القانون الأردني، فإنّ أرباب العمل الذين يوظفون عمالاً غير أردنيين ملزمين قانوناً بالحصول على تصريح عمل من مديرية العمل التابعة لوزارة العمل.

ويحصل اللاجئ السوري على تصاريح عمل في مهن محددة، وأهمها قطاعي الزراعة والبناء.

ولم تقتصر استثمارات رجال الأعمال السوريين في الأردن، على #التجارة والمأكولات والمطاعم، فقد بدأ بعض السوريين بالاستثمار في التقنيات المتعلقة بنظم إدارة الشركات، وتكنولوجيا المعلومات.

وأوضح “محمد علي” المقيم في إربد وحاصل على تصريح عمل نظامي أنَّ توثيق عقد عمله ساعده في الحصول على الضمان الاجتماعي، رغم أن الأجور المدفوعة بالساعة، لم تتحسن كثيراً.

وذكر أن ورشة #الخياطة التي يعمل بها معظم عمالها سوريون وصاحب العمل أردني، ويصدر انتاج الورشة من الألبسة إلى الخارج.

لبنان وظروف عمل اللاجئين

يهيمن في لبنان القطاع غير المنظم على عمل اللاجئين السوريين وفق تقرير سابق صادر عن منظمة العمل الدولية التي قدرت نسبة اللاجئين العاملين دون عقد عمل نظامي 90 في المائة.

بالمقابل تحدثت تقارير عديدة عن مساهمة السوريين في تحريك عجلة الاستثمارات في الاقتصاد اللبناني، وجذب لبنان الأموال السورية سواء عن طريق الودائع البنكية، أو عن طريق الاستثمارات والحوالات المالية التي تتدفق من المغتربين السوريين إلى ذويهم داخل لبنان.

لكن يجب ألا نغفل أن هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسي اللبناني، الذي أثر مباشرة على ظروف العمل عند  اللاجئين السوريين، فغابت القوانين التي تضمن حقوقهم من استغلال أرباب العمل لهم، تحت ذريعة عدم حصولهم على  إقامة نظامية داخل لبنان.

وأفاد المزارع  “سالم . ك” ويعمل في منطقة البقاع، أن توفر العمالة السورية في المنطقة، شجعت أصحاب الأراضي على زيادة المساحات الزراعية وزراعتها خلال المواسم الصيفية والشتوية.

كما قام بعض السوريين بضمان الأرض من خلال الحصول على نسبة ما بين المزارع وصاحب الأرض.

بينما “علي الشيخ” رغم مرور 7 أعوام على إقامته في #بيروت، إلا أنه ما يزال واقع في دوامة الحصول على إقامة نظامية، الأمر الذي منعه من الدخول إلى سوق العمل بشكل منظم، بحسب حديثه لموقع (الحل نت).

عمل الشيخ في أحد المحال التجارية لبيع الالكترونيات غير النظامي، يعرضه للكثير من الابتزاز من قبل عمال البلدية في الحي الذي يقطنه، ويتمنى وجود تشريعات للعمل تسهم بتنظيم سوق العمل في لبنان، أسوة بالدول الأوروبية للحفاظ على حقوق العمال.

سوق العمل الألماني يستقطب المهارات المتوسطة

تعتبر ألمانيا الاتحادية من أكثر الدول الأوروبية التي استقطبت لاجئين سوريين وأصبحت وجهةً أوروبيةً رئيسيةً للاجئين السوريين (790 ألف لاجئ).

إلا أن نظرة عامة عن التوزع المهني للاجئين في ألمانيا، نجد  ووفقاً للتصنيف الألماني للمهنة KLDB_2010 أن أغلبية العمال السوريين اللاجئين هم في وظائف تتطلب مهارات (متوسطة)، تشمل أعمالاً مثل: المهنيين المساعدين والوظائف الإدارية ومساعدي المبيعات والعاملين في مجال الرعاية.

وأنّ 30٪ من اللاجئين السوريين يعملون في أنشطة لا تتطلب المهارة أو تحتاج شبه مهارة (مساعد)، و61٪ منهم يعملون في أنشطةٍ متخصصة (عمال مهرة) و3٪ في أنشطة متخصصة معقدة (متخصصون)، و6٪ في أنشطة عالية التعقيد.

وكشفت دراسة أجراها بنك “الائتمان لإعادة الإعمار” في #ألمانيا (كيه إف دبليو) أن 21 في المئة من مؤسسي الأعمال الحرة في الفترة بين عامي 2013 و2017 ينحدرون من أصول أجنبية، أو يحملون جنسية أجنبية.

وبذلك -وفقاً للدراسة- فإن المهاجرين ينشطون في تأسيس أعمال حرة على نحو يفوق المتوسط لدى المواطنين الألمان (18%)، وأرجعت الدراسة ذلك إلى عدم وجود فرص عمل بديلة أمامهم.

وأثبت السوريون براعتهم في قطاعات الخدمات أو المهن اليدوية في السوق الألماني،وكان نجاحهم في الأعمال الحرة أسرع.

وفي  إحصائية لنقابة الأطباء الاتحادية في ألمانيا صدرت العام الجاري 2021 فإن عدد الأطباء السوريين بلغ في ألمانيا 5289 طبيبا وطبيبة وهذا العدد لا يشمل حاملي الجنسية الألمانية من السوريين.

واحتل الأطباء السوريون المرتبة الأولى للأطباء الأجانب في ألمانيا وجاءت رومانيا في المرتبة الثانية 4916 طبيبا وطبيبة.

وأوضح “عروة الفاضل”  اللاجئ بألمانيا والمقيم في مدينة  برلين لموقع (الحل نت) أنه وصل ألمانيا  في عام 2014 وانخرط بالمجتمع المحلي بعد تجاوزه مراحل اللغة المطلوبة، وعمل على لم شمل عائلته  في عام 2015 .

وكان يعمل وقتها في أحد دور المسنين كمتطوع، ثم باشرت زوجته العمل في مجال الهندسة لامتلاكها شهادة الهندسة المدنية وتوازياً مع عملها أسس عروة عملاً خاصاً به، واستغنى عن مساعدات الحكومة.

وباشر بدفع الضرائب المطلوبة إلى الحكومة بانتظام، وينتظر العام المقبل الحصول على الجنسية الألمانية بعد استيفائه الشروط المطلوبة.

من جانبه، أكد الباحث الاجتماعي :عماد مصطفى” لموقع (الحل نت) أن اللاجئين السوريون يبحثون داخل المجتمعات المضيفة عن فرص عمل تبني قدرتهم، بحيث تستثمر هذه المجتمعات قدراتهم بطريقة مستدامة، وتساعدهم و تدعم اللاجئين في عملية انتقالهم نحو الاكتفاء الذاتي.

وتابع أن توفير فرص العمل للاجئين تجعل منهم عاملاً رئيسياً في دعم التنمية المستدامة داخل البلدان التي يعملون بها، مستشهداً بالكثير من التجارب الناجحة في دول اللجوء، وبخاصة في ألمانيا حيث المجال فيها لإدماج اللاجئين في سوق العمل مفتوحاً، رغم التحديات الكثيرة التي واجهتها ولكن في كثير من الأحيان كانت تسير أيضاً على نحو جيد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.