مع تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية على مواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا، اتبعت إسرائيل مؤخرا استراتيجية عسكرية جديدة، تمثلت بالتركيز على قصف المطارات في دمشق وحلب، وذلك بهدف منع إيران من استخدام هذه المطارات لنقل شحنات الأسلحة، في حين تحدث محللون عن رسائل تريد إسرائيل توجيهها لأطراف عدة من وراء هذا التصعيد.

علاقة الملف النووي

التصعيد الإسرائيلي تصاعد مؤخرا، في ظل عرقلة الاتفاق النووي الإيراني، حيث تضغط تل أبيب، لوقف برنامج إيران النووي، إذ يؤكد خبراء أن إسرائيل لن تدخر جهدا بما فيه الجهد العسكري، لتكون هي الدولة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط.

وبالعودة إلى تكتيك قصف المطارات السورية، فقد أعلنت وزارة الخارجية السورية، أن القصف الإسرائيلي الأربعاء الفائت، أخرج المطار عن الخدمة، كما أصدرت بيانا، طالبت خلاله  المجتمع الدولي بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية باعتبارها “خرقا متعمدا ومتكررا لسيادة سوريا“.

وأوضحت خارجية دمشق، أن الهجوم الإسرائيلي تسبب بـ“إصابة المهبط بأضرار جسيمة، تسببت بخروجه عن الخدمة، وتدمير محطة المساعدات الملاحية وتجهيزاتها بالكامل وخروجها عن الخدمة“.

وبحسب البيان، فإن القصف الإسرائيلي، “تسبب بوقوع خسائر مادية، من ضمنها تدمير محطة المساعدات الملاحية وجهاز قياس المسافات في مطار دمشق الدولي وخروجها جميعها عن الخدمة“.

استمرار التصعيد

المختص في الشؤون الإسرائيلية، د.طارق فهمي، يرى أن إسرائيل تسعى لتسجل حضور مباشر في الملف السوري، وذلك في إطار الحرب مع إيران للضغط عليها في الملف النووي، وتأكيدا على أن القوات الإسرائيلية لن تتوقف عن استهداف المواقع والشحنات الإيرانية.

ويقول فهمي في حديث خاص مع “الحل نت“: “بالتأكيد الاستهدافات الإسرائيلية نحو المطارات السورية وخصوصا دمشق وحلب، جاءت لتحييد القدرات السورية في أي مواجهة، واختبار القدرات الدفاعية أو منظمات الدفاعية السورية، كذلك لتوجيه رسالة إلى واشنطن بأن إسرائيل لن تتوقف عن مهاجمة إيران“.

ويضيف: “الاستهداف جاء أيضا لاختبار القدرات الدفاعية في سوريا، ورسالة مباشرة لإيران، بأن الهجوم مستمر ولن يتوقف، سواء في المطارات أو في المواقع الأخرى المختلفة، العمليات لا تستهدف فقط مخازن الأسلحة والتحركات، بل هي تكتيك استراتيجي لتحجيم دور إيران العسكري في سوريا“.

ويعتقد فهمي أن إسرائيل تدخل في مواجهة، لترتيب أولوياتها الأمنية والاستراتيجية، كذلك لرسم خطوطها الحمراء، في التعامل مع الوجود الإيراني، ويوضح قائلا: ”هذا التصعيد الدوري يتم بسياقات معينة جزء منه مرتبط بأداء المستوى العسكري في إسرائيل“.

قد يهمك:بين إسرائيل وتركيا.. ما الذي تريده موسكو من دمشق؟

ويشير فهمي إلى احتمالية وصول التصعيد إلى حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، ويختم حديثه بالقول: “ليس غريبا أن تشتعل جبهة سوريا مقابل تهدئة في قطاع غزة، لكنها ستمتد بطبيعة الحال إلى مسار عمليات أخرى ربما إلى داخل إيران، وذلك في إطار ممارسة إسرائيل وأجهزة معلوماتها، في عمليات اغتيال ومحاولة تعطيل البرنامج النووي الإيراني“.

بحسب تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط“، فإن الاستهداف الإسرائيلي الذي جرى الأربعاء، هو الاستهداف الـ23 على الأراضي السورية خلال عام 2022، وهذا ما يعطي مؤشرا بحسب مراقبين على أن إسرائيل ماضية في تصعيدها ضد النفوذ الإيراني في سوريا.

