العراق: إنه زمن “المحكمة الاتحادية”؟

العراق: إنه زمن “المحكمة الاتحادية”؟

لا أحد كان يتصور أن تتخذ “المحكمة الاتحادية” في العراق كل هذه القرارات بغضون 4 أشهر بجرأة، وهي التي كانت تتهم بأنها تابعة دوما.

صورة ذهنية سلبية طبعت عند الشارع العراقي تجاه “الاتحادية” منذ 12 عاما عندما حكمت بقرار لم يكن بالصحيح، إرضاء لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

في 2010، حكمت “الاتحادية” بأن “الكتلة الأكبر” هي التي تتشكل من التحالفات بعد الانتخابات وليست الفائزة أولا في الانتخابات.

كان القرار حينها لنصرة المالكي بعد أن فاز خصمه إياد علاوي في انتخابات 2010، فاتخذت ذلك الحكم “المشؤوم” بحسب الكثير من المراقبين.

شكل المالكي حكومة 2010 بعد تحالفه مع البيت الشيعي حينها، وأقصي إياد علاوي من تشكيل الحكومة، رغم أنه هو الفائز، لكن “الاتحادية” كانت تابعة للمالكي.

للقراءة أو الاستماع: المحكمة الاتحادية تقضي بعدم دستورية “قانون النفط والغاز” بإقليم كردستان العراق

كان يسيطر المالكي على كل مفاصل الدولة، بما فيها القضاء، الذي يفترض به أن يكون السلطة الأعلى، ولا يخضع لأي جهة وطرف أبدا.

جردة بأهم القرارات التي اتخذتها “الاتحادية”

لكن ومنذ انتهاء “الانتخابات المبكرة” الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، و”المحكمة الاتحادية” اتخذت العديد من القرارات أثّرت على الساسة بدل أن تنفذ رغباتهم كما كانت مسبقا، فهل هو زمن “المحكمة الاتحادية” اليوم؟

رفضت المحكمة طعن قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران بنتائج الانتخابات وأقرت بنزاهتها ولم تُلغها، ثم أقرت بدستورية جلسة انتخاب هيئة لرئاسة البرلمان الجديد ورفضت الطعن المقدم بحق تلك الجلسة من قبل “الإطار” أيضا.

ثم جاءت قرارات المحكمة ضد التحالف الثلاثي الفائز في الانتخابات المبكرة، بإبعاد مرشح ااتحالف هوشيار زيباري من الترشيح لمنصب زئاسة ااجمهورية لعدم نزاهته، ثم بحكمها بعدم دستورية فتح باب الترشيح لمتصب الرئاسة مجددا.

ذلك ليس كل شيء، بل حكمت “الاتحادية” بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، وآخرها اليوم بإلغاء لجنة أحمد أبو رغيف التي شكلها رئيس الحكومة للتحقيق بالقضايا الكبرى والاستثنائية.

جذبت “الاتحادية” الأنظار نحوها بشكل لافت، وباتت حديث الشارع الذي أمسى طيف كبير منه يرحب بقراراتها الجريئة ويمحو الصورة النمطية التي رسمها عنها مسبقا، فكيف تجرأت “الاتحادية” واتخذت كل تلك القرارات.

بحسب الباحث السياسي غيث التميمي، فإن تلك الجرأة استمدتها المحكمة من خلال الحكومة الحالية التي يديرها مصطفى الكاظمي.

إرادة حكومية ونية سياسية

هذه الحكومة هي من منحت القوة لـ “المحكمة الاتحادية” وفتحت لها المجال باتخاذ قراراتها دون الخشية من الضغوط السياسية، يقول التميمي لـ “الحل نت”.

ويضيف بأن، حكومة الكاظمي تريد أن يكون العراق دولة قانون لا دولة اللا قانون؛ لإيمانها بأن بسط القانون سيعيد بناء البلاد بشكل تدريجي ويبعد ضعفها إزاء القوى الخارجة عن القانون.

يضاف إلى النية الحكومية لبسط قوة القانون، هو توافق قادة العملية السياسية على وجوب إبعاد القضاء عن صراعاتهم رغم اختلافاتهم، وتوفير الاستقلالية له، وفق التميمي.

للقراءة أو الاستماع: مقتدى الصدر يدعو لتشكيل حكومة “أغلبية” والأحزاب الولائية ترضخ لقرار المحكمة الاتحادية

ويردف، أن الإجماع السياسي لم ينبع من أجل مصلحة البلاد العامة، لكن قادة العملية السياسية أدركت أن القضاء هو أهم حلقة في الحفاظ على النطام السياسي القائم، وإن استمر تركيعه لهم، فذلك يعني نهاية المنظومة السياسية عاجلا أم آجلا.

بالتالي، اختار زعماء القوى السياسية الابتعاد عن القضاء ومنحه استقلاليته التامة، من أجل استمرار شرعية نظام الحكم القائم منذ 2003، وعدم انهياره، على حد قول التميمي.

بالمجمل، مهما كانت النية السياسية للقادة، لكنها إيجابية بنأي القضاء وعلى رأسه “المحكمة الاتحادية” عن صراعاتهم، وستضمن بالإضافة إلى الإرادة الحكومية، نزاهة القضاء وتعيد ثقة الشارع به، يوضح التميمي مختتما.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.