حول إمكانية عقد القمة العربية، أو تأجيلها تتزايد التساؤلات، خصوصا مع اقتراب موعدها في الجزائر، والمقرر لها في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر القادم، وهذا لأن القمة تواجه العديد من القضايا الخلافية.

كان مجلس وزراء خارجية الدول العربية قد وافق بالإجماع في مارس/آذار من العام الماضي على عقد القمة العربية المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بعد تأجيلها ثلاث مرات متتالية (2020، 2021، آذار/مارس 2022) بسبب وباء كورونا، وبسبب النزاعات والأزمات العربية، إلا أن الجزائر أظهرت قدرا هائلا من الإصرار لاستضافة القمة في موعدها الأخير، ولكن الخلاف بين الجزائر، ومصر، والإمارات، على الملف الليبي، وكذلك الإصرار الجزائري على إعادة تفعيل مقعد دمشق في الجامعة، هل تكون الأسباب الرئيسية لتأجيل انعقاد القمة أو نقلها لبلد ثاني؟

هل يفسد الأسد القمة؟

لا تزال هناك حالة من “الشك”، و”الغموض” تحيط بالقمة المنتظرة بشوق في ظل خريطة عربية كاملة تحكمها، توترات واختلافات وتردد حول مجموعة من الملفات والقضايا، وأبرزها، أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركة الرئيس السوري، بشار الأسد هو التحدي الأكبر.

في هذا الصدد، يرجح الباحث المشارك في مركز “تحليل السياسات الإيرانية”، مصطفى النعيمي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه وفقا لمسار القمم العربية السابقة فإن القمة ستقام لكن ليس بمشاركة ممثلين عن دمشق، نظرا لأن القرار لم يتم التوافق عليه عربيا، وما زال الثقل العربي، وتحديدا موقف المملكة العربية السعودية ومصر معارضا لعودة تسليم كرسي جامعة الدول العربية لسوريا، لذا فإنه من المبكر الحديث عن تطبيق رغبات بعض الدول العربية المتمسكة بعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية، نظرا لأنه من المفترض أن تناقش الملفات العربية المتعثرة لاحقا.

من جهته، يشير الباحث السياسي، درويش خليفة، إلى أن الشخصيات الدبلوماسية بالجامعة العربية لا تزال تؤكد أن القمة حتى الآن بلا تاريخ محدد أو مبتوت لانعقادها، وعليه أنه قد تؤجل، أما بخصوص نقل مكان انعقادها، فهذا بحاجة لإجماع الأعضاء في اجتماع المندوبين المزمع عقده في أيلول/سبتمبر القادم.

وعن الأجندة التي ستناقشها القمة، يقول خليفة، إنه ما زالت الأجندة شبه غير متوافق عليها بالكامل، هناك أجندة متوافقة عليها وأخرى لا، كون الجامعة العربية باتت ضمن محورين يختلفون في الكثير من القضايا، ولكن في حال إصرار الجزائر على عودة دمشق، بالإضافة لعدم دعوتها للمغرب إلى القمة العربية نتيجة خلافات بين البلدين، فربما يتم تأجيل موعد انعقاد القمة الذي تصر عليه الجزائر نتيجة مصادفته لذكرى استقلالها.

وتصر الجزائر، بصفتها الدولة المضيفة، على دعوة دمشق، وهو ما أكده عبد الحميد عبداوي، المدير العام للاتصال والإعلام بوزارة الخارجية الجزائرية، في تصريحات صحافية سابقة، بقوله إن “بلاده ستطرح مجدداً دعوة سوريا إلى المشاركة في القمة العربية المقبلة، وذلك خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، المقرر في شهر أيلول/سبتمبر المقبل”.

وبحسب النعيمي، فإنه ربما البحث عن المصالح العربية يتطلب فتح ثغرات من أجل إعادة بعض الدول التي شهدت “احتجاجات خلال السنوات السابقة” إلى مكانتها العربية، خاصة وأن هنالك معارضة دولية كبيرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تمثل ضابط إيقاع التفاعلات الدولية.

لماذا قد يتغير مكان القمة؟

المفارقة أن التحديات التي تواجه القمة العربية مرتبطة بطبيعة التحركات الدبلوماسية الجزائرية، وتنبع أهمية القضايا الخلافية، من أن الأمر لا يقتصر على المخاوف من اندلاع الخلافات حول هذه القضايا خلال القمة، بل هناك بعض القضايا، والخلافات التي ينبغي حلها قبل القمة، لأن عدم الاتفاق عليها أو على الخطوط العريضة لمعالجتها قد يعرقل عقد القمة.

قمة الجزائر تواجه العديد من الموضوعات الشائكة مثل الخلاف حول ليبيا، بين مصر، والإمارات من ناحية والجزائر، من ناحية أخرى، حيث كانت القاهرة، تدعم الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي يحكم الشرق الليبي، بينما كانت الجزائر، أميل لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا القائمة في طرابلس، مع توتر علاقتها مع حفتر الذي سبق أن هاجم الجزائر.

ومن الموضوعات التي قد تكون مؤثرة على القمة، القضية الفلسطينية، وبينما البنود التقليدية الداعمة للقضية الفلسطينية، ليست محل خلاف، ودائما المشكلة في تطبيقها، إذ قد تظهر إشكالية إذا دفعت الجزائر بقرار لإدانة عملية التطبيع الجارية، ومن المرجح قد تفعل ذلك من منطق تأييد حقوق الشعب الفلسطيني، أو نكاية في المغرب، وقد يؤدي ذلك إلى تحفظات من قبل الإمارات، والبحرين اللتين أبرمتا اتفاقا مع إسرائيل، وحتى مصر، والأردن الدولتين اللتين لديهما معاهدات سلام مع إسرائيل منذ عقود.

وتظل مسألة عودة سوريا للجامعة العربية، هي واحدة من أكثر المسائل الإشكالية في قمة الجزائر، ويتحدث البعض عن أن هذا الملف لا يهدد فقط بإشعال خلافات داخل القمة بل يهدد مسألة عقدها. فمن المعروف أن مجلس الجامعة العربية، لم يجمد عضوية سوريا لديه، ولكنه علق مشاركة دمشق في أنشطة الجامعة، وذلك اعتبارا من 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2011.

وتعد الجزائر، أكثر الدول العربية حماسا لعودة دمشق، للجامعة العربية، والتي تصطدم مع وجهة النظر العربية الرسمية التي تتبناها الجامعة العربية وسبق أن أشارت إليها مصر، هي أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، يجب أن ترتبط بتنفيذ اتفاقيات جنيف 1 و2 التي رعتها الأمم المتحدة، وشاركت بها روسيا والغرب، والتي تتضمن صياغة دستور سوري جديد يسمح بدور للمعارضة في الشؤون السياسية للبلاد.

وليس من الواضح في هذه المرحلة أين ستمضي الجزائر في إصرارها على إثارة مسألة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وما إذا كانت ستصر على حضور سوريا القمة، أو تضع الدول العربية، والجامعة أمام الأمر الواقع من خلال السماح لدمشق بإرسال ممثل عنها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.