لايزال الطرفان، الروسي والأوكراني، يواصلان المفاوضات من أجل الوصول إلى تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حيث لم تؤدِ أي من جولات المفاوضات بين الجانبين إلى أي حل واضح ورسمي لإنهاء هذا الصراع الذي مضى عليه أكثر من شهر.

ويبدو أن مسار المفاوضات يتجه نحو “الإيجابية”، لكن هناك مخاوف غربية من عدم التزام موسكو ببنود المفاوضات إذا ما جرت بشكل نهائي.

كييف توافق على حيادها

تطورات مهمة حدثت في الساعات الأخيرة الفائتة في مسار الحرب الروسية في أوكرانيا، وسط مؤشرات سياسية واقتصادية وميدانية تشير إلى وجود ما وصفه مسؤول أمريكي بأنه “تحول استراتيجي” في خطة الحرب الروسية.

كما أدت الجولة الجديدة من المفاوضات الروسية-الأوكرانية التي جرت في اسطنبول يوم أمس، إلى حالة من “الإيجابية” بشأن قرب التوصل إلى “تسوية” تفضي بإنهاء الحرب في أوكرانيا، رغم أن هذا الحديث سابق لأوانه وغير متوقع بحسب بعض المراقبين السياسيين.

حيث صرح المفاوض الأوكراني ديفيد أراخميا الذي شارك في مفاوضات بلاده مع الروس يوم أمس. بأن بلاده ستوافق على حيادها بشرط التوصل إلى “اتفاق دولي” يضمن أمنها تقوم بموجبه دول أخرى بدور الضامن، من جانبها، وصفت روسيا المفاوضات التي جرت، بـ “المفيدة”.

ويرى أيمن سلامة، الأستاذ في القانون الدولي والمستشار القانوني السابق لحلف” الناتو”، أن موسكو تأمل حاليا في تصحيح الأخطاء في الميدان، بعد أن علقت نفسها بين مطرقة العقوبات و سندان الأمريكان.

وأردف المستشار القانوني السابق لحلف” الناتو”، خلال حديثه لـ “الحل نت”، “قد تكون الأيام المقبلة حاسمة على الأرض، وكذلك استعراض (كبرياء) روسيا، المترهل اقتصاديا، والمترنح سياسيا، والمتسرع عسكريا، قد يؤدي إلى تغيير في بعض الاستراتيجيات، تؤدي إلى تسوية ما مع جارتها الغربية أوكرانيا”.

“لذلك فإن المعارك القادمة ستحسم نتائج المفاوضات، وأعني هنا اتفاق رسمي بين روسيا وأوكرانيا وأفعال حقيقية على الأرض وليس مجرد أقوال، بالإضافة إلى توجهات السياسات الروسية، لذلك إذا لم يكن هناك اتفاق رسمي موقعة بين البلدين، وتنفيذ فعلي من الجانب الروسي، فهذا لن يؤدي إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا، وسيتضح هذا الأمر خلال هذه الأيام المقبلة”، وفق تعبيره.

من جانبه، قال رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي، عما يوصف بخريطة طريق للاتفاق المنتظر، قائلا إن الحديث يدور في البداية عن إعداد وثيقة الاتفاق، ثم التوافق عليها من قبل الوفدين، ثم يصدّق عليها وزيرا الخارجية بعد ذلك، ومن ثم يتم بحث لقاء الرئيسين للتصديق عليها، ولكنه أشار إلى أن عقد مثل هذا اللقاء ليس بالأمر السهل، خاصة أنه يمكن أن يكون متعدد الأطراف وبمشاركة الدول الضامنة للسلام والأمن في أوكرانيا، حسب قوله.

قد يهمك: تصعيد جديد بين الروس والأوروبيين بسبب الغاز وأوكرانيا

طرد “دبلوماسيين”

وقال سيرغي أندريف، سفير روسيا لدى بولندا، يوم الاثنين الفائت، إن 45 دبلوماسيا روسيا طردتهم بولندا غادروا البلاد بالفعل، بحسب وكالة “تاس” للأنباء.

