يبدو أن “هيئة تحرير الشام” ومن ورائها زعيمها أبو محمد الجولاني، ستستمر في الدوران داخل حلقة مفرغة، في ظل استمرار مساعيها وادعاءاتها بتغيير سلوكها من أجل إيهام المجتمع الدولي بأنها باتت معتدلة وخارج أطر التنظيمات الإرهابية المتطرفة المتواجدة في سوريا. إلا أن أفعالها على الأرض كانت دائما ما تثبت عكس ذلك، ما يعني استمرار تصنيفها على لوائح الإرهاب الدولي، إلى أجل غير مسمى.

الهيئة متمسكة بالإرهاب

معهد “واشنطن لسياسات الشرق الأدنى“، ذكر في تقرير مفصل، أسباب وصعوبات عدم إمكانية شطب وإزالة “هيئة تحرير الشام“، التي تسيطر على مناطق شمال غربي سوريا من لوائح الإرهاب.

وأوضح التقرير الذي نشره المعهد مؤخرا، أن “هناك ثلاثة أسباب لعدم احتمال إلغاء الهيئة من قائمة الإرهاب في أي وقت قريب، رغم تغيير سياساتها“.

ويذهب كاتب التقرير إلى الاعتقاد بأن الانقسامات الاستراتيجية والأيديولوجية بين القائد العام لـ“تحرير الشام“، “أبو محمد الجولاني“، وقيادة حلفائها، أولا مع تنظيم “داعش“، ثم تنظيم “القاعدة” الإرهابي لاحقا، جعل وضع “تحرير الشام” معقدا من منظور السياسة الأميركية، واحتفاظها بآراء متطرفة وعملها كنظام استبدادي في المناطق التي تسيطر عليها، رغم تنصلها من “الجهاد العالمي“.

ورغم تغيير العديد من سياسات الهيئة مؤخرا، وفك ارتباطها بالجماعات الإرهابية الدولية، إلا أن ارتباطاتها السابقة تركت آثارا واضحة، في طريقة إدارة الهيئة لمحافظة إدلب، لا سيما وأننا لم نشهد أي تغييرات جذرية في قيادات الهيئة في نفس الفترة.

قد يهمك: دمشق تذهب إلى أحضان تونس والجزائر.. ما الذي تريده وماذا ستحقق؟

وبحسب تقرير المعهد فإن “إعادة النظر في مكانة هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية لا تشكل أولوية، من وجهة نظر الحكومة الأميركية، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، حدث تحول في تركيز واشنطن ومواردها تجاه القضايا المتعلقة بالحركة الجهادية“.

وتعتبر “تحرير الشام“، بحسب كاتب التقرير، أنها ذات أولوية منخفضة بشكل خاص في مجال مكافحة “الإرهاب” نفسه، مقارنة بتنظيمي داعش والقاعدة، اللذين لهما الأسبقية، لأنه يُنظر إليهما على أنهما جهتا تهديد فعليتان يمكنهما الضرر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها وأمنها بشكل مباشر.

اعتبارات سياسية

وفيما يتعلق بالسبب الثاني، يعتقد الكاتب أن شطب أي جهة من لوائح الإرهاب، يمكن أن يكون مثيرا للجدل ويُنظر إليه على أنه قرار سياسي، خاصة إذا ظلت الجماعة نشطة، وذلك في ظل أن قرار التصنيف يستند إلى حقائق ما تزال مثبتة حتى الآن.

واستغلت هيئة تحرير الشام مؤخرا، تصاعد العمليات العسكرية للتحالف الدولي ضد قيادات تنظيم القاعدة والتنظيمات المتشددة الأخرى في إدلب، لتصبح الساحة فارغة أمام الجولاني لبسط سيطرته على مناطق شمال غربي سوريا.

ويؤكد محللون، أن “هيئة تحرير الشام” سيطرت فعليا على الساحة الجهادية في إدلب بعد العمليات الأخيرة، لا سيما بعد انخفاض فاعلية الجماعات الأخرى بفعل عمليات التحالف والعمليات الأمنية التي تجري بتخطيط من الهيئة.

ويقول مختصون في شؤون الجماعات الإسلامية التقاهم “الحل نت” في وقت سابق، بأن “هيئة تحرير الشام قامت بتفكيك كل الجماعات الجهادية في إدلب تقريبا، ان كان حراس الدين أو التنظيمات الاخرى وخصوصا خلايا داعش، تشن عليها جبهة النصرة حملات أمنية باستمرار، إضافة إلى إزاحة الجناح المتشدد في هيئة تحرير الشام، سابقا كان له سيطرة كبيرة في الهيئة، حاليا انتهى الأمر“.

لم تدخر “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، أية محاولة من أجل إعادة إنتاج صورتها ورفع اسمها عن قائمة المنظمات الإرهابية، حتى لو كان ذلك على حساب ايديولوجيتها التي اتبعتها منذ سنوات.

تطور براغماتي لعلاقات تحرير الشام؟

تسعى الهيئة لفرض السيطرة العظمى على المناطق التي ضمن نفوذها، دون وجود أي معوقات ولو جدلية، يساعدها في ذلك سيطرتها الكاملة على الموارد الاقتصادية شمال غربي سوريا، فضلا عن أنها القوة العسكرية الأبرز في تلك المنطقة، كما أنها تملك ذراع سياسي ومدني للتحكم في المنطقة وهو ما تسمى بـ“حكومة الإنقاذ“.

وخلال السنوات الأخيرة، تغيرت سياسة “هيئة تحرير الشام” ضمن حملات إعلامية مكثفة، ادعت انتقال الهيئة من التطرف إلى إعلان في مناسبات عديدة، عن رغبة في الانفتاح التام على العالم الخارجي، والتواصل مع الدول الغربية.

غيّر الجولاني من لباسه وارتدى بدلة رسمية والتقى بالصحفيين الأجانب، ومهد للمنظمات والمؤسسات الإعلامية للدخول إلى معقله في إدلب وإجراء المقابلات معه ومع المواطنين في مناطق سيطرته، في خطوة رآها متابعون أنها تأتي ضمن مسعى “الجولاني” للحصول على تأهيل سياسي من الغرب، وإزالة اسم تنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي.

وتسيطر الهيئة على محافظة إدلب، وجزء من أرياف حلب الغربية واللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة، ولا تزال مصنّفة على لوائح “الإرهاب” في مجلس الأمن.

قد يهمك: “قمة العشرين” والغزو الروسي لأوكرانيا أهم الملفات المبحوثة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة