أصدر معهد “الشرق الأوسط” في واشنطن، دراسة حول فعالية العقوبات الغربية على دمشق، وحقيقة الجدل الدائر عن جدوى العقوبات على الحكومة السورية وأثرها على عامة الشعب.

تحاول الدراسة التي أعدها الباحثان “كرم شعار”، و“وائل العلواني”، فهمَ منهجية العقوبات وفعاليتها عبر تحليل البيانات الرسمية عن الأفراد المعاقبين أميركياً وأوروبياً لتورطهم بانتهاكات مرتبطة بالشأن السوري (غير تلك المرتبطة بالإرهاب العالمي)، بالإضافة إلى معالجة الدراسات والأبحاث ذات الصلة.

كما وجد الباحثان بعض الأخطاء في البيانات الرسمية وعلاقات أفراد غير دقيقة وحالات تضارب في صحة المعلومات الواردة في نصوص العقوبات، ما يثير أسئلة عن آليات إدارة البيانات وتحديثها ومدى فجوة التنسيق بين الجهود الأميركية والأوروبية.

تأثير المختصين السوريين

وتعليقاً على صدور الدراسة، أوضح الباحث السوري، “كرم شعار”، في حديث خاص لـ (الحل نت) أن هناك «إمكانية تفعيل آلية تغيير إنزال العقوبات الغربية ضد النظام السياسي الحالي بسوريا».

معتبراً أن عملية التغيير الحقيقي في آلية العقوبات «تأتي من خلال تأثير الباحثين والمختصين السوريين بمتابعة ملف العقوبات واستهداف صانعي السياسات الغربية المرتبطين بالعقوبات، والتواصل معهم وشرح وجهات النظر لتوضيح عدم فعالية آلية العقوبات الحالية».

وأشار “شعار” إلى «وجوب الاعتماد على الأفراد السوريين بشكلٍ أوسع، وتفعيل استخدام مشروع قانون بربندي، الذي يدعو لمنح مكافآت وجوائز للأشخاص الذين يدلون بمعلومات للحكومة الأميركية تخص أشخاصاً معاقبين بسوريا».

وقدّم عضوان في “الكونغرس” الأميركي، منتصف شهر شباط/فبراير الماضي، مشروع قانون جديد يهدف إلى تضييق الخناق على حكومة دمشق من خلال التركيز على آلية تهربها من العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

حيث أعاد كل من “جو ويلسون”، و“تيد دويتش”، تقديم مشروع القانون الذي يحمل اسم “بسام بربندي” (دبلوماسي سوري سابق يقيم في الولايات المتحدة) لبرنامج “المكافآت من أجل العدالة”، بحيث يكون من شأن مشروع القانون تحفيز المخبرين على تقديم معلومات قابلة للتنفيذ بشأن تهرب دمشق من عقوبات الولايات المتحدة، وذلك من خلال توسيع برنامج المكافآت في وزارة الخارجية الأميركية.

عصي وجزرات أكثر

واعتبر “شعار” أن اللجوء لتلك الآلية «تعتبر من أهم الأدوات التي يجب تفعيل استخدامها»، كما نوه بضرورة أن يتحول ذلك المشروع إلى «قانون نافذ عبر “الكونغرس”، والتركيز على مجال التحقيقات الاستقصائية المرتبطة بكشف شبكات النظام السوري».

بينما اعتبر أن «عدم وجود سياسة متكاملة للتعامل مع دمشق لدى الحكومات الغربية، هي ما يؤثر على جدوى وفعالية العقوبات الغربية».

وقال: «المشكلة أن الملف السوري ليس ذو أولوية لديهم، وبالتالي ليس هناك تركيز بتشكيل تلك السياسة المتكاملة تجاه سوريا، يجب أن تكون ذات نشاط أكبر بمعنى استخدام عصي وجزرات أكثر ليس للنظام فقط، وإنما لداعميه، ويجب أن يكون التهديد بأدوات مختلفة وليس فقط من خلال العقوبات، كما يجب أن تُحفز بأدوات متعددة مثل الانتقال الآمن لرأس السلطة».

الدراسة كانت قد أكدت أن حكومة دمشق قاربت العقوبات الغربية المفروضة عليها بشكل “عقلاني”، واتضح لها أن كلفة الحل السياسي المطلوب كشرط لرفع العقوبات عنه أفدح من كلفة العقوبات في ميزان الربح والخسارة.

كما خلصت الدراسة إلى أن العقوبات تميل لاستهداف الجزء الظاهر من النظام السياسي الحالي في سوريا، تاركة بذلك الكتل الشبكية المترابطة محلياً ودولياً والتي برع النظام في نسجها لعقود بغرض تسيير أنشطته.

توصياتٌ جديدة

وقدّم الباحثان أربعة توصيات على أن تُطَبّق جماعة لا فرادى، أولها «إيقاف العمل بنوعين من أنواع العقوبات، وهي الحظر الاقتصادي الواسع على الدولة السورية، وثانيها العقوبات المستهدفة للقطاعات وخصوصا القطاع المالي والصرافة، لما لذلك من كلفة باهظة على المدنيين في الداخل والخارج».

وتشير التوصية الثانية إلى توسيع استهداف الأفراد والكيانات المرتبطة بالحكومة على مختلف المستويات التنفيذية، وليس فقط تلك الموجودة على قمة الهرم الإداري.

فيما تطالب التوصية الثالثة تطبيق “سياسة” متكاملة نحو سوريا، تهدف لتقويم سلوك الحكومة، وتتبنى الترغيب والعقاب معًا بشكل أكبر، لأن “أداة” العقوبات لا ترقى لأن تكون فاعلةً لوحدها في تغيير سلوك دمشق.

وأما التوصية الرابعة، فتدعو إلى زيادة فعالية العقوبات، عبر تبني منهج متعدد الأوجه من خلال استهداف الشبكات العميقة للنظام والمستترة.

ومؤخراً، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، عقوبات جديدة على العديد من الأفراد والكيانات المرتبطة بسوريا، بينهم ضباط كبار في مديرية الاستخبارات العسكرية، لقيامهم بـ انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك الإشراف على عمليات التعذيب وقتل معتقلين.

ووفق بيان للوزارة، صنفت ثمانية سجون على لائحة العقوبات، وهي سجن صيدنايا العسكري، الفرع 215 فرع الخطيب -المخابرات العامة، الفرع 216 التابع للمخابرات العسكرية- فرع الدوريات، الفرع 227 أو المنطقة التابع للمخابرات العسكرية، الفرع 235 – فرع فلسطين، الفرع 248 – فرع التحقيق، الفرع 251 الذي تشرف عليه مديرية المخابرات العامة، الفرع 290 للمخابرات العسكرية في حلب.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.