يطرح أكاديميون وخبراء في مجال السياسة، المسارات والخيارات التي من شأنها إنهاء حالة الانسداد السياسي الحاصلة في العراق، نتيجة عدم التمكن من عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

مؤخرا، وفي شهر رمصان الحالي، باتت المراكز البحثية السياسية تعقد ندوات وجلسات لطرح أوراق بحثية ومناقشة مدى إمكانية حل أزمة الانسداد السياسي المستمرة منذ زهاء 4 أشهر تقريبا.

آخر الطروحات بشأن الخروج من حالة الانسداد السياسي، طرحها رئيس “مركز التفكير السياسي” إحسان الشمري، من خلال ورقة بحثية، قال إن الحل يتم بمَسارين اثنين، وجاءت بعنوان “الانسداد السياسي: صراع الإرادات التقليدية في العراق”.

وقال الشمري في ورقته البحثية، إن “فشل القوى السياسية العراقية بتمرير رئيس الجمهورية، أدخل العراق في فراغ دستوري وخرق للمدد التي حددتها النصوص الدستورية، ما ولّد تساؤلات عن مسارات الخروج من حالة الانسداد السياسي”.
 
وأوضح الشمري، أن الحلول نجدها تتحقق بمسارين. الأول مسار سياسي، والثاني مسار دستوري، وقام بشرح تفصيلي للمسارين السياسي والدستوري، فما هو المسار السياسي الذي طرحه الشمري؟

ما هو المسار السياسي؟

يتمثّل الحل عبر المسار السياسي، من خلال إعادة تشكيل التحالفات باختراق “الكتلة الصدرية” صفوف “الإطار التنسيقي”، وتقوم إما باستقطاب بعض القوى إلى طرفها، وإما بقيام “الإطار” بخطوة مماثلة، وهذا السيناريو من الصعب أن يتحقق.

للقراءة أو الاستماع: العراق.. رد حازم من “إنقاذ وطن” تجاه “الإطار التنسيقي”

كما أن العودة لتشكيل الحكومة وفق مبدأ التوافقية، يمكن أن يكون الحل المثالي لحالة الانسداد السياسي، ولكن مقتدى الصدر سيكون الخاسر الأكبر فيه، وفق الشمري.

وأردف: “قد تكون الـ 40 يوما، التي منحها مقتدى الصدر لقوى “الإطار” لتشكيل حكومة مع حلفائهم الفرصة الأخيرة، لكن “الإطاريين” يدركون أن هدف الصدر منها، أن الثلث المعطل أصبح مانعا أمام عملية تحقيق مشروع الأغلبية، وهو الأمر الذي دفعه إلى النأي بنفسه عن موضوع التعطيل ورمي الكرة في ملعب الإطار التنسيقي، خصوصاً في ظل الاستياء الشعبي من تأخر تشكيل الحكومة”.

وأضاف: “من ثم فإن “الإطاريين”، يدركون أن مهلة الصدر محاولة لإحراجهم أمام الرأي العام العراقي أيضا، مع صعوبة إمكانية حصوله على أغلبية برلمانية، لذلك هم لا يمتلكون القدرة والأدوات لتشكيل الأغلبية، مع إدراكهم بأن ذهاب مقتدى الصدر للمعارضة، سيكون ثمنه حل البرلمان وسقوط حكومتهم خلال أشهر”.

فيما يخص المسار الثاني، وهو الدستوري، بيّن إحسان الشمري، أنه في حال تواصل الانسداد السياسي، قد يتم اللجوء إلى حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة جديدة.

تفاصيل المسار الدستوري

الشمري تابع، أن ذلك قد يكون من خلال تقديم إحدى الكتل البرلمانية طلبا وفق المادة (64 أولا) من الدستور، التي تنص على “يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناء على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.

وتوقع الشمري، أن “تقوم بهذا الخيار “الكتلة الصدرية” كرد فعل سياسي لعدم قدرتها على تشكيل حكومة الأغلبية التي تتبناها، أو تقوم به كتلة برلمانية جديدة كـ “حركة امتداد” القريبة من “تشرين”، ولكن لن تحصل على العدد المطلوب من الأصوات، لعدم قناعة أغلب القوى بهذا الخيار”.

وأوضح الشمري، أن “المسار الدستوري الآخر لحل البرلمان، يكمن بأن تصدر “المحكمة الاتحادية” قرارا يوضح إمكانية إيجاد مخرج للفراغ الدستوري الحالي، أو أن تصدر قرارا بناء على طلب مقدم لها قد يحدث نتيجة تقارب بين الأطراف المؤيدة لخيار حل البرلمان، مع وجود أو ممارسة ضغوط من قوى سياسية خارج البرلمان ومنظمات مجتمع مدني، عبر اللجوء إلى المحكمة الاتحادية من أجل المطالبة بإلغاء الانتخابات وتنظيم انتخابات جديدة”.

وأكمل، بأن “الأطراف السياسية ستجد نفسها مجبرة على طلب رأي المحكمة الاتحادية بشأن إمكانية إعادة الانتخابات أو الإقرار بفشل البرلمان في انتخاب الرئيس، إذ إن إعلان حالة الطوارئ أمر مستبعد، وهو جزء من عملية الضغط الذي تمارسه القوى السياسية على المقاطعين لجلسات البرلمان”.

وختم رئيس “مركز التفكير السياسي”، إحسان الشمري، ورقته البحثية بالقول، إن “كل الخيارات السياسية باتت مفتوحة في العراق أمام حالة الانسداد المتكررة منذ عام 2010 وحتى الآن”.

المشهد السياسي الحالي

ينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

بينما يضم “الإطار التنسيقي” جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

للقراءة أو الاستماع: المالكي: مشروع الصدر مدعوم من الخارج

ويسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

يعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

“لا تحالف مع التبعية”

كان مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لن أتحالف معكم (…) وأن الانسداد السياسي أهون من التوافق مع التبعية”، في إشارة منه إلى تبعية “الإطار” لإيران.

وغيّر الصدر من رأيه مؤخرا، وأعطى مهلة لقوى “الإطار” تستمر إلى نهاية عيد الفطر المقبل، للذهاب بالتحالف مع بقية القوى السياسية لتشكيل حكومة أغلبية باستثناء “التيار الصدري”، لكن ذلك من الإعجاز تحقيقه؛ لأن “الإطار” لا يمتلك الأغلبية البسيطة ولا المطلقة.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 175 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا؛ بسبب سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار التنسيقي” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع عدد من النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول نحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

للقراءة أو الاستماع: مقتدى الصدر مهدّد بالتصفية.. من خلف التهديد؟

ولم تحدّد رئاسة البرلمان العراقي بعد، موعد الجلسة المقبلة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، لكن تحالف “من أجل الشعب”، قال إنه قدّم طلبا لهيئة رئاسة البرلمان لعقد الجلسة في تاريخ 7 آيار/ مايو المقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.