منع وصول أسلحة متطورة

من جانبه يرى الباحث السياسي عصام زيتون، أن القصف الإسرائيلي يهدف كذلك إلى منع وصول أي أسلحة متطورة إلى الميليشيات الإيرانية في سوريا، وذلك في إطار إبعاد التهديد الإيراني عن الحدود الإسرائيلية.

ويقول في حديث مع “الحل نت“: “السياسة الإسرائيلية واضحة بمنع وصول أسلحة معينة، على رأسها طائرات الدرون وأجهزة توجيه الصواريخ الدقيقة، ويبدو أن إسرائيل لديها شبكة استخبارات قوية تمنحها المعلومات“.

ويضيف: “يمكننا أيضا التحدث عن رسالة موجهة للروس، بفشل ذريع للدفاعات الجوية الروسية في التعامل مع الغارات الإسرائيلية، أعتقد أن كل غارة يمكن أن تتطور لحرب في حال قررت إيران الرد“.

من جانبها نشرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، صورا لأقمار صناعية أظهرت الأضرار التي لحقت بمطار حلب الدولي بعد أن تعرض لغارة جوية إسرائيلية قبل أيام.

الصورة أظهرت منطقة محترقة بالقرب من نهاية المدرج، حيث تم استهداف المدرج حينها قبيل هبوط  طائرة إيرانية خاضعة للعقوبات الأميركية بحسب بيانات خدمات تتبع الرحلات الجوية.

وبحسب مراقبين لـ“الحل نت” في وقت سابق، فإنه لا يوجد وقت محدد للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، خاصة في سوريا، فالطائرات الإسرائيلية لم تتوقف أبدا عن استهداف المواقع الإيرانية ومواقع “حزب الله” اللبناني في سوريا، وهي تملك الضوء الأخضر للعمل بحرية في سوريا، من قبل الأميركيين والروس.

ولفت المراقبون، إلى أن إسرائيل تخوض حربا متعددة الأوجه ضد إيران وحتى في العمق الإيراني، من خلال اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين، أو من خلال هجمات سيبرانية وإلكترونية قادرة على تعطيل العمل بالمنشآت النووية الإيرانية، أو القيام بعمليات تخريب في بعض المنشآت من خلال عملاء وجواسيس تابعين لها داخل إيران.

مرحلة الجديدة من التصعيد؟

في وقت سابق من نهاية الشهر الفائت، استهدف قصف صاروخي إسرائيلي، مواقع في محيط مدينتي حماة وطرطوس في غرب سوريا، في مناطق طريق وادي العيون غرب مصياف ومنطقة البحوث العلمية، ومنطقة السويدة جنوب شرقي مصياف ومنطقة الجليمة أيضا، حيث توجد مقار ومواقع عسكرية ومستودعات للأسلحة والذخائر تابعة للميليشيات الإيرانية، وجرى تدمير أسلحة وذخائر، بينما اندلعت النيران بمناطق في ريف مصياف على خلفية القصف الإسرائيلي وصواريخ الدفاع التي حاولت التصدي للهجوم الجوي.

الاستهداف الإسرائيلي في محيط طرطوس التي تعتبر قاعدة لروسيا، يعتبر مؤشرا بارزا، إزاء ما يتعلق بطبيعة الغارات الإسرائيلية على المناطق السورية، والمرحلة الجديدة من التصعيد فالجانب الروسي لم يعلق على الغارتين؛ في الوقت الذي زادت إسرائيل من تصعيدها ويفترض أنها تراعي عدم الاحتكاك مع الروس.

إيران لا تريد الحرب

بحسب العديد من التقارير الصحفية التي اطلع عليها “الحل نت“، فإن المسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تردد باستهداف إيران وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.

وخلال السنوات السابقة، اعتمدت إسرائيل نهجا قائما على تنفيذ غارات جوية وصاروخية على مواقع هذه الميليشيات وعلى شحنات الأسلحة، لكن ومع التمدد الإيراني الكبير في سوريا والتوتر بين الطرفين، بات من الممكن أن تتحول سوريا لساحة حرب كبيرة بينهما، ولكن حتى الآن لم تحصل أي ردود إيرانية ضد إسرائيل ما يدفع بالتساؤل حول هذا الصمت الإيراني عن تلقي الضربات الإسرائيلية.

إقرأ:تهديدات إيرانية لواشنطن بسبب إسرائيل.. أكاذيب وأوهام طهران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة