بعد أن شهدت الليرة التركية، أمس الاثنين، هبوطا مدويا لأول مرة في تاريخها، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه سيتم تقديم بديل مالي جديد للمواطنين الذين يريدون تخفيف مخاوفهم بشأن ارتفاع سعر الصرف.

بعد تصريحات أردوغان، وهنا لابد من تفسير النماذج الاقتصادية الجديدة على المدى القصير والطويل، وهل سينجح رئيس حزب العدالة والتنمية في تخطي الأزمة أم أنّه سيجر البلاد نحو اضطراب جديد يؤدي إلى كارثة حصلت قبل دخوله المجال السياسي قبل نحو 23 عام؟

هبوط وارتفاع مفاجئ غير مفسر

قفزت الليرة التركية، ليل الاثنين – الثلاثاء، أكثر من 33 بالمئة أمام الدولار إثر تصريحات الرئيس التركي، خلال ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة. كانت الليرة قد هبطت في اليوم ذاته إلى 18.3674 مقابل الدولار الواحد، ثم تراجعت إلى 12.2756 ليرة تركية.

وبصورة مبسطة، اعتمد أردوغان في سياسته الجديد، على أداة جديدة ستمكن من تحقيق عودة محتملة للعملة الأجنبية من خلال البقاء في أصول الليرة التركية.

إذ يريد الرئيس التركي، الاستفادة من أموال المواطنين التي بالدولار، عبر دفع الفرق مباشرة إلى المواطن، إذ إنه كان العائد على سعر الصرف أعلى من أرباح إيداع الليرة التركية.

ولكن السؤال الذي يطرحه الخبراء، هو إذا كان الفرق بين سعر الصرف والإيداع هو الذي ستدفعه الدولة، فهذا يعني أن عائد الفائدة سيزداد وفقًا لظروف السوق. فلماذا يخفض سعر الفائدة الخاص به؟

اقرأ أيضا: تدهور تاريخي لليرة التركية.. انتقادات حادة لسياسة أنقرة

أردوغان يجر البلاد نحو أزمة بعيدة المدى

قال الخبير الاقتصادي التركي، محمد أمين أوغلو، لـ”الحل نت”، إن احد أهم أسباب الأزمة المالية في تركيان هو فقدان الثقة بين المواطنين والتجار الأتراك، والحكومة التي تنتهج سياسة اقتصادية قائمة على خفض الفائدة. وهذا يناقض الواقع لأن القطاع العام يتمتع بالميزانية العمومية الأكثر دولرة في التاريخ الحديث للبلاد.

https://twitter.com/i_bloshi/status/1473262274349604875?s=20

ونتيجة ذلك، أسرع الشارع التركي، نحو شراء الدولار الأميركي لحماية أصولهم. وهذا برأي أوغلو، أدى إلى ارتفاعا مستمرا لليرة التركية مقابل الدولار.

وعليه، لعب الرئيس التركي، بخطاب شعبوي سياسي، نحو إعادة الثقة، من خلال ربط أي إيداعات من الليرة التركية بالدولار. وهدف بذلك لدفع المقيمين داخل البلاد لصرف مدخراتهم من الدولار إلى الليرة. وهي سياسة يطلع عليها الدولرة الكاملة أو الربط بسعر صرف الدولار.

وبالفعل استطاع أردوغان مبدأيا حصد نجاح تصريحاته، إذ أعلن رئيس اتحاد البنوك التركية، أنه تم تحويل حوالي مليار دولار إلى الليرة التركية بعد خطاب الرئيس التركي.

ويشرح أوغلو، أنّ الآلية الجديدة، تضمن للمودع بالليرة التركية الحصول على فائدة قدرها 14 بالمئة يضاف إليها فرق سعر صرف الدولار وقت الإيداع والسحب. ولكن هنا اشترط الرئيس التركي إبقاء المال بالبنك من 6 إلى 12 شهراً.

وبمثال بسيط، أوضح الخبير الاقتصادي، أنه في حال أودع المواطن أو المقيم في البنك التركي ألف دولار بسعر تصريف 12 ليرة تركية، بعد عام يستطيع الحصول على فوائد المبلغ والتي هي 14 بالمئة تضاف إليها فارق سعر صرف الدولار في يوم السحب، أي حتى وإن هبط سعر صرف الليرة مرة أخرى. وجميع هذه الفروقات، سيتم دفعها من أموال الدولة التركية التي تجنيها من الضرائب.

ولا يؤيد الخبير التركي، سياسة أردوغان، مشيراً إلى أن العملية ذاتها طبقت في البلاد عام 1994، حيث استقرت الأوضاع قليلا. لكنها تسببت بأزمة أكبر في عام 1997.

اقرأ المزيد: “تدهور مستمر”.. الليرات التركية والسورية واللبنانية تتراجع أمام الدولار خلال يوم واحد

أزمات الليرة التركية سببها المشهد السياسي غير المستقر

ما يحدث الآن في تركيا تعلله العديد من التقارير الدولية، بأنه مرتبط بعدم الاستقرار السياسي في البلاد. وهو الأمر ذاته الذي حدث سابقا في أزمة 1997.

العجز الذي مرت به البلاد عام 1996 وحذر منه صندوق النقد الدولي. أدى إلى فرار العديد من المستثمرين الأجانب والأتراك خارج البلاد ونقل أموالهم. بعد أن بدأت الحكومة آنذاك بسحب ما قيمته 70 مليار دولار من رأس المال من البلاد في غضون أشهر.

وحينها لم تتمكن البنوك التركية من ملء الفراغ في رأس المال. لأن الحكومة في ذلك الوقت لم تكن قادرة على سداد سنداتها. ونتيجة لذلك ركد الاقتصاد التركي بشكل كبير.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، أقرض صندوق النقد الدولي لتركيا 11.4 مليار دولار. مقابل بيع الحكومة العديد من الصناعات المملوكة للدولة في محاولة لتحقيق التوازن في الميزانية.

ويبدو أنّ السياسية الاقتصادية السابقة، هي ذاتها التي تنتهجها الحكومة التركية الحالية، وهذا يعني زيادة في المعروض النقدي بنفس المقدار وسيكون له تأثير تضخمي خطير للغاية.

قد يهمك: هل تتجه دمشق لتفعيل اتفاقية أضنة مع تركيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.