وكانت بولندا قد طردت الدبلوماسيين الروس الأسبوع الماضي للاشتباه بأنهم يعملون لحساب الاستخبارات الروسية، وهي اتهامات نفتها موسكو من جانبها ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة.

كما أعلنت بلجيكا وهولندا وجمهورية التشيك وايرلندا يوم أمس، طرد عشرات الدبلوماسيين الروس يشتبه في تورطهم في عمليات تجسس.

وضمن هذا السياق، يرى المستشار القانوني السابق لحلف” الناتو”، أيمن سلامة، حول طرد الدبلوماسيين الروس وإعلانهم أشخاص غير مرغوب فيهم، “لا يجوز للدولة المرسلة قبول أو رفض طرد دبلوماسييها من الدولة المستقبلة، وفي الوقت نفسه، لا تنطوي المعاملة بالمثل في الطرد على أعداد متساوية” وفق تعبيره.

وأردف سلامة، خلال حديثه لـ “الحل نت”، إن الدولة المضيفة غير ملزمة بإبداء أسباب رفض قبول الشخص المُزمع اعتماده من قبل الدولة الموفدة غير أنه في بعض الحالات قد تتعسف الدولة المضيفة في استعمال حقها المنصوص عليه في نص المادة التاسعة من اتفاقيه فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961.

تخوف غربي من عدم التزام موسكو

وقال نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين، “نظرا إلى أن المحادثات التي جرت مع الجانب الأوكراني، عن إعداد اتفاق بشأن وضع أوكرانيا المحايد وخلوها من الأسلحة النووية انتقلت إلى مرحلة عملية.. اتّخذ قرار بتقليص النشاط العسكري في منطقتي كييف وتشيرنيهيف بشكل جذري”، وفقا لما نقلته وسائل إعلام.

بدورها، قالت موسكو أيضا عن مشروع، أو “اقتراح حل” بعد المفاوضات يوم أمس، وقال رئيس وفد التفاوض فلاديمير ميدينسكي إن هذا المقترح “المقدم من الجانب الأوكراني” سينقل إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأتابع: “بعد المحادثات المفيدة اتفقنا على اقتراح حل يتيح إمكانية عقد لقاء بين رئيسي الدولتين، روسيا وأوكرانيا”.

كما أعلن رئيس الوفد الأوكراني عن “تقدم كاف” في المفاوضات، التي أجريت مع الوفد الروسي في تركيا، إن “نتائج اجتماع اليوم كافية لعقد لقاء على مستوى القادة” وهو اللقاء الذي كانت روسيا قد استبعدته يوم الاثنين الفائت معتبرة أنه سيأتي “بنتائج عكسية”.

عقب المفاوضات، صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم أمس، للصحفيين بأن الغرب ينتظر أن تفي روسيا بوعودها بخفض التصعيد العسكري حول مدينتي كييف وتشيرنيهيف.

ويأتي تصريحات بايدن، بعد محادثة هاتفية مع زعماء بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ردا على إعلان موسكو أنها ستقلص عملياتها العسكرية في محيط المدينتين الأوكرانيتين إثر جولة من المحادثات وُصفت بأنها “مفيدة”.

من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ساعة متأخرة من الليل يوم أمس، إن المؤشرات الواردة من محادثات السلام مع روسيا يمكن وصفها بأنها إيجابية، ولكن إن كييف لم تر أي سبب يدعو إلى تصديق كلام بعض “الممثلين الروس”، وأضاف أن أوكرانيا لا يمكنها أن تثق إلا في “نتائج ملموسة على الأرض من المحادثات”.

في غضون ذلك، أعلن البنتاغون، أن روسيا “تعيد تموضع” قواتها بالقرب من كييف دون أن تنسحب، مشيرا الى أن العاصمة الأوكرانية لا تزال تحت التهديد.

قد يهمك: هل ينتهي الغزو الروسي لأوكرانيا بسبب السلاح النووي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة