بعد تدهور مساحات زراعية شاسعة في العراق جراء الحرب المائية التي تمارسها تركيا وإيران ضده، امتدت أثار التداعيات لتشمل ظهور الحشرات، والحيوانات الزاحفة الضارة لتشكل تهديدا على سكان المناطق المتضررة من قلة المياه، لاسيما محافظة ديالى المحاذية لإيران.

حيث أفادت مديرية صحة محافظة ديالى، اليوم الأحد بارتفاع حالات الإصابة بلدغات الأفاعي، والعقارب جراء الحر الشديد والجفاف لتصل إلى معدل 60 بالمئة، مشيرة إلى أن العلاجات تم توزيعها على 3 مستشفيات في المحافظة.

وجراء تزايد معدلات الإصابات بلدغات الأفاعي، والعقارب تعمل صحة ديالى على توزيع العلاجات في ثلاث مراكز صحية منتشرة في وسط، وشمال، وجنوب المحافظة بهدف تقليل المسافات على المصابين، بحسب مسؤول إعلام الصحة، فارس العزاوي، مؤكدا امتلاك العلاجات الخاصة لتلك الإصابات.

وخلال شهر تموز/يوليو المنصرم، بلغ عدد الإصابات بلدغات الأفاعي والعقارب السامة 168 حالة، فقط تم تسجيلها في المستشفى المركزي للمحافظة، كما قال العزاوي في تصريح لشبكة “رووداو” الإعلامية، وأضاف أن جميع الحالات تم احتواءها دون أي وفيات، لافتا إلى ارتفاع معدل الإصابات في الصيف بنسبة 60 بالمئة، خاصة في المناطق الريفية.

أما بخصوص أسباب هذا الارتفاع في حالات الإصابة، عزا العزاوي، ذلك الى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، وهذا ما اتفق معه علي الجبوري، وهو مزارع من محافظة ديالى، قائلا لموقع “الحل نت“، إن الأزمة المائية قد تسببت بوضع مأساوي في المحافظة لاسيما، وأنها تعتمد بمصادرها المائية على إيران بنسبة 80 بالمئة.

اقرأ/ي أيضا: اتفاق عراقي – تركي لتجاوز أزمة المياه

تفاقم الأزمة

على الرغم من أن تواجد الحشرات كالبعوض وغيره في المناطق الزراعية والريفية ليس بغريب، لكن مع ارتفاع حدة الجفاف فاقم من ظهور الأفاعي، والعقارب حتى باتت تزحف باتجاه المدن ومراكز القرى، حيث شهدت المحافظة ظهور أنواع من الأفاعي السامة غير المعهودة، مما خلق حالة من الذعر بين المواطنين.

واعتاد العراقيون على هذه الحالة كل صيف، لكن الجفاف الملحوظ الذي أصاب الأراضي الزراعية مؤخراً جعل من الحشرات، والقوارض تتسلل الى البيوت، أو تقترب من المناطق السكنية.

من جهته، عزا الجبوري، سبب ذلك إلى “الأزمة المائية التي تشهدها البلاد“، مشيرا إلى أنها “تسببت بقطع أرزاق شريحة واسعة من المواطنين الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة التي تضررت بالمحافظة بشكل غير مسبوق، نتيجة جفاف جميع مصادر المياه، لافتا إلى أن “ذلك الوضع انسحب بشكل ملحوظ على مستوى ظهور الحشرات، والحيوانات الضارة، والتي بدورها فاقمت من الوضع“.

ونتيجة لذلك، تلجأ المحافظة في الوقت الحالي إلى حفر الآبار لتعويض نقص المياه، لكن حتى الآبار العادية لم تعد تنفع في كثير من مناطق المحافظة، بحسب الجبوري، مبيّنا أن في الوقت الحالي، بدأ الجميع يتوجه إلى الآبار الارتوازية، والتي في طبيعة الحال تحتاج إلى تكاليف عالية لإنجازها“.

ولفت، إلى أن “محافظة ديالى تعد أكبر المتضررين بالأزمة المائية التي تشهدها البلاد، كونها تعتمد بشكل كبير على المياه النابعة من إيران، والتي قامت على تغيير مجراها من الأراضي العراقية إلى الداخلي الإيراني، وهذا يشمل الواردات المائية الواصلة من تركيا أيضا“، مبينا أن “المياه الواصلة من تركيا تأتي عبر جداول متفرعة من دجلة بالتالي أن دجلة في الأساس يعاني من انخفاض نحو 70 بالمئة، من منسوبه المائي لينعكس ذلك على حصة ديالى“.

اقرأ/ي أيضا: تجربة مصرية لمواجهة أزمة المياه في العراق

حجم الأزمة

الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة، حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، سامي ديماس، أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73 بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة، في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

يشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد “أليسو” قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهار، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

كما أن الرئيس العراقي برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات“.

ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، بحسب إحصاءات شبه رسمية.

خسارات العراق

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.

ما يجدر الإشارة له أيضا، أن مساحة الأراضي المتصحرة في العراق بلغت ما يقارب 27 مليون دونم، أي ما يعادل 15 بالمئة، تقريبا من مساحة البلد، وفقا لإحصائية أوردتها وزارة الزراعة في مطلع تموز/يوليو المنصرم.

اقرأ/ي أيضا: مُجدّداً.. أزمة المياه تُهدّد العراق رغم الأمطار الغزيرة وامتلاء الخزانات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة