تعاني الكثير من بلدان العالم أزمة حبوب نتيجة عدم تمكن سفن الشحن من مغادرة الموانئ الأوكرانية، بسبب غزو روسيا لأوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير الماضي، إلا أن وصول القمح الأوكراني إلى الشرق الأوسط عبر السفن السورية والروسية يثير الكثير من التساؤلات.

أمر قضائي

بعد أن تلقت الخارجية اللبنانية، عددا من “الاحتجاجات والإنذارات من عدد من الدول الغربية”، احتجز مسؤولون لبنانيون أمس السبت، سفينة بالقرب من طرابلس لتفتيش حمولتها، التي تعتقد أوكرانيا أنها حبوب مسروقة.

وكلّف النائب العام التمييزي في لبنان، غسان عويدات، المديرية العامة للجمارك وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ضبط سفينة تحمل قمحا وشعيرا من أوكرانيا، بعد أن تقدمت السفارة الأوكرانية في بيروت، ببلاغ تدّعي أن السفينة “لوديسيا” التي ترفع العلم السوري، حملت بشكل غير قانوني القمح من مناطق في أوكرانيا باتت خاضعة للسيطرة الروسية.

التحركات اللبنانية، جاءت بعد إصدار السفير الأوكراني في بيروت، ايهور اوستاش، بيانا الخميس الفائت، اتهم فيه “روسيا بالاستيلاء على أكثر من 500 ألف طن من الحبوب من مناطق خيرسون وزابورجيا وميكولايف، التي سيطرت عليها مؤخرا، ومحاولتها لنقل معظم هذه الحبوب إلى دول الشرق الأوسط، ومنها مصر وتركيا وسوريا”.

سفينة مشبوهة؟

بعد الإعلان عن احتجاز السفينة السورية في مرفأ طرابلس اللبناني، ادعى عدد من الصحفيين أن السفينة المحتجزة في لبنان تخضع لعقوبات الولايات المتحدة الأميركية ولقانون “قيصر”، بعد تتبع مسارها من فيودوسيا إلى طرابلس في لبنان.

إلا أن المعلومات الأولية تشير إلى أن، مالك شركة الشحن التي نقلت القمح الأوكراني يحمل الجنسية التركية، في حين أن المواد المنقولة تعود ملكيتها إلى تاجر سوري ومن المقرر تفريغها في لبنان وسوريا.

وقال مسؤول جمركي لوكالة “فرانس برس”، الجمعة الفائت، أن أوراق البضاعة نظامية ولا يوجد دليل على أنها وصلت إلى لبنان مسروقة، مضيفا أن “السفينة لا عقوبات عليها، خصوصا وأنها عبرت تركيا، وإن كانت تشملها عقوبات لتم توقيفها هناك”.

وفي السياق، نفى مسؤول في شركة “لويال أجرو” لتجارة الحبوب ومقرها تركيا، أن تكون شحنات الشعير والطحين على متن سفينة ترسو في ميناء لبناني قد سرقت من أوكرانيا، مبينا أن مصدر الطحين هو روسيا، وأن الشركة استوردت 5000 طن من الطحين إلى لبنان، لبيعها لمشترين من القطاع الخاص وليس للحكومة اللبنانية.

سرقات سابقة

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن السفارة الأوكرانية في بيروت، قالت في مطلع شهر حزيران/يونيو الماضي، أن روسيا أرسلت لحليفتها سوريا، ما يقدر بنحو 100 ألف طن من القمح، سُرقت من أوكرانيا منذ غزوها البلاد، واصفة الشحنات بأنها “نشاط إجرامي”، وأفادت السفارة في بيان لها في حينه، أن الشحنات تمت بواسطة السفينة “ماتروس بوزينيتش” التي ترفع العلم الروسي، والتي رست في ميناء اللاذقية البحري الرئيسي في سوريا، أواخر شهر أيار/مايو الماضي.

بيانات من شركة “ريفنتيف”، وهي واحدة من أكبر مزودي بيانات الأسواق المالية والبنية التحتية في العالم، تحميل القمح في السفينة في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، إذ غادرت السفينة بتاريخ 19 من أيار الماضي، وموقع تفريغ الشحنة كان في سوريا.

السفارة الأوكرانية، قالت في بيانها، أن الحبوب الموجودة على متن السفينة “ماتروس بوزينيتش”، تمت سرقتها من منشآت التخزين الأوكرانية في المناطق التي احتلتها القوات الروسية حديثا، مشيرة إلى أن القمح سرق من منشأة تجمع القمح من ثلاث مناطق أوكرانية في دفعة واحدة.

وأوضحت السفارة، نقلا عن السلطات الأوكرانية، أن أكثر من 100 ألف طن من القمح الأوكراني “المنهوب” وصل إلى سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومع ارتفاع أسعار القمح عالميا عن 400 دولار للطن، فإن هذا الحجم سيكون أكثر من 40 مليون دولار.

وفي مطلع شهر أيار/مايو الماضي، اتهمت مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية، روسيا بسرقة آلاف الأطنان من الحبوب المخزنة في المخازن ونقلها إلى سوريا، مضيفة أن سفن ترفع العلم الروسي مليئة بالحبوب الأوكرانية المسروقة تتجه إلى سوريا، وإن السفن الروسية وصلت بالفعل إلى البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى احتمالية تهريب الحبوب من سوريا إلى دول أخرى في الشرق الأوسط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.