قرابة 20 عاما، ولم تنجح القوى السياسية التي أفرزها غزو أميركا للعراق ببناء نظام سياسي متماسك ينتشل البلاد من مخلفات نظام صدام حسين الذي كان يقوده حزب “البعث العربي الاشتراكي”، وما بعده من فوضى الحرب.

بل تحول النظام السياسي ما بعد 2003 الذي اعتمد في بنائه على المحاصصة الطائفية والعرقية، إلى داء ينخر في جسد بلاد الرافدين، وبالرغم من أن الوضع في سابقه إبان تفرد “البعث” بالسلطة لم يكن على ما يرام، إلا أنه وفيما بعد تراجع إلى أدنى المستويات، ليتحول إلى بؤرة للفساد والإرهاب.

اقرأ/ي أيضا: النواب المستقلون وتشكيل الحكومة العراقية.. فرصة تاريخية أم “مصيدة” تقليدية؟

فرصة

لم يقتصر ضرر نظام العراق الجديد، على البلاد ذاتها فحسب، بل أمتد أثره إلى المعادلة الدولية والإقليمية، ليصبح العراق محورا أساسيا في حسابات الدول العظمى المتصارعة، وأتباعها من الدول الإقليمية، لتصفية الحسابات ودفع صراعاتها إلى ساحة بعيدة عن بلدانها، ولم يكن غير العراق هناك أفضل منه.

وبالرغم من محاولات الأطراف المتنازعة إلى فرض نفوذها على العراق طيلة الـ19 عاما الماضية، إلا أنه وبعد غزو روسيا لأوكرانيا وتكشف أوجه الصراع الدولي بشكل أوضح، لربما بات هناك فسحة جديدة لبقايا “البعث” في إعادة طرح أنفسهم بديلا ناجحا عن القوى السياسية الحالية التي فشلت في إدارة البلاد وعلاقاته الخارجية، وموازنة ولاءاتها وضمان مصالحها وبلادها، بحسب مراقبين.

وفي هذا الشأن قال سالم الجميلي، مسؤول شعبة أميركا في المخابرات العراقية في عهد صدام حسين، في مقال نشره على جداريته الخاصة في موقع “فيسبوك”، إن “منذ فترة تصدر تصريحات من السيد عضو مجلس النواب محمود المشهداني يشير فيها إلى إمكانية تأهيل حزب البعث ومشاركتة في الحياة السياسية ويطرح القضية بطريقة منطقية”.

وأشار إلى أن المشهداني الفائز بعضوية مجلس النواب العراقي خلال الانتخابات الأخيرة، ورئيس مجلس النواب الأسبق، أنه “قد عاد إلى مجلس النواب بدعم بعثي وهو معروف بجرأته وصراحته”.

وتحدث الجميلي في سرديته المطولة، عن أن المشهداني الذي ينخرط في تحالف “الإطار التنسيقي”، المقرب من إيران، يسعى مؤخرا إلى محاولة تسويق البعث مجددا، وذلك من خلال دعم سوري وروسي”، مؤكدا أنه “لا شك ما يحاول طرحه المشهداني قد طرح على الإيرانيين أيضا من قبل حلفائهم الروسي وقيادة البعث السوري”.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يمنح فرصة تشكيل الحكومة العراقية للنواب المستقلين

استنجاد

واستطرد إلى أن “تلك المحاولة تأتي في خانة أن هذا المحور قد يأس من تثبيت نظام سياسي ناجح في بغداد خارج عن الهيمنة الأميركية والتأثير الإسرائيلي”، لافتا إلى أن “إيران بحاحة إلى وجود نظام بديل قادر على حماية مصالحها بحدودها المشروعة في إطار دولة تعرف ما تريد”.

كما أنه في الوقت الحالي “لا يوجد في المشهد السياسي من له القدرة على إنتاج نظاما سياسيا متوازنا من دون مشاركة فاعلة لحزب “البعث” في الحياة السياسية”، كما يرى الجميلي في مقاله، ويعتقد أن “إيران يمكن لها أن تتفاهم مع البعثيين ضمن كيان دولة يحفظ مصالحها لكنها لم تعد قادرة على التفاهم مع حلفائها الفاسدين الذين فشلوا في بناء دولة قادرة على ضمان مصالح طهران المشروعة على المستوى الاستراتيحي”.

ويوضح رجل المحابرات السابق، أن وجود حزب البعث يمكن أن يعيد التوازن للبلاد، ويحفظ للأطراف المتصارعة مصالحها، لا سيما وأنه بحسب الجميلي، فإن الرؤية الأميركية تتطلب مع ما تفكر به طهران حاليا تجاه البعثيين الذين يمكن أن يلعبوا دور المنقذ.

بالمقابل، يرى المهتم في الشأن السياسي عوف الرزاق، في حديث لموقع “الحل نت”، أن “في الوقت الحالي الحديث عن عودة البعث مستبعد جدا، ليس لأنه فقط يحتاج إلى مشوار طويل لرفع قانون اجتثاث البعث وهذا أمر في غاية الصعوبة، بل لوجود رفض شعبي لا يمكن تجاوزه”.

ويعتقد، أن “البعث بات من الماضي، وأن تجربتهم لا يمكن قياسها على الوضع العراقي الحالي الذي يشهد تحديات كبير ومعقدة، وتداخلات واسعة، بالتالي أنه أمر مستبعد”.

اقرأ/ي أيضا: ماذا يعني حكومة توافقية في العراق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة