في ظل الجمود الذي يحيط بمفاوضات الملف النووي الإيراني، والتجاذبات الأخيرة بين إيران والدول الغربية حول الملف، الذي حمل الكثير من الخلافات، تعمل إيران على تخصيب اليورانيوم بشكل مخالف في أحد محطاتها النووية، بشكل يُقرب من إعلان وفاة هذا الملف.

تخصيب تحت الأرض

الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قالت في تقرير يوم أمس السبت، أن إيران زادت من مستوى تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة متطورة في منشأة فوردو الموجودة تحت الأرض، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء.

وأضاف التقرير السري الموجه للدول الأعضاء أن الوكالة تحققت من أن إيران بدأت في تغذية مجموعة تتألف من 166 من أجهزة الطرد المركزي من طراز “آي آر 6″، بغاز سداسي فلوريد اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5بالمئة.

وكانت وكالة رويترز قد نقلت قبل أسابيع عن تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ستعزز وتيرة تخصيب اليورانيوم، إذ تستعد لتشغيل مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة “آي آر 6″، في موقع فوردو تحت الأرض، والتي يمكنها التبديل بسهولة بين مستويات التخصيب.

وأوضح التقرير، أن مفتشي الوكالة تحققوا يوم السبت الثاني من الشهر الجاري، من أن إيران استعدت لضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم، وهو المادة التي تخصبها أجهزة الطرد المركزي، في المجموعة الثانية من اثنتين من مجموعات “آي آر 6” في منشأة فوردو، التي تقع في بطن جبل.

وبحسب “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، تعتبرالسلسلة المؤلفة من 166 جهازا هي الوحيدة التي تحتوي على ما يسمى “الرؤوس الفرعية المعدلة” التي تسهل عملية التحول إلى التخصيب بدرجات نقاء أخرى.

ويعد تعزيز تخصيب اليورانيوم في فوردو أحدث خطوة ضمن خطوات عديدة كانت إيران هددت باتخاذها منذ فترة طويلة، لكنها أحجمت عن تنفيذها إلى أن تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي قرارا ينتقد طهران بدعوى تقاعسها عن تفسير وجود آثار يورانيوم في مواقع لم تعلن عنها.

وردا على هذا القرار، أمرت إيران بإزالة كاميرات الوكالة المثبتة بموجب اتفاق 2015 ومضت قدما في تركيب أجهزة الطرد المركزي “آي آر 6” في محطة تحت الأرض في نطنز، حيث يسمح لها الاتفاق بالتخصيب ولكن فقط باستخدام أجهزة “آي آر 1″، الأقل كفاءة. ولا يسمح الاتفاق بتخصيب اليورانيوم في فوردو.

إقرأ:خطة فرنسية للإتفاق النووي الإيراني.. “إسرائيل” توافق وواشنطن تُعلق

هل ينتهي الاتفاق النووي؟

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء الماضي، بإعادة النظر في اقتراح عام 2018،بشأن صفقة إيرانية جديدة، لتقييد مشاريع طهران النووية، قائلا “إن الجمود الدبلوماسي الحالي يهدد بسباق تسلح في الشرق الأوسط”، وذلك خلال لقاء جمع لابيد بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس.

من جهته، ذكر ماكرون برغبته، في إنهاء المفاوضات بشأن العودة إلى احترام خطة العمل المشتركة الشاملة في أقربوقت ممكن، موضحا أنه يتفق مع إسرائيل على أن هذه الاتفاقية لن تكون كافية لاحتواء أنشطة إيران “المزعزعة للاستقرار”، ومؤكدا أنه ما زال مقتنعا أكثر من أي وقت مضى، بأن إيران التي ستكون على أعتاب “الطاقة النووية”، ويمكنها أن تنفذ أنشطتها بطريقة أكثر خطورة.

وأوضح ماكرون، أن النظام الإيراني ما زال يرفض التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجه النووي، ووعد بأن تواصل حكومته وشركاؤها جهودهم لإعادة النظام الإيراني “إلى رشده”،مشيرا إلى ، أن إيران ما زالت لا تقدر الفرصة التي أتيحت لها للتوصل إلى اتفاق ولا تستغلها.

من جهتها، الخارجية الأميركية، وعلى لسان الناطق باسمها نيد برايس، قالت، أنه في الأسابيع والأشهر الأخيرة، قدمت إيران مرارا “مطالب غير ذات صلة” تجاوزت القيود المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، مضيفا أن هذه المطالب الجديدة تظهر عدم جدية طهران.

قبل أيام انتهت في العاصمة القطرية “الدوحة”، مباحثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران، حول الملف النووي، حيث أكدت واشنطن والاتحاد الأوروبي انتهاء جولة المفاوضات دون إحراز أي تقدم، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

وعقب انتهاء المفاوضات، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، إن المحادثات فشلت لأن “إيران أثارت نقاطا لا علاقة لها بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وهي لا تبدو مستعدة لاتخاذ القرار الجوهري بشأن ما إذا كانت تريد إحياء الاتفاق أم دفنه”.

من جهته، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد زعم جدية طهران في التوصل إلى اتفاق جيد ودائم خلال محادثات الدوحة؛ لكنه شدد على أن إيران لن تتراجع عما تعتبره “خطوطا حمراء”.

وتخصب إيران اليورانيوم بمستوى يصل إلى 60 بالمئة في مرافق أخرى، أي أعلى كثيرا من مستوى 20 بالمئة الذي كانت تنتجه بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية عام 2015، والذي كان أعلى مستوى تخصيب بموجبه يصل إلى 3.67 بالمئة، لكن حتى الآن لم تصل إلى مستوى نحو 90 بالمئة اللازم لإنتاج أسلحة.

قد يهمك:تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني

ومن الجدير بالذكر، أن استمرار إيران بعمليات التخصيب وفق النهج الحالي، قد تؤدي لاقتراب المستوى من نسبة الـ90 بالمئة، وهو الخط الأحمر للمجتمع الدولي، ما يؤدي إلى انهيار الاتفاق حول الملف النووي بالكامل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة