هذه المرة تتعلق بملفات فساد، قبل أن كشفت في السابق عن مخططات لاقتتال. مسلسل التسريبات التي يشهدها العراق، يستمر بفضح ما يدور بين السياسيين خلف الستار.. فما الجديد هذه المرة؟

نشر الصحافي العراقي علي فاضل تسجيلا صوتيا جديدا منسوبا لرئيس حزب “الجماهير“، ومحافظ صلاح الدين السابق، أحمد الجبوري، المعروف بـ“أبو مازن“، جرى الحديث فيه عن صفقات مشاريع بالمليارات، وتقسيم المبالغ بين المستفيدين.

هذا التسريب هو الثالث لـ“أبو مازن“، إذ سبقه تسريبين أحدهما فيديو، يظهر فيه وزير الصناعة السابق صالح الجبوري، وهو يؤدي اليمين ويقسم على القرآن برهن الوزارة لرئيس كتلة “الجماهير“، النائب أحمد الجبوري، ما أثار ردود فعل واسعة دفع السلطة القضائية لاتخاذ إجراءات قانونية لتحقق من صحة الفيديو لإصدار الحكم لاحقا.

ذلك قبل أن ينشر ذات المصدر، تسجيلا صوتيا صوتي عن بيع وشراء مناصب للقضاة، وقد قام مجلس القضاء الأعلى في العراق بفتح تحقيق في التسجيل وإصدار بيان رسمي بخصوصه.

القضاء وفي بيانه قال إنه “في لقاء مع القاضي المختص في محكمة تحقيق الكرخ بخصوص التسريبات الصوتية التي يظهر فيها صوت محافظ صلاح الدين السابق عضو مجلس النواب الحالي أحمد الجبوري الملقب -أبو مازن-، أوضح القاضي المختص أنه بعد المباشرة بإجراء التحقيق والقيام بعدد من الإجراءات التحقيقية ومنها تدوين أقوال القاضي المذكور اسمه في التسريبات السيد خلف احمد تبين نتيجة إجراءات التحقيق“.

اقرأ/ي أيضا: “تسريبات المالكي“.. القصة كاملة

العراق وسياسة التضليل

نتائج التحقيق، وبحسب القضاء أثبتت أن “القاضي المذكور لديه قطعة أرض في محافظة صلاح الدين سبق وأن حصل عليها من الدولة بحكم منصبه الوظيفي، وقد عرض بيعها وقام أحمد الجبوري بشراء تلك الأرض عن طريق أحد العاملين معه المدعو محمد أبراهيم حمد الملقب -محمد الهجف- والذي سجلها باسم شقيقه وليد ابراهيم حمد“.

البيان بين أيضا، أن “المبلغ المستلم من القاضي المذكور هو ثمن قطعة الأرض المباعة، لكن التسجيل المسرب يقتطع بعض المقاطع من أصل التسجيلات الصوتية وإخفاء الباقي بقصد إثارة اسم القاضي بشكل وكأنه ارتكب فعل يخالف القانون، في حين أن الحقيقة هي غير ذلك تماما“.

أما بخصوص المواضيع الأخرى في التسريبات، فأن “التحقيق مستمر بشأنها للوصول للحقيقة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يرتكب فعل مخالف للقانون مهما كان عنوانه ومنصبه“، وفقا لإعلام القضاء.

غير أن في التسريب الثالث والجديد، يتحدث أبو مازن لشخص يدعى “بخت” ويطلب منه تحويل مبلغ 50 ألف دولار، أو على الأقل 30 ألف دولار، يريد أبو مازن أن يشتري بالمبلغ هدايا، يقول “إذا استلمت مبلغ مليار، حول المبلغ المطلوب، وإذا مستلم 4 (…)، الآن تحولي المبلغ وتتصل بي، وتنسق مع قصي، حتى أشتري الهدايا“.

فيما يظهر أحد المتصلين وهو يتحدث مع أبو مازن، الذي يلقبه بـ“الزعيم“، يشرح له تفاصيل أحد المشاريع، يقول: “المشروع كالآتي اتصلنا مع (سيد أركان) ومع (محمد الحلاوي) ومع (مهندس قاسم)، المشروع بمبلغ 24 مأخوذ منه 7 وبعد بيه صك بـ3 غير مصروف، وهذا الصك يصفي حساب (خاشع)“، مبينا “يبقى بالمشروع 14”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. المالكي يهاجم الصدر في تسريب صوتي ويتبرأ منه!

العراق وفساد المليارات

كما أضاف: “اتفقت مع (الحلاوي) أن يأخذ منها 7، ويعطينا 7، ومن ضمن الـ7 التي نحصل عليها المبلغ الخاص بي، الذي صرفوه قبل العيد، وهو كان خاصا بالمحولات القديمة، وأردنا أن نأخذ منه سيارات مصفحات للأعضاء ومحولات لمشروع الاستقطاعات، ولدينا التزام فيها“.

وتابع في هذا السياق: “اتفقنا أن الـ14 تكون صافية ليس لأحد فيها شيء، (خاشع) يكون حسابه بالصك المتبقي بـ3 وبعده غير مصروف، وقد أعلمت (سيد أركان) و(الحلاوي) بذلك، وتفاهمنا مع (مهندس قاسم) أن يصفي حساب (خاشع)، الـ14 المتبقية ليس لأحد فيها شيء، الوحيد أنا لي فيها المبلغ الذي صرف على مشاريع بالكهرباء، وهم المفروض يعيدوها لي من هذا المشروع لأنه لا يوجد غيره، وقد تم التفاهم بهذه الطريقة“.

بالمقابل، لم يعلق القضاء على التسريب الأخير، كما أنه لم يعلن أي نتائج أولية عن التحقيق بالملفات السابقة، والتي منها الملفات المنسوبة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، التي تمثل تهديدا للأمن المجتمعي.

تسريب المالكي امتد إلى 48 دقيقة، كان قد نشره أيضا الصحافي على فاضل وهو يتحدث عن حرب أهلية يحاول زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر إثارتها بين الشيعة.

التسريب الذي كشف عن اجتماع للمالكي مع قادة لميليشيا تسمى بـ “أئمة البقيع“، المسيطرة على مواقع حيوية بمحافظة ديالى شرقي العراق، سلط الضوء على حجم الكراهية والطائفية التي يفكر بها المالكي تجاه بقية المكونات والأطراف السياسية في البلاد، فضلا عن حجم الفساد داخل هيئة “الحشد الشعبي“.

وظهر خلال التسريب الذي كان يتحدث فيه المالكي، قوله إنه “ينوي لتسليح من 10-15 جماعة مسلحة استعدادا لمرحلة اقتتال طاحن في العراق“، كما وصفه.

العراق وخصومات السياسية

حضور قادة ميليشيا “أئمة البقيع” للاجتماع مع المالكي، كان هدفه استحصال الدعم المالي والغطاء القانوني من زعيم “ائتلاف دولة القانون” لـ 20 ألف مقاتل يعمل تحت إمرته في “أئمة البقيع“.

وعرض عليهم المالكي، أن يربطهم بـ “الحرس الثوري” الإيراني، وذلك في محاولة لتوفير الدعم لهم من إيران التي تدعم ميليشيات مسلحة أخرى، مثل “كتائب سيد الشهداء، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر“.

التسريب تخلله تجاوزات وإساءات كبيرة من قبل المالكي تجاه زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، والمرجعيات الدينية، فهي تصمت عما يحاول فعله الصدر بابتلاع الحكومة العراقية ومن ثم تسليمها إلى السنة والكرد، ضمن مشروع إسرائيلي-بريطاني، وبمحاولة لإبادة شيعة العراق، وفق المالكي.

ووصف المالكي، خصمه الصدر بـ “الجاهل والجبان“، واتهمه بالعمالة لصالح إسرائيل، الأمر الذي آثار ردود فعل صدرية غاضبة، فيما دعا الصدر نده إلى اعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه للقضاء.

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة“، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

اقرأ/ي أيضا: فضيحة تسريب أسئلة البكالوريا تؤجل امتحانات طلبة العراق 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.