بعد أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال الأسبوع الفائت، عزمه على بدء عملية عسكرية في سوريا، ورصد “الحل نت” بعض المؤشرات التي تفيد بقربها، تتطلع الأنظار إلى اللقاء الروسي – التركي المزمع عقده يوم غدا الأربعاء، في أنقرة، إذ من المتوقع أن يبحث الاجتماع العديد من الملفات من بينها الملف السوري، وما يتعلق بالمصالح المشتركة بين الطرفين.

اللقاء الروسي – التركي، الذي يشوبه العديد من التكهنات، ربما يحسم إمكانية حدوث العملية العسكرية التركية المحتملة في الشمال السوري، إذا ما عملت أنقرة على فرض قبول “المنطقة الآمنة” التركية على روسيا، والتي بدورها ربما توافق ولو ضمنيا على المشروع التركي مقابل مصالحها المتعلقة بحرية حركة الطيران الروسي من وإلى سوريا عبر الأجواء التركية، وكذلك دفع أنقرة لمنحها حرية التحرك في المضائق التركية، بعد أن فعّلت تركيا مؤخرا اتفاقية “مونترو” ومنعت أي نشاط للسفن الروسية المستخدمة في غزو أوكرانيا، وعليه يبقى السؤال المتداول في الشارع السوري، فما الذي ستكشفه الساعات المقبلة؟

دستور “الناتو” خط أحمر؟

وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وعدد من قادة الجيش الروسي، سيزورون غدا العاصمة التركية أنقرة، من أجل إجراء مناقشات تشمل عددا من الملفات، بينها سوريا، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين”، ديمتري بيسكوف، الاثنين الفائت، إنه لا يستبعد أن يناقش لافروف العملية العسكرية التركية المحتملة في سوريا، فيما أشار نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إلى أن “اللقاء سيتناول مواضيع عسكرية”.

المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، استبعد أن تمنح تركيا الحرية المطلقة للسفن الحربية الروسية، لاستخدامها في الغزو الروسي على أوكرانيا، بسبب التفاهمات بين الدول الأوروبية وأنقرة، في حين أن روسيا برأي بريجع لن تضغط على تركيا بهذا الخصوص، “لأنها لا تريد خسارتها”.

وأوضح بريجع، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن التفاهمات بين الرئيس التركي أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، مختلفة سواء في أوكرانيا أو بما يخص سوريا، حيث لا تؤيد تركيا الغزو الروسي على أوكرانيا، في حين أنها تدعم كييف بالسلاح، وفي سوريا ترى موسكو أن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لا تمثل خطرا على المصالح الروسية أو على مصالح دمشق، كما تتحدث تركيا.

وعلى العكس، ترى موسكو أن وجود المجموعات العسكرية التابعة للمعارضة السورية التي تدعمها أنقرة في “المنطقة الآمنة” التي تروج لها تركيا، خطرا على المصالح الروسية وقواعدها في سوريا، لذلك وبحسب بريجع، ربما يخلص الاجتماع إلى تفاهم بتعهد أنقرة إيقاف أي هجوم من قبل هذه المجموعات – الجيش الوطني المعارض- على المصالح الروسية والسورية.

مساومة تركية – روسية

قد يكون للفشل العسكري الروسي الحالي في أوكرانيا تأثيرا خطيرا على موقف موسكو في سوريا، وبحسب المحلل العسكري، وضابط الارتباط السابق مع القوات الروسية في جنوب سوريا، العقيد عبد الله حلاوة، فإنه من المتوقع أن يؤثر قرار تركيا بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية على قدرة موسكو في وقف العملية التركية، ولكن من غير المرجح أن تعرض هذه الخطوة العلاقات بين موسكو وأنقرة للخطر.

وأوضح حلاوة، أنه بعد أن منعت تركيا ممر البحر الأسود للسفن البحرية الروسية في 28 شباط/فبراير الفائت، لم تتخذ روسيا أي إجراء انتقامي، لذلك ليس من المستغرب أن يكون “الكرملين” وضع حدود العملية العسكرية التركية لأنقرة كرد إذا ما حدثت تفاهمات جوهرية في اللقاء القادم.

واستنتاج حلاوة، نابع مما قالته ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، سابقا إن “موسكو تتفهم قرار أنقرة إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا”.

وأكد حلاوة، أنه من المفترض أن تسعى تركيا للاستفادة من الموقف الجيوسياسي غير المواتي لموسكو وتأمين بعض مصالحها في سوريا، مبينا أن أنقرة ستناقش في الاجتماع تمديد حدود عملياتها العسكرية لتصل إلى منبج وعين عيسى، وبالأخص إلى حدود القواعد الروسية هناك، بالإضافة إلى أنها ستمنع أي تحرك روسي – سوري نحو جبل الزاوية في إدلب.

رفض روسي للعملية التركية

لم يتعد رفض موسكو للعملية العسكرية التركية على شمال سوريا، سوى على المستوى الإعلامي، فحسب ما رصده “الحل نت” لم تتخذ القوات الروسية أي إجراءات عسكرية حول المناطق التي ستشن أنقرة عمليتها العسكرية عليها.

سابقا، حثت روسيا تركيا على عدم شن هجوم في شمال سوريا، بعد أن جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التهديدات بشن حملة عسكرية، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان الخميس الفائت، “نأمل أن تمتنع أنقرة عن الأعمال التي قد تؤدي إلى تدهور خطير في الوضع الصعب بالفعل في سوريا”.

وأضافت، أن “مثل هذه الخطوة، في غياب اتفاق الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية، ستكون انتهاكا مباشرا لسيادة سوريا وسلامتها الإقليمية”، وستؤدي إلى “تصعيد إضافي للتوترات في سوريا”.

وقالت زاخاروفا، “نحن نتفهم مخاوف تركيا بشأن التهديدات للأمن القومي المنبثقة من المناطق الحدودية” مع سوريا، لكنها أشارت إلى أن المشكلة لا يمكن حلها إلا إذا تم نشر القوات السورية في